Ahdath.info على بعد أسابيع قليلة من انعقاد المؤتمر الحادي عشر للاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، بدأت تظهر بعض من ملامح هذه المرحلة المفصليةالتي ستحسم في هوية وشكل الاتحاد ما بعد مؤتمره المرتقب عقده نهاية يناير 2022. وفي هذا الإطار كشف وثيقة مشروع الأرضية التنظيمية التي سيتم طرحها على المؤتمرين عن سعي الحزب إلى خلق نموذج تنظيمي جديديتماهى مع السيرورة التنظيمية التي عاشها الاتحاد طيلة عقود، وصنعت حزبا سياسيا يساريا، ديمقراطيا، منظما، يسهر على تأطيرالمواطنين، ويفرز النخب والكفاءات، ويبلور المشاريع، ويتخذ المبادرات، سواء من موقع المعارضة أو الحكومة. و بالعودة الى مشروع الارضية التنظيمية التي تؤكد أن الاتحاد الاشتراكي وعلى امتداد أكثر من ستين سنة، من إبداع صيغ وآليات كانتكفيلة بتحقيق الاتحاد ذاك التوازن الضروري بين المناعة الذاتية والانفتاح المجتمعي، بين النضالي الميداني والكفاءة المعرفية، بين الوجود فيالحكومة والمعارضة، وجعلته منيعا أمام التقلبات التي عصفت بالكثير من الأحزاب اليسارية في العالم. وتماشيا مع الادبيات الحزبية، تؤكد الأرضية على أن الاتحاد الاشتراكي مدعو اليوم أكثر من أي وقت مضى الى الاستثمار الأمثل لكلطاقاته الفكرية وخبراته الميدانية، من أجل تحديث هياكله وآليات اشتغاله، حتى تظل متجاوبة مع تطلعات الأجيال الصاعدة في المجتمعالمغربي، وتتماهى مع الأنماط الجديدة للمشاركة المواطنة، ومع الأساليب الحديثة في التأطير الحزبي والتعبئة السياسية. وهذا يعني أن الحزب مدعو لتغيير الآليات والأساليب التنظيمية القديمة بأخرى عصرية كفيلة بتوسيع مشاركة القواعد الحزبية، وتثمينالكفاءة والمردودية، وربط المسؤولية بالمحاسبة تماشيا مع أصبحت تفرضه مختلف التحولات المجتمعية والتكنولوجية، التي ما فتئت تؤثر الأثرالبليغ في الكثير من الأنماط التنظيمية المؤطرة للفعل السياسي. و حسب مشروع الوثيقة المذكورة، فانه لتجاوز الأعطاب التنظيمية، التي كان قد تحدث ادريس لشكر، الكاتب الأول للحزب، في كلمته أمام المجلس الوطني المنعقد في 20 نوفمبر 2021 ، تم الإجماع على أن الكثير من أساليب التنظيم وآليات اشتغاله أصبحت اليوم متجاوزة وعديمة الفعالية بفعل تطورات المنظومة السياسيةببلادنا، وأيضا بفعل التحولات التي طرأت على مفاهيم الالتزام السياسي والتواصل المؤسساتي والتعبئة النضالية. وهو ما يفرض، تضيف ذات الأرضية، تحديث مفهوم العضوية في الحزب، وكذا وظائف وبرامج أجهزته المجالية، بشكل يمنح للحزب وظائفميدانية واضحة، وبرامج تعاقدية قابلة للتنفيذ والمساءلة، كما تمكنه من التوفر على ميزانيات مرصودة، ومواصفات لائقة بالعمل المؤسساتي. هذا التحديث المؤسساتي والتنظيمي، يضيف ذات المصدر، يستلزم في المقام الأول توفر الحزب على خصائص مؤسساتية تمنحه القدرة علىالوصول الى قطاعات واسعة من المجتمع، وبناء قاعدة شعبية صلبة في عدة مواقع مجالية، كما تمكنه من أداء وظيفي فعال يمكنه من التعبيرعن مصالح المواطنين وتأطيرهم. ولأن التنظيم وسيلة للفعل السياسي في المجتمع وليس غاية في ذاته، فإن الورقة تقترح أن يتحرر الاتحاد من النزعة الجهازاتية، ممايستدعي تخفيفا لمظاهر الثقل المكتبي والتنميط الجهازاتي، ووضع إطار تنظيمي يعطي مكان الصدارة للأجهزة التقريرية اكثر من التنفيذية. كما تقترح الورقة، في نفس السياق، أن يقطع النموذج التنظيمي الجديد مع الثنائية المفتعلة بين المناضل الحزبي والفاعل الانتخابي، وكذاالازدواجية المصطنعة بين المناضل والكفاءة، في أفق خلق بنيات استقبال داخل التنظيمات الحزبية تكون مفتوحة لكل الكفاءات، من أجلإنجاز المهام المتعلقة بإعداد السياسات القطاعية والتقارير التشخيصية على صعيد الجهات والاقاليم. وهو النموذج التنظيمي الجديد يوضح مشروع الوثيقة التنظيمية احزب الاتحاد الاشتراكي، لن يتم بدون استحضار الإمكانات الهائلة التيأصبحت تتيحها الثورة الرقمية لفائدة الأحزاب السياسية في مجالات التنظيم والتعبئة والتواصل، وما تتيحه التكنولوجيا الرقمية من مزاياالسرعة والفعالية والشفافية في إنتاج المعلومة ومعالجتها وتخزينها وتقاسمها.