ينتظر أن تبدأ أربع شركات أجنبية في تصوير أربعة أفلام سينمائية كبرى، بمناطق وسط المملكة من ضمنها مدينتا ورززات ومراكش. ويأتي هذا القرار بعد منح الضوء الأخضر لفتح المجال أمام الشركات العالمية العاملة في مجال السينما، لمعاودة نشاطها بالمملكة، بعد فترة توقف فرضتها إجراءات جائحة كورونا. وكانت جائحة كورونا قد أثرت في القطاع السينمائي المغربي بشكل كبير، وأدت إلى تعليق تصوير الأفلام، ومنها الأعمال الأجنبية، حيث تم تعليق عدد من الإنتاجات الأجنبية التصوير، وأجلت صناعها بعد ارتفاع الإصابات بفيروس كورونا في المغرب، من بينها "The Forgiven" للمخرج البريطاني جون ميخائيل، بطولة رالف فاينس وجيسكا شاستن. ويملك المغرب تاريخاً طويلاً في مجال تصوير الأفلام الأجنبية، منذ إنشاء المركز السينمائي المغربي سنة 1944، وهو من أقدم المؤسسات الرسمية في العالم المخصصة لتنظيم القطاع السينمائي. وحظي المغرب باهتمام المنتجين الأجانب منذ عشرينيات القرن الماضي. وكان الفيلم الفرنسي "مكتوب- écrit" لكل من جان بانشون ودانيل كنتان أول الانتاجات السينمائية المصورة في طنجة سنة 1919، غير أن تصوير ألفريد هيتشكوك لفيلمه "الرجل الذي يعرف أكثر من اللازم - The Man Who Knew Too Much" سنة 1955، واختيار دافيد لين مدينة "ورزازات" لتصوير "لورانس العرب" سنة 1962، منح المغرب مكانة عالمية، وأصبح على قائمة مواقع التصوير المفضلة لشركات الإنتاج الكبرى. وشهدت مواقع التصوير المغربية أعمالاً لكبار المخرجين ونجوم هوليود والسينما الفرنسية، مثل ريدلي سكوت، وجون هيوستن، ومارتن سكورسيزي، وأوليفر ستون، وتوم هانكس، وليوناردو ديكابريو، وبراد بيت، ونيكول كيدمان، وصوفيا لورين، وغيرهم الكثيرون. واليوم يعتبر المغرب حسب موقع "فاريتي" الأميركي، أهم وجهة عربية لتصوير الأفلام، فيما صنفته صحيفة "الغارديان" البريطانية في المرتبة الثانية بصفته أفضل وجهة عالمية للتصوير في 2015. وبعد تدشين استوديوهات "سينيسيتا" سنة 2005 بمدينة "ورزازات" ووضع عدد من القوانين والتشريعات لتنظيم قطاع السينما بالمغرب، بدأت عائدات الأفلام الأجنبية ترتفع وتسهم في الحركة الاقتصادية، وفي ترويج الصورة السياحية والثقافية للبلاد. وحقق المغرب في هذا السياق، بحسب إحصاءات المركز السينمائي المغربي، نسقاً تصاعدياً على مستوى العائدات، فكانت أرباحها سنة 2014 من تصوير 38 فيلماً أجنبياً نحو 11 مليون دولار، فيما بلغت عائدات سنة 2017 قرابة 48 مليون دولار، ووصلت هذه العائدات إلى 60 مليون دولار في عام 2018. وكان لتعديلات بعض قوانين الاستثمار في هذا المجال عام 2017 تأثيرها الإيجابي، إذ منحت الدولة مزيداً من التسهيلات للمنتجين العالميين، منها تخفيض 20% على الرسوم الجمركية، وعكس ذلك تطوراً في حجم الاستثمار في الانتاج السينمائي، فصور 98 إنتاجاً من بداية سنة 2019 إلى ال31 من أغسطس 2019 بلغت أرباحها 73 مليون دولار. وعلى الرغم من أن جائحة كورونا ما زالت تلقي بظلالها على القطاع السينمائي المغربي، فإن ثمار السنوات الأخيرة من الإنتاجات الأجنبية تواصل منح المغرب إشعاعاً عالمياً، خصوصاً أن عدداً من هذه الأفلام تُعرض خلال فترة الحجر الصحي وبعدها على المنصات الرقمية. ومن تلك الأعمال، هناك "The old Guard" للمخرجة الأميركية جينا برانس بيتوود، وفيلم "Lindenberg Mach dein Ding" عن قصة حياة أسطورة الروك الألماني أودو ليندينبيرغ للمخرجة هيرمين هونتجيبورث، والجزء الثالث من سلسلة جون ويك (2019) لكيانو ريفز وهالي بيري، ومسلسل "Game of Thrones" الذي يعود صنّاعه لتصوير عمل جديد بالمغرب تحت عنوان "بيت التنين". كما طُرحت مؤخراً بقاعات السينما العالمية أفلام صورت قبل فترة قصيرة من "كورونا" في المغرب، منها الفيلم الفرنسي "La Daronne" لجان بول سالومي، بطولة إيزابيل أوبير ، وآخر أعمال المخرج الأمريكي جوناثان نوسيتر "الكلمات الأخيرة" (LAST WORDS).