دخل اللبنانيون صباح الجمعة مرحلة جديدة من الاغلاق العام جراء التفشي المتزايد لفيروس كورونا المستجد فيما تستمر الفاتورة الاجتماعية والاقتصادية للوباء في الازدياد، بمئة مليون شخص مهددين بالفقر المدقع في العالم، وتوقعات بعجز كبير في ألمانيا وارتفاع الدين العام البريطاني غلى مستوى غير مسبوق منذ 1961. في لبنان، وبهدف مواجهة الأعداد القياسية في الإصابات وامتلاء المستشفيات بمرضى كوفيد-19 والمصابين جراء الانفجار الهائل في 4 غشت في مرفأ بيروت، دخل مرسوم إعادة الإغلاق الذي أصدرته السلطات حيز التنفيذ الجمعة وسيستمر لأكثر من أسبوعين، ويصاحب ذلك حظر تجول يومي من الساعة 18,00 إلى الساعة 06,00 بالتوقيت المحلي. ولن تطبق هذه القيود التي من المقرر أن تستمر حتى السابع من سبتمبر، في الأحياء المتضررة من الانفجار المميت حيث ما زالت عمليات التنظيف وإعادة الإعمار ومساعدة السكان جارية. وحذ ر وزير الصحة اللبناني حمد حسن من أن البلاد التي سجلت رسميا ما لا يقل عن 9758 إصابة بفيروس كورونا المستجد حتى الآن، بينها 107 وفيات "وصلت إلى شفير الهاوية". ومع تسجيل أكثر من ألف إصابة يومية منذ بداية غشت، يزداد الوضع سوءا أيضا في المغرب ما دفع الدار البيضاء ومراكش، العاصمتان الاقتصادية والسياحية للبلاد، الخميس إلى إعادة فرض قيود صحية صارمة. وعبر الملك محمد السادس عن قلقه إزاء "التزايد الاستثنائي لعدد الإصابات"، داعيا المواطنين إلى أن يكونوا أكثر وعيا لتجنب إعادة إغلاق البلاد. في أوروبا، تثير أعداد الإصابات الجديدة التي سجلت خلال 24 ساعة والتي نشرت الخميس في فرنساوإيطالياوألمانيا وإسبانيا، القلق وتظهر انتعاش الوباء خصوصا بسبب العطلات والحفلات والسفر. في إسبانيا، سجلت 7039 إصابة جديدة. أما فرنسا، فقد أبلغت عن 4771 إصابة جديدة، وهي زيادة غير مسبوقة منذ ماي. وفي إيطاليا، أبلغت وزارة الصحة عن 845 إصابة جديدة، في حين كشفت ألمانيا عن 1707 إصابة إضافية. وقالت برلين، التي أعلنت حالة تأهب في مواجهة التهديد المتزايد لموجة ثانية من الوباء، إن كل إسبانيا وأجزاء من السواحل السياحية الكرواتية، وهي وجهات شهيرة للسياح الألمان، خطرة وفرضت اختبارات وحجرا صحيا عند العودة. ومساء الخميس، أعربت سلوفينيا عن قلقها أيضا جراء زيادة عدد الإصابات، وأعلنت بدورها التنفيذ التدريجي لقيود السفر مع كرواتيا اعتبارا من منتصف الليل. وسيتعين على المسافرين من الدولة المجاورة الخضوع للحجر الصحي. ورغم عودة الارتفاع في عدد الإصابات بكوفيد-19، قدرت منظمة الصحة العالمية الخميس أن الوباء يمكن السيطرة عليه في أوروبا دون الاضطرار لإغلاق المجتمعات مرة جديدة بفضل جهوزية السلطات والمعرفة التي تراكمت خلال الأشهر الأخيرة. ومع منظمة الأممالمتحدة للطفولة (يونيسف)، دعت الحكومات الإفريقية إلى إعادة فتح المدارس المغلقة منذ ستة أشهر تقريبا واتخاذ التدابير اللازمة لمنع انتشار الفيروس. تسبب فيروس كورونا المستجد في وفاة ما لا يقل عن 788242 شخصا منذ نهاية ديسمبر وفقا لإحصاءات وكالة فرانس برس الخميس استنادا إلى مصادر رسمية. تخط ت أميركا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي عتبة 250 ألف وفاة، مع تسجيل البرازيل وحدها 112304 وفيات. وسجلت الأرجنتين رقما قياسيا في عدد الإصابات اليومية بأكثر من 8 آلاف إصابة جديدة. وما زالت الولاياتالمتحدة الدولة الأكثر تضررا بالوباء مع تسجيلها 174178 وفاة، وفقا لإحصاءات جامعة جونز هوبكنز. وحذ ر رئيس البنك الدولي ديفيد مالباس في مقابلة مع وكالة فرانس برس الخميس من أن تداعيات فيروس كورونا المستجد تهد د بدفع 100 مليون شخص إضافي حول العالم إلى الفقر المدقع. وقال مالباس إن تقديرات المؤسسة المالية الدولية تشير إلى أن ما بين 70 و100 مليون شخص قد يقعون في الفقر المدقع و"هذا العدد يمكن أن يزداد" إذا تفاقم الوباء أو طال أمده، علما بأن التقديرات السابقة للمؤسسة كانت تقف عند حدود 60 مليون شخص. وأضاف أن هذا "يحت م" على الدائنين تخفيض ديون الدول الفقيرة، وسيجبر مزيدا من الدول على إعادة هيكلة ديونها. غير أن دعوة مالباس لم تقف عد حد المطالبة بتمديد أجل هذا التعليق، بل إنه ذهب إلى حد المطالبة بخفض أصل الدين. في أميركا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي، يؤدي الوباء إلى تفاقم عدم المساواة والفقر. ووفقا للجنة الاقتصادية لأميركا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي، من المتوقع أن يدفع الوباء 45 مليون شخص إلى الفقر ليصل المجموع الفقراء إلى 231 مليونا أو 37,3 في المئة من سكان المنطقة. وقالت ميلينا مايا (35 عاما) التي تعيش في حي هيليوبوليس الفقير الذي يضم 200 ألف نسمة في ساو باولو "أنا عاطلة عن العمل بسبب هذا الوباء. هناك أيام لا نأكل فيها لأن الوضع صعب". كما أن التأثير الدائم للوباء يجبر ألمانيا على اللجوء إلى الاقتراض مرة أخرى لتمويل عجز كبير في الميزانية في العام 2021بحسب ما أعلن الجمعة وزير المال. وقال أولاف شولتز "سنضطر العام المقبل أيضا لطلب استثناء من القاعدة الخاصة بالحد من الدين" العام في ألمانيا لتمويل الميزانية "بهدف استخدام موارد كبيرة لحماية صحة المواطنين والعمل على استقرار الاقتصاد". أما بريطانيا، فقد أعلنت أن دينها العام تجاوز في نهاية تموز/يوليو عتبة الألفي مليار جنيه استرليني للمرة الأولى، متأثرا بكلفة إجراءات مساعدة الاقتصاد التي اتخذت في الأشهر الأخيرة بسبب وباء كوفيد-19. وقال المكتب الوطني للإحصاءات إن الدين العام 2004 مليار جنيه الشهر الماضي، وبات يشكل أكثر من مئة في المئة من إجمالي الناتج الداخلي (100,5 في المئة)، للمرة الأولى منذ 1961.