من عادات عدة مدن بمنطقة سوس تنطيم ما يطلق عليه مهرجان بوجلود أو ما يسمى بالأمازيغية «بيلماون» وهو عبارة عن طريقة خاصة للاحتفال بعيد الأضحى، بحيث يقوم عدة شبان بارتداء جلود الأضحية من الأغنام والمعز بغية أحداث جو تطبعه طقوس احتفالية يكون الهدف منها جمع النقود لتمويل الموسم الذي يقام بهده المناسبة وذلك حسب خصائص كل منطقة من المناطق بهذه الجهة. وتقول مصادر عليمة إن هذه الظاهرة تعود جذورها إلى سنوات خلت حيث يقوم الرجال بلبس جلود الأضاحي لأحداث الفرجة للنساء والأطفال بالرقص وتقمص شخصيات بارزة محليا ووطنيا، لكن في الآونة الأخيرة أصبحت بعض الأمور الدخيلة تغزو هدا التقليد خاصة بعد أن اتخذها بعض المنحرفين فرصة لابتزاز النساء وسرقة حليهن وأموالهن. وأضافت هذه المصادر أن بعض الجمعيات المحلية تسعى للحد من هذه الأحداث بفرض ضوابط أهمها. ضرورة انخراط لابسي الجلود ضمن جمعيات ووضع «بادج» بعد أداء رسم مقداره 80درهما مساهمة في تكاليف الموسم. وأكدت أن هذه الظاهرة عرفت تراجعا ملفتا خاصة بعد أن تم منعها في بعض المناطق العامة والطرق الرئيسية، مما أدى ببعض الشباب المتشبثين بها والذين يعتبرونها ضمن الإرث الثقافي إلى التواري داخل الأحياء الشعبية والهامشية، فاقتصرت هذه التظاهرة على أبناء بعض الإحياء بالمدن القديمة والعارفين بمناطق انتشارها رغم أن جمعيات دأبت على إقامة موسم بساحة المشور بمدينة تيزنيت وهو موسم «امعشار» الذي أصبح له صيت وطني، حيث يتم تقديم لوحات فنية هامة تمزج بين الثقافة الأمازيغية والأهازيج الإفريقية. وكلن يقام ذلك بمدينة تارودانت باعتبارها ذات زخم تاريخي وثقافي ومحطة هامة من تاريخ الدولتين الموحدية والعلوية. وهناك من يشبه سكان هذه المدينة بالفسيفساء، باعتبارهم خليطا من سكان أصليين وزنوج من أصول القوافل التجارية لإفريقيا وعبيد البوخاري في عهد مولاي إسماعيل حسب ما ذهب إليه بعض المؤرخين، مما أعطى بعدا آخر لعادات «بيلماون»وإن بقيت غير منظمة ويطغى عليها الطابع الحماسي والتلقائي، حيث تلتئم في أوقات معينة داخل الساحة المعروفة باسراك، كما يطغى على الطابع الاحتفالي ما يطلق عليهم ايسمكان أو كناوة بحيث أصبح الكثير يتفنن في رقصاتهم بحيث تعتبر الموسيقى الكناوية وموسيقى الجاز ثقافة زنجية محضة فرضتها ظروف عاشها الزنوج في العديد من بقاع العالم. والآن تعتبر مدينة الدشيرة الجهادية بعمالة انزكان ايت ملول عاصمة بوجلود أو بيلماون بدون منازع بعد أن تم الحد من الاحتفال بهذه التظاهرة في العديد من المناطق الأخرى. وتعمل الجمعيات الموجودة بالدشيرة على تنظيم مثل هذه المهرجانات وقد تأسست جمعية خاصة لهذا الغرض وهي جمعية «تكمي أوفلا» حيث يتم الاحتفال بساحة أمام مسجد تكمي أوفلا. وتساهم الجهات المسؤولة بمدينة الدشيرة في دعم مثل هذه التظاهرات إلى جانب أبناء المدينة المتشبعين بهذا التقليد الذي فرض نفسه، وتستمر هذه التظاهرة لمدة 3أيام وهي بمثابة أيام احتفالية، حيث تجوب مسيرات أهم أحياء وشوارع المدينة. وتؤكد جمعيات أن «بيلماون» تقليد بمنطقة سوس يجب الحفاظ عليه وصيانته من الشوائب التي تجعل بعض الدخلاء يسيئون إليه، وعلى أبناء المنطقة المطالبة بجعله إرثا ثقافيا عالميا تحتضنه منظمة «اليونيسكو» كباقي التظاهرات العالمية. جريدة العلم 25/11/2009