إن فشل عملية إدماج الامازيغية في التعليم نتيجة منطقية للمقاربة" الارتجالية" التي اعتمدتها الوزارة الوصية منذ10 سنوات بعدم توفير الموارد البشرية والمادية الضرورية لإنجاح هذه العملية التاريخية فرغم كل الخطابات الإنشائية التي كررها مسؤولو القطاع مركزيا و جهويا و إقليميا عن هذا المشروع إلا أن الممارسات على ارض الواقع تتناقض تماما مع الخطاب كما أن الحصيلة بعد 10 سنوات تؤكد أن لاشيء تحقق وان هناك غياب لإرادة سياسية حقيقية وان الوزارة الوصية لا تمتلك إستراتيجية مندمجة لإنجاح عملية الإدماج. فقد تضمنت الوثيقة التي تم انجازها من طرف اللجنة الوزارية المكلفة بوضع تصور منهاج اللغة الامازيغية في بداية الألفية الحالية المبادئ التالية: - تعميم تعليم الامازيغية على جميع المتمدرسين المغاربة في مجموع التراب الوطني. - تعميم تدريس الامازيغية في مختلف الأسلاك التعليمية. - جعل مادة اللغة الامازيغية خاضعة للتقويم والتتبع على غرار باقي المواد الدراسية. - العمل على التوحيد التدرجي للغة الامازيغية. وهذا لغايات حددتها الوثيقة نذكر منها: - تقوية الوعي بالذات المغربية ومقومات الشخصية الوطنية قصد تنمية ملكات الإبداع انطلاقا من الذات والخروج من التبعية الفكرية وترسيخ روح المواطنة المغربية. - تمكين المتعلمين من الإلمام بالبعد الامازيغي للثقافة والحضارة المغربيتين مع التفتح على الثقافات والحضارات الأخرى والتعامل ايجابيا مع المستجدات العلمية والتكنولوجية. - تمكين الثقافة واللغة الامازيغيتين من لعب دورهما كاملا في التنمية المحلية والوطنية. - تدريس اللغة الامازيغية باعتبارها لغة التواصل اليومي والإبداع الثقافي مما يقتضي مراعاة حاجيات وتحولات المجتمع المغربي الحديث مع الحفاظ على الحمولة الثقافية والحضارية للغة." و بتاريخ 26يونيو 2003 تم توقيع اتفاقية شراكة بين وزارة التربية الوطنية والتعليم العالي والبحث العلمي والمعهد الملكي للثقافة الامازيغية تهدف لبلورة برنامج مشترك لإدماج اللغة والثقافة الامازيغيتين في البرامج والمناهج الدراسية . وعلى امتداد السنوات العشر أصدرت وزارة التربية الوطنية مذكرات سنوية لتنظيم هذه العملية نذكر منها على سبيل المثال: - المذكرة رقم 108 بتاريخ01 شتنبر2003 حول إدماج اللغة الامازيغية في المسارات الدراسية. - المذكرة رقم82 بتاريخ 20 يوليوز2004 حول تنظيم الدورات التكوينية في بيداغوجيا وديداكتيك اللغة الامازيغية. - المذكرة رقم 130 بتاريخ 12 شتنبر 2006 حول تنظيم تدريس اللغة الامازيغية وتكوين أساتذتها. - المراسلتين الوزاريتين بتاريخ 20شتنبر 2012 و09 أكتوبر 2013 حول تسريع وتيرة تعميم تدريس الامازيغية. أما على مستوى الجامعة فقد أنشئت بعض المسالك بجامعات اكادير وفاس ووجدة والرباط وهمت الإجازة والماستر إلا أن الإشكال الرئيسي يبقى هو غياب أساتذة متخصصين في اللغة والثقافة الامازيغية إذ تتم الاستعانة بأساتذة من شعب أخرى لتغطية الخصاص أو اللجوء إلى اطر خارج الجامعة. كما أن الأفاق المستقبلية لخريجي هذه المسالك مازال يطرح مشاكل في ظل غياب رؤية سياسية واضحة فهناك من جهة خصاص في الموارد البشرية القادرة على تدريس اللغة و الثقافة الامازيغية وبالمقابل هناك أفاق مسدودة أمام خريجي مسالك الإجازة والماستر في نفس التخصص. كما أن هناك عدم إحداث مسالك للدكتوراه على مستوى الجامعات المعنية وكذا بكلية علوم التربية. وإجمالا يمكن رصد الملاحظات التالية بصدد عملية إدماج الامازيغية في التعليم: - إن انطلاق عملية إدماج الامازيغية في المدرسة تم بدون توفير الأرضية الملائمة لذلك فلم تسبق العملية أو تواكبها حملات تحسيسية داخل المؤسسات التعليمية وفي محيطها لتعبئة الجميع من مؤطرين و مديرين ومدرسين وجمعيات الآباء للانخراط بشكل ايجابي في تسهيل عملية الإدماج . - عدم تخصيص أي اعتماد مالي لدعم عملية الإدماج ولتوفير الشروط الملائمة إداريا وتربويا مما يؤدي إلى تراجع تدريس الامازيغية بدل تحقيق التقدم المطلوب في اتجاه التعميم. - غياب تتبع مستمر للعملية من طرف الإدارة المركزية باعتبار تدريس الامازيغية عملية وطنية وهو ما أفضى إلى وجود تفاوتات كبيرة بين الأكاديميات والنيابات في حصيلة الإدماج التي أصبحت رهينة لمدى انخراط وتفهم المسؤولين الجهويين والإقليميين وليس تنفيذا إلزاميا لقرار وطني. - كما أن الطريقة التي تم بها تدبير التكوينات الخاصة بإدماج الامازيغية لم تساعد في تمثل الأبعاد الحضارية والإستراتيجية لهذه العملية نظرا لضيق الوقت المخصص لها( 5 أيام) وكذا لتوقفها منذ 2007. - غياب تقويم مادة الامازيغية داخل الفصل الدراسي ما جعلها تبدو كمادة اختيارية مما ينعكس سلبا على انتشارها خاصة أن حصة الامازيغية لا تتعدى 3 ساعات ضمن الجدول الزمني للتلميذ. - الضرورة ملحة لبلورة إستراتيجية مندمجة بهدف تعميم اللغة الامازيغية في التعليم أفقيا وعموديا مع توفير الموارد البشرية والمادية الضرورية تحت إشراف هيكل إداري وطني داخل الوزارات الوصية وبامتدادات جهوية وإقليمية مع إسنادها بالإطار القانوني المرتكز على ما جاء في دستور يوليوز 2011.