على إيقاع الطمأنة، ختم رئيس الحكومة، سعيد العثماني، تمرين الأسئلة الشفوية الشهرية، الذي يخضع لها بالبرلمان. وأول أمس الثلاثاء، وهو يجيب على أسئلة المستشارين حول السياسات العمومية في المجالات الاقتصادية والاجتماعية والرقمية على ضوء الدروس المستخلصة من تداعيات "أزمة كورونا"، رسم العثماني صورة "واعدة" لمغرب ما بعد جائحة كورونا مجددا التأكيد على ضرورة انخراط والتزام جماعيين صارمين في عملية التصدي لجائحة كورونا وتطويق تفشيها . إذ قال العثماني :"وصلنا مرحلة دقيقة في مواجهة كورونا ومحتاجون للالتزام جماعي صارم". العثماني، وإن بدت منطلقة أسارير وجهه وهو يقدم أجوبته في أخر جلسة مساءلة شهرية بالمستشارين عشية اختتام الدورة الربيعية للبرلمان، إلا أن نبرة صوته حملت التحذير كما الاستياء. التحذير وجهه العثماني لعموم المواطنين منبها إياهم من مغبة إتلاف الجهود، التي بذلت وتبذل لأجل تطويق انتشار فيروس كورونا. والاستياء مرده الانتقادات المتتالية، التي توجه من الطبقة السياسية لحكومته وتتهمها بالارتجالية في تدبير الجائحة وخاصة في ما يتصل بمخطط التخفيف التدريجي للحجر الصحي واستئناف الحركتين الاجتماعية والاقتصادية. وألمح العثماني في معرض كلامه إلى أن الهجوم، الذي تتعرض له الحكومة، محركه مزايدات سياسية صميمها الانتخابات المقبلة. وقال العثماني في هذا السياق :"لسنا مهووسين بالانتخابات، افعلوا فيها ما شئتم، لأن المهم هو الاشتغال لصالح البلد". وأردف مؤكدا: "النجاح لنا جميعا، وبعض الإخوان في الأغلبية يرددون خطابا لا أريد أن أصفه لأننا أوفياء للأغلبية". واستطرد العثماني مؤكدا :"نحن حريصون على أن نظل في حد معقول من الانسجام، لأن دولا أخرى شهدت إسقاط حكومات". وأضاف مشددا : "الهدف هو مواجهة الوباء وما يطرحه من تحديات، ونحن مهمومون بهذا وليس أي حسابات أخرى". وفي معرض كلامه، عاد العثماني إلى التأكيد على أن المغرب مازال يخوض معركة مستمرة ضد وباء فيروس كورونا، في ظل حالة الطوارئ الصحية، التي قررت الحكومة تمديدها للمرة الرابعة إلى غاية 10 غشت 2020. وقال العثماني، في هذا السياق، إن "المرحلة الحالية تبقى دقيقة و تقتضي منا جميعا مواصلة الالتزام بالتدابير الاحترازية والوقائية اللازمة". وأوضح رئيس الحكومة : " بلادنا، كسائر بلدان العالم، تخوض معركة مفتوحة ومستمرة ضد فيروس كورونا، ورغم ما حققناه من تقدم على جميع المستويات، فهذا لا يعني أننا خرجنا من الأزمة، بل نحتاج اليوم لالتزام جماعي صارم". وشدد العثماني، وهو يحذر من التراخي والتهاون على مستوى الالتزام بالقواعد الصحية الضرورية، على أنه رغم التحكم في الحالة الوبائية، "فالجميع مطالب بالانضباط للقرارات والتدابير المعلن عنها رسميا والمرتبطة بحالة الطوارئ الصحية، لضمان انتقال آمن وسلس لمرحلة ما بعد الحجر الصحي واستئناف الأنشطة الاقتصادية والاجتماعية". كذلك، وفي ما يتعلق بالجانب الاقتصادي، أكد العثماني على توفر الحكومة على تصور واضح في ما يتصل بمبادراتها وبرامجها، الهادفة لتمكين الاقتصاد الوطني من آليات الصمود أمام تداعيات الجائحة وتحقيق الإقلاع . وقال العثماني إن المغرب قد استخلص الدروس من هذه الجائحة المحيرة. ولفت إلى أن الاقتصاد الوطني يتميز بخصائص وأسس قوية تفتح أمامه آفاقا واعدة بفضل الإصلاحات الهيكلية، التي عرفها خلال العقدين الماضيين، مما يمنح " الصلابة لاقتصادنا الوطني ويعزز قدرته على مواجهة الأزمات وامتصاص الصدمات الخارجية" يؤكد العثماني. وأشار رئيس الحكومة، في هذا السياق، إلى الرؤية الاقتصادية، التي بلورتها الحكومة لمواجهة الجائحة وتداعياتها على المستويين القصير والمتوسط، والتي تستند إلى تعزيز قدرة الاقتصاد الوطني على الصمود، وتعزيز القدرة التنافسية والابتكار للمقاولات الوطنية، إلى جانب تعزيز الاستثمار الخاص والعام والشراكة بينهما، وكذا تعزيز الإنتاج الوطني، والإدماج التدريجي للقطاع غير المهيكل. وعلى المستوى الاجتماعي، أوضح العثماني أن حكومته راهنت دائما على النهوض بهذا القطاع، الذي يعد أحد ثوابت برنامجها . وزاد موضحا أن تداعيات الجائحة أكدت صوابية هذا الاتجاه، مع ضرورة إيلاء المزيد من الاهتمام بالقطاعات الاجتماعية، ومواصلة تحسين الخدمات الاجتماعية، لا سيما في مجالات التعليم والصحة ودعم التشغيل، وكذا على مستوى الحماية الاجتماعية، والاهتمام بأوضاع الفئات الهشة. وأما في ما يتصل بالمحور الأخير من رد رئيس الحكومة، والمتصل بتسريع التحول الرقمي، فاعتبر العثماني أن الأزمة الوبائية أبانت عن وجاهة وضع الحكومة التحول الرقمي في صلب برنامجها. وأبرز العثماني أن مفهوم التحول الرقمي يتعدى منطق اعتماد التكنولوجيا لتسهيل وتسريع العمليات حسب المساطر المعتمدة سلفا، وتفادي التعامل الورقي فقط، إلى إعادة النظر بشكل كامل في أنماط التفكير وطرق الاشتغال واستبدالها بأنماط وطرق جديدة من العمليات بفضل الفرص الهائلة التي تتيحها الوسائل الرقمية، والقطع مع أشكال العمل التقليدية، وهو ما يشكل تحديا ثقافيا حقيقيا، يحتاج لقيادة تحول عميق في العقليات والممارسات، على مستوى الأفراد والإدارات والمؤسسات. وشدد رئيس الحكومة على أهمية تسريع التحول الرقمي كرافعة لتحسين الخدمات العمومية، إذ أشار إلى ضرورة مأسسة التعليم عن بعد، الذي اعتمد خلال فترة الحجر الصحي، وشكل تجربة نوعية انخرط فيها بنجاح نساء ورجال التعليم، وأيضا إلى مأسسة الخدمات الإدارية والعمل عن بعد بالإدارات العمومية، وكذا دعم التحول الرقمي لمرفق العدالة، وتحسين التجارة الإلكترونية.