شبح مواجهة مرتقبة بين «الباطرونا» والمركزيات النقابية بدأ يلوح في الأفق، فبعد تقدم الاتحاد العام لمقاولات المغرب بطلب تأجيل تنفيذ الشطر الثاني من الزيادة في الحد الأدنى للأجر، أجمعت بلاغات وتصريحات مسؤولي المركزيات النقابية على رفض طلب هيئة رجال الأعمال، مطالبين الحكومة بالتدخل. الأساس، الذي بنت عليه «الباطرونا» مقترحها، والمتمثل في كون «المقاولة تواجه صعوبات في الوقت الحالي» اعتبره الكاتب العام لنقابة الكنفدرالية الديموقراطية للشغل، عبد القادر الزاير، «واهيا»، ففي نظره، «معظم الشركات لم يلحقها الضرر لكونها تستفيد دائما من الإعفاءات الضربية والتخفيضات وغيرها من الأمور التي لها علاقة بالتنافسية». ومن هذا المنطق، أكد الزاير، في تصريح ل«الأحداث المغربية»، أن نقابته «ترفض أي محاولة لتأجيل الالتزامات الاجتماعية للحكومة وأرباب العمل وضرورة تفعيل الشطر االثاني من الزيادة في الحد الأدنى للأجر»، داعيا الحكومة لحماية مكتسبات الطبقات العاملة، التي وصفها ب«الهزيلة أصلا». ولم يختلف الميلودي المخارق، الكاتب الوطني لنقابة الاتحاد المغربي للشغل، عن ما قاله رفيقه في نقابة الكنفدرالية الديموقراطية للشغل، حيث اعتبر في تصريحات صحفية، مطالبة الباطرونا بتأجيل تنفيذ هذه الزيادة «تراجعا عن الاتفاق»، وذلك في إشارة إلى اتفاق 25 أبريل 2019. وأضاف المخارق أن التبرير، الذي روج له الاتحاد العام لمقاولات المغرب، بكون المقاولات تعاني من تداعيات جائحة كورونا، «غير مقبول». ولم يتوقف الكاتب الوطني لنقابة الاتحاد المغربي للشغل عند هذا الحد، بل وصف تبرير الباطرونا ب«الاختباء» وراء الجائحة. فحسب قوله «الكثير من المقاولات تعيش وضعا مستقرا»، مضيفا أن «ضرب الحد الأدنى من الأجور لا مبرر له»، مستندا في كلامه في الموضوع على دراسة قامت بها نقابته، والتي تقول إن مصاريف من يتقاضون «السميك» لا تكفي سوى لمدة 11 يوما فقط، في حين يتم تدبير باقي أيام الشهر بواسطة التضامن العائلي. من جانبه، قال على لطفي، الكاتب العام للمنظمة الديمقراطية للشغل، إن مقترح الباطرونا «غير مقبول»، وأضاف في تصريح ل«الأحداث المغربية» أن «الطبقة العاملة هي الفئة الوحيدة التي يسهل استهدافها»، مبررا قوله بما تضمنته المذكرة التي تقدمت بها الباطرونا «معظم مقترحاتها من أجل إعادة إنعاش الاقتصاد الوطني ابتزاز للحكومة، في حين أهملت وضعية العمال»، ليختم بالقول «الأزمة أثرت فقط على الشركات الصغيرة، أما الكبرى فقد استفادت بشكل أكبر»، وأعطى المثال على ذلك بالأبناك والتأمينات والمواد الغذائية. تجدر الإشارة إلى أن الجدل الدائر حاليا في المركزات النقابية والاتحاد العام لمقاولات المغرب يعود إلى تطبيق الاتفاق الثلاثي بين الحكومة والنقابات والباطرون الموقع في تاريخ 25 أبريل 2019 المرتبط بالحوار الاجتماعي، والذي تضمن زيادة في «السميك» على مرحلتين، 5 في المائة منها تدخل حيز التطبيق في يوليوز 2020، بعدما تم تطبيق 5 في المائة الأخرى في الشهر نفسه من السنة الماضية. وكانت الباطرونا قد طالبت بتأجيل الزيادة في الحد الأدنى للأجور، الذي كان محط اتفاق لجلسات الحوار الاجتماعي الأخير مع كل من الحكومة والمركزيات النقابية. وسبق لرئيس الباطرونا أن أشار إلى أن الواقع الجديد الذي فرضته جائحة كورونا، يقتضي إعطاء الأولوية للحفاظ على مناصب الشغل في الظرفية الراهنة وتأجيل الزيادة إلى تاريخ لاحق، وذلك خلال ندوة صحفية عقدها لبسط المقترحات التي صاغتها «الباطرونا» لبعث النفس الاقتصادي المأمول لما بعد الجائحة.