عاد النقاش ليطفو على السطح من جديد حول انصهار شركة صورياد دوزيم، والشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة لتشكيل قطب عمومي قوي، إذ تسرب هذا الطرح مع انعقاد المجلس الإداري للشركة الوطنية، و لا يعد هذا الخيار جديدا، بل قديم طرح في مراحل سابقة، بدء بالمناظرة الوطنية حول الإعلام في عهد الوزير الأسبق للاتصال نبيل بن عبد الله عام 2003. ترتب عنه إصدار قانون الإطار 03/77، وفيه جرى تطارح عديد أفكار تمحورت حول أن تكون هناك «تيلي ديفيزيون» واحدة بدل إثنين، وضرورة أن يتوفر المغرب على قطب عمومي واحد، كل هذا سيظل حبرا على ورق، إذ لم تتخذ الجهات الحكومية منذ ذلك الحين، أي إجراءات عملية تعكس وجود إرادة سياسية لتحقيق هذا التحول. الموضوع عينه سيعاد بعثه من خلال الرأي الاستشاري للهيأة العليا للسمعي البصري الصادر عام 2006 وهي السنة نفسها التي تحولت فيها الإذاعة والتلفزة المغربية إلى الشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة ، في هذا الرأي أكدت «الهاكا» على استحالة أن يكون هناك تنافسا بين أقطاب إعلامية عمومية، لهذا طالبت كخطوة أولي بضرورة تأسيس شركة قابضة تندمج فيها الشركتين معا صورياد دوزيم، والشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة، وخطوات أخرى تهم شركة إنتاج واحدة و«تيلي ديفيزيون» واحدة أيضا. لم يتحقق طبعا أي من هذه الشروط، اللهم شرط شكلي يهم تعيين فيصل العرايشي، كرئيس مدير عام للشركتين معا صورياد دوزيم والشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة. ظل هذا الملف المتعلق بإطلاق قطب عمومي قوي وشرس في الدفاع عن مصالج المغرب مركونا على الهامش، وغير موضوع كأولوية على أجندة أي حكومة، قبل أن يثيره ادريس جطو أمام البرلمان في تقديمه لتقرير المجلس الأعلى للحسابات، وفيه كشف عن التقاعس في تنزيل أي من الإجراءات المشار إليها سابقا وتهم تأسيس شركة قابضة واحدة، وباقي الشروط الأخرى، فضلا عن وضع موديل اقتصادي قوي لا يتأثر بالزوابع، ويكون قادرا على توفير مصادر التمويل الكافية لتظل قنوات القطب العمومي في مأمن من تأثير أي هزات، قد تصيب سوق الإشهار كما يقع خلال الفترة الأخيرة. في اتصال مع الكاتب العام لنقابة مستخدمي دوزيم التابع للاتحاد المغربي للشغل محمد الوافي، شدد على أن الوقت لم يعد يسمح بمزيد تأخير وتردد في معالجة ملف القطب العمومي التلفزي، بل بات يتطلب الحسم في أسرع وقت، لمجابهة ما يواجهنا من تحديات، وأحيانا هجومات مقصودة، بعد دخول فاعلين جديد، تحركهم أجندات سياسية تسير أحيانا ضد مصالح المغرب، كما جرى التعبير عن هذا في أكثر من مناسبة ، لهذا يرى «ألا خيار أمامنا سوى قطب عمومي قوي مستدام، مبدع له نموذج اقتصادي لايشق له غبار» يوضح الوافي. ومايؤكد على أن ساعة الاندماج ما بين الشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة، وشركة صورياد دوزيم، قد دقت كما يقول محمد الوافي، ما يعيشه قطاع الإشهار من أزمة حادة في الوقت الحالي، وتكتوي بناره حتى الصحافة المكتوبة، وما زاد من إذكاء حدة هذه الأزمة ما وصفه المسؤول النقابي نفسه، بالمنافسة غير الشريفة تقودها قناة «إم بي سي 5». هذا التلكؤ والتماطل في إطلاق قطب تلفزي عمومي كما هو قائم لدى الدول الأحرى كفرنسا وبريطانيا، يطرح السؤال حول مصدره؟ ومن المسؤول عنه؟ يجيب محمد الوافي، أن تأسيس شركة قابضة، وتنزيل باقي الإجراءات الأخرى، ليتوفر لدينا قطب عمومي قوي جدا، تتطلب قرارا سياسيا، ولا يمكن للمسؤول الأول عن الشركتين، صورياد دوزيم والشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة ممثلا في فيصل العرايشي، أن يغامر بأي خطوة في هذا الاتجاه، ما لم يتلق الضوء الأخضر من السلطات السياسية