كشفت مصادر مطلعة عن صدور تعليمات من السلطات العليا تقضي بالتحقيق مع كل الأسماء الواردة في قضية التلاعب بعقارات الدولة، وهو الملف الذي قاد إلى اعتقال عدة أسماء ضمنهم موثقان بالرباط، يوجدان حاليا بسجن سلا. وأوضحت المصادر ذاتها أن المعلومات التي تضمنها التقرير المفصل الذي تم إعداده حول الملف، ووجه إلى السلطات العليا، كشفت عن العديد من الخبايا المرتبطة بتلاعبات كبيرة في عقارات تابعة للدولة بعدد من مدن المملكة، إلى جانب عمليات تلاعب وسمسرة ترتبط بمجالات أخرى.وربطت المصادر ذاتها اهتمام السلطات العليا بالملف، لاستغلال المتهم الرئيسي لارتباطاته البعيدة مع شخصية سامية، في تنفيذ عملياته المشبوهة. انفجار الملف الساخن، بدأ بشكاية مكتوبة بخط اليد وجهت إلى الوكيل العام للملك باستئنافية الرباط، تقدم بها رجل أعمال بطنجة، حيث كانت النيابة العامة بطنجة، قد استفسرت عن قانونية وضع الشكاية المذكورة بطنجة، حيث تم الاستماع على إثرها لعدد من الأطراف من طرف الفرقة الولائية للشرطة القضائية. وعلى إثر هذه التحقيقات، التي باشرتها الشرطة، تقرر اعتقال المتهم الرئيسي في الملف بأحد المتاجر الكبرى بالعاصمة، حيث رفض الانصياع لرجال الأمن، وهددهم بالاتصال بجهات عليا، قبل أن يرضخ إلى الأمر الواقع بعد تبين جدية القرار، حيث تم التحقيق معه، وتفتيش مكتبه الموجود بحي أكدال. وعثرت الشرطة بمكتب المتهم، المكون من أربع غرف، والمجهز بأحدث الوسائل المكتبية، على عدد من شعارات المملكة، وأخرى ترتبط بالقصر الملكي، إلى جانب مراسلات باسم ضابط سام، موجهة باسم جلالة الملك. وخلال تفتيش الفيلا التي يكتريها المتهم ببير قاسم بمبلغ 5 ملايين سنتيم شهريا، والتي تبين أنها مجهزة كذلك بأحدث وسائل المراقبة من كاميرات وحراس خاصين، حجز بداخلها تاج مصنوع من الذهب موضوع بالغرفة التي كان المتهم يستقبل فيها ضيوفه، حيث كان يدعي أنها هدية من الملك، كما تم العثور على حوالي 160 وثيقة، ضمنها عدد من المراسلات الخاصة بتسريع تسليم رتب عسكرية. وبينت التحقيقات أن المتهم الرئيسي كان يستغل القرابة البعيدة له مع شخصية سامية في النصب على ضحاياه، وكان يدعي انتسابه للأسرة الملكية. كما اتضح أنه سبق أن عمل دركيا في فرقة الخفر الملكي، والتي تم فصله منها بتاريخ غشت 1999، بسبب قيامه بأعمال منافية للضوابط العسكرية، قبل عودته بعد ستة أشهر بسبب تدخلات من جهة ما، ليتم فصله نهائيا عن العمل في فبراير 2002، بعد اكتشاف وقوفه وراء عملية نصب نفذت في حق ضحايا بمدينتي الحسيمة ووجدة، وتم طي الملف قضائيا. ومباشرة بعد مغادرته جهاز الدرك، قام المتهم بالعمل في أعمال مرتبطة بالسياحة، حيث أنشأ شركات حصل بموجبها على قروض اقتنى بها سيارات فارهة، قبل أن يعمد إلى إعلان إفلاسها، حتى سنة 2005 حين قام بإنشاء شركة عقارية مختصة، كما تضمن القانون المنظم لها، في التعاملات العقارية وبيع وشراء القطع الأرضية. وبينت التحقيقات أن هذه الشركة استغلت في القيام بعمليات نصب كبرى، راح ضحيتها مستثمرون مغاربة وأجانب، حيث بلغ حجم التعاملات المالية التي نفذت في هذا الإطار أزيد من 34 مليار سنتيم متفرقة على قطع من الأراضي، سواء الواقعة في المجال الحضري أو تلك التابعة للمجال القروي. وكشفت التحقيقات عن طرق إسقاط الضحايا في فخ النصب، حيث كان المتهم يدعي القرابة العائلية مع الأسرة الملكية، ويحيط نفسه بهالة، عبر التحرك وسط حراسة خاصة مشكلة من حراس ذوي بنية جسمانية قوية ولباس أنيق، والركوب في سيارات فارهة، إلى جانب تردده على أماكن مشهورة يرتادها في الغالب الأمراء والشخصيات السامية. وكان المتهم يتعمد دعوة المستثمرين الذين يتم التخطيط للنصب عليهم، إلى أماكن راقية من ضمنها الكولف الملكي بدار السلام ومطاعم راقية وملاه ليلية مشهورة. وكان يستعمل في ذلك وثائق مزورة وبطاقات سيارات أصلية يجهل مصدرها، مرتبطة بالقصر الملكي تفيد أن صاحبها من القصر. ووصفت التحقيقات المتهم، بكونه شخص ذو ذكاء حاد مكنه من اختراق عدد من المؤسسات العمومية ومحيط عدد من الشخصيات النافذة، كما وصفت أعماله بالخطيرة، حيث استطاع أن ينفذ إلى المؤسسة العسكرية ويتدخل لدى جهات عسكرية وأمنية لفائدة بعض العناصر وتمكينها من رتب عسكرية وأمنية خارج الآجال المحددة لها. وحصرت التحقيقات خمس عمليات نفذت لفائدة ضباط منتمين إلى سلك الدرك والجيش، حصلوا على تنقيلات ورتب خارج الآجال بمدن طنجة وتطوان والعيون والبيضاء وفاس، إلى جانب نسجه شبكة علاقات داخل أجهزة أمنية مكنته من تحقيق العديد من المصالح والحصول على عدد من الوثائق، حيث ضبطت بحوزته بطاقتين وطنيتين في آن واحد، هذا في الوقت الذي تتواصل فيه التحقيقات للكشف عن المزيد من الحقائق المرتبطة بهذا الملف الذي بدأ بشكاية واتسعت دائرته لتشمل العديد من المعطيات الشائكة.