بعد اجتياز محطة مجلس النواب، مشروع قانون المالية ينتقل إلى مجلس المستشارين. يوم الجمعة الماضي صادقت الغرفة الأولى للبرلمان في جلسة عمومية بالأغلبية على مشروع المالية المتعلق بسنة 2021. المشروع، الذي تراهن الحكومة من ورائه على امتصاصا تداعيات جائحة "كوفيد19"، حظي بموافقة 59 نائبا ومعارضة 29 نائبا آخر. ورغم أن عبور مشروع المالية لمحطة مجلس النواب كان منتظرا، بالنظر إلى الأغلبية العددية التي تتوفر عليها الحكومة بالمجلس، إلا أن المشروع لم يسلم من انتقادات قاسية من لدن نواب فرق المعارضة، معتبرين أن المشروع لا يستجيب للمرحلة الدقيقة التي يجتازها المغرب على المستوى الاقتصادي والاجتماعي بسبب تداعيات جائحة "كوفيد 19". أمام هذه الانتقادات، أشهر وزير الاقتصاد والمالية وإصلاح الإدارة محمد بنشعبون ورقة الظرفية الاستثنائية التي تعيشها البلاد بسبب الجائحة، منتقدا بعد التدخلات التي شغلت نفسها بالمقارنة بين الحكومات وبين "من أحدث فرص شغل أكثر وبين من حقق أكبر معدلات النمو ومن من.."، يتساءل الوزير داعيا إلى حشد الطاقات وتوجيهها نحو المستقبل بدل الخوض في المقارنات. وفيما أكد أن الجميع متفق على أن الجائحة أبانت عن عدة نواقص وعن الهشاشة في البنية الاقتصادية والاجتماعية، فإن ذلك ليس وليد اليوم بل تراكم سنوات. لكن رغم هذا التراكم، يضيف الوزير لا يمكن إخفاء المكاسب التي حققها المغرب على مستوى "توطيد المسلسل الديمقراطي والاستقرار الذي تفتقده الكثير من دول الجوار، وأيضا على مستوى توطيد التوازنات الماكرو اقتصادية". في هذا الإطار، وبعيدا عن بعيدا عن الأرقام المقلقة للوضع الاقتصادي المتأثر بتداعيات الجائحة، توقف وزير الاقتصاد والمالية وإصلاح الإدارة عند المنجزات التي حققتها المملكة خلال العشرين سنة الماضية. وقال الوزير إن الناتج الداخلي الخام الوطني تضاعف بين سنتي 2000 و2019 ليتجاوز 1000 مليار درهم، فيما الاستثمارات العمومية تضاعفت كذلك بثلاث مرات، ليس فقط على مستوى التوقع، بل كذلك على مستوى الإنجاز الذي قارب 80 في المائة خلال الأربع سنوات الأخيرة. ويأتي ذلك أيضا في الوقت الذي اتسم العقدان الماضيان بانخراط المملكة في استراتيجيات قطاعية من قبيل المغرب الأخضر وخطة التسريع الصناعي، الأمر الذي كان له وقع إيجابي كبير على مستوى استقطاب الاستثمارات وإحداث فرص الشغل وعلى الاقتصاد الوطني بشكل عام. بالموازاة مع هذه التطورات، تضاعف الناتج الداخلي الفردي وانخفاض معدل البطالة من 13,4 في المائة إلى 9,2 في المائة، ومعدل الفقر من 15,3 في المائة إلى 4,8 في المائة، وذلك فضلا عن إنجاز عدد كبير من الأوراش الكبرى المهيكلة، وتحقيق مستويات كبرى من التقدم على مستوى ولوج الفئات الهشة للخدمات الأساسية..