بعد نحو ثلاثة أشهر من التوقف بسبب فيروس كورونا المستجد، عاد الحراك الشعبي المطالب بالحريات والدولة المدنية في الجزائر، مجددا اليوم الجمعة. وشهدت بعض مدن الجزائر الرئيسية خروجا لآلاف المتظاهرين، خصوصا في بجاية وتزي وزو (منطقة القبائل) المطالبين بالتغيير، جوبهت أغلبها بقبضة أمنية مشددة. وجاء الحراك الشعبي، الذي انطلق بعد ثلاثة أشهر من التوقف، ليؤكد مرة أخرى، عدم القبول بالأمر الواقع، الذي فرضه النظام الجزائري. وحسبماأوردته وسائل إعلام محلية، فقد تعاملت قوات الأمن بقمع المتظاهرين، الذين خرجوا بكثافة في عدد من المدن، كما تم شن حملة اعتقالات واسعة طالت العشرات من نشطاء الحراك. كما قامت السلطات قبيل انطلاق الحراك، بحملة اعتقالات همت عددا من قادة الشارع، في محاولة لكسر الاستعدادات التي كان قد تم التعبير عنها، خاصة في ظل الأزمة الاقتصادية الخانقة التي ازدادت حدتها مع فترة أزمة كورونا. وأكد سعيد صالحي نائب رئيس الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان، أنه مع تسجيل حوالي 200 اعتقال منذ بدء الحجر الصحي منتصف مارس لمكافحة انتشار فيروس كورونا المستجد، "استغلت السلطة الهدنة لاعتقال أكبر عدد من الناشطين". وقال إنهم يحاكمون بتهمة "جرائم الرأي والتعبير بسبب منشورات على شبكات التواصل الاجتماعي خاصة فيسبوك"، فيتم تفتيش منازلهم ومصادرة هواتفهم المحمولة. وتستند معظم المحاكمات إلى قانون العقوبات الجديد الذي تم تبنيه في أوائل مايو في خضم أزمة صحية وندد به المدافعون عن حقوق الإنسان. وبالنسبة لسعيد صالحي يعتبر هذا "اعتداء غير مسؤول، يصل حدا من الاستفزاز، على حقوق الإنسان الأساسية". وتسارعت موجة القمع في غضون أيام قليلة، فأمس الخميس وحده، تم استدعاء أكثر من 20 معارضا للمحاكمة في سبع جلسات استماع منفصلة. وقرّر القضاء تأجيل معظم هذه المحاكمات بسبب الوباء. ومن بين المتهمين شخصيات معروفة من الحراك وناشطون سياسيون وصحافيون، لكن أيضا أشخاص عاديون يتهمون بالسخرية من السلطة على فيسبوك. وفي بيان نشرته الخميس، دعت منظمة مراسلون بلا حدود غير الحكومية "السلطات إلى وقف توظيف العدالة لتكميم الإعلام". وقال مدير مكتب شمال إفريقيا في المنظمة صهيب خياطي إن "تضاعف الملاحقات بحق الصحافيين الجزائريين مقلق للغاية ويشير إلى التدهور الصارخ لحرية الصحافة في الجزائر". وتعرض أربعة صحافيين إلى ملاحقات قضائية أو إدانات بعقوبات سجن نافذة هذا الأسبوع.