قبل 03 سنوات تم الإقرار الدستوري برسمية اللغة الامازيغية حيث تضمن الفصل الخامس "…تعد الامازيغية أيضا لغة رسمية للدولة باعتبارها رصيدا مشتركا لجميع المغاربة بدون استثناء. يحدد قانون تنظيمي مراحل تفعيل الطابع الرسمي للامازيغية وكيفيات إدماجها في محال التعليم وفي مجالات الحياة العامة ذات الأولوية وذلك لكي تتمكن من القيام مستقبلا بوظيفتها بصفتها الرسمية…" هذا الإقرار الذي جاء نتيجة نضال طويل للفاعلين الجمعويين والحقوقيين المدافعين عن الثقافة الامازيغية و ساهم الحراك المغربي ممثلا في حركة20 فبراير 2011 في تسريع وثيرة تحقيق هذا المطلب المشروع. بعد03 سنوات ليس هناك ما يدل على وجود إرادة سياسية حقيقية لتفعيل هذا المقتضى الدستوري رغم بعض المحاولات المحتشمة لاقتراح مشاريع قوانين تنظيمية في هذا الإطار ولكنها انتهت كلها إلى سلة المهملات… هذا الوضع تؤكد ما ذهبت إليه الكثير من التحليلات من أن بعض المقتضيات المتقدمة في دستور 2011 كانت مجرد مسكنات في انتظار مرور العاصفة. هذا الوضع يؤشر أيضا على أن المد المحافظ في المجتمع المغربي مازال سيد الموقف وان أمال بناء تجربة مغايرة في التحول السياسي الديمقراطي لا تزال حلما بعيد المنال. كان مفروضا أن تقوم الحكومة وأحزابها بدورها الدستوري في اقتراح مشروع قانون تنظيمي لتفعيل الطابع الرسمي للامازيغية يكون كأرضية لنقاش مجتمعي عام يشارك فيه مختصون وخبراء وفاعلون سياسيون لإيجاد حلول حقيقية لكل المعيقات التي تمنع الامازيغية من القيام بدورها كلغة رسمية في المجال العمومي المغربي. مما جعل رئيس الحكومة أثناء تقديم حصيلة حكومته في نصف ولايتها أمام البرلمان يوم 08 يوليوز لم يجد ما يقدمه في هذا المجال غير كلام إنشائي مكرر وهو "… أن الحكومة ماضية في تدعيم التنوع الثقافي ببلادنا والإسراع في إخراج القانون التنظيمي لتفعيل الطابع الرسمي للامازيغية وفق مقاربة تشاركية واسعة باعتبار الامازيغية رصيدا مشتركا لجميع المغاربة…" وهو ما يعني عمليا أن لاشيء في الأفق المنظور غير الكلام المعسول… وان تفعيل الطابع الرسمي للامازيغية وتعويضها عن سنوات التهميش التي عانتها ليس من أولويات الحكومة الحالية حيث اقتصر الأمر لحد الآن على مجرد كتابة أسماء بعض الإدارات والوزارات والمؤسسات العمومية بحرف تيفيناغ وكان هذا هو كل نصيب الامازيغية من الفضاء العمومي. هذا التأخير في تفعيل مضمون الفصل الخامس يسائل كذلك أطرافا أخرى خاصة الفاعلون الجمعويون والسياسيون المعنيون بالدفاع عن الطابع المتعدد للهوية والثقافة المغربيتين والذين التزموا صمتا غير مفهوم كما لو أن أقصى مطمحهم كان هو الإقرار الدستوري برسمية الامازيغية… ولو مع وقف التنفيذ. اعتقد أن هذا الموضوع ووفقا للصيغة لتي وردت في الدستور "…الامازيغية …باعتبارها رصيدا مشتركا لجميع المغاربة بدون استثناء." لا يجب أن يكون مجالا للمزايدة السياسية بين مختلف الأطراف بل مجالا للتعاون والتشارك المؤسس على قواعد علمية وفكرية واضحة بهدف إنصاف وإعادة الاعتبار للغة وطنية تعرضت للتهميش فترة زمنية طويلة .