"تاج الشيطان"، العنوان الذي اختاره الروائي اللبناني الفرنكوفوني ألكسندر نجار، لروايته الجديدة التي صدرت حديثا بلغة مولييرعن "دار بلون" بباريس، في نسخة إلكترونية لتعذر الطباعة الورقية خلال الظروف الكورونية، إلى أن تصدر ورقيا لاحقا، مستوحيا عنوانها من وحي فيروس كورونا وما يحمل من تيجان، واصفا الوباء بالشيطان، ومحققا من خلالها سبقا في الساحة الأدبية الفرنسية والفرنكوفونية. وقالت مجلة "لوبوان" الفرنسية بخصوص رواية "تاج الشيطان"، "ستصدر كتب عن كوفيد-19، لكن هذه الرواية هي الأولى وهذه ضربة معلم... إنها رواية عن نشوء الوحش، مكتوبة بحرارة، حكاية بديعة ضمن الكاوس". ويضيف نفس المصدر، أن السبق ليس هو المهم فقط، بل الأهم هو نجاح "نجار" في إنجاز رواية تجمع في آن واحد بين التخييل والتوثيق، وقد سبكهما سبكا بنيويا متينا، مركزا على قوة المخيلة من جهة وعلى دقة التوثيق وتفاصيله. ويكتب الراوي أو الكاتب/ الراوي المزدوج المهمة، الذي يدعى "غودنز" إلى صديق له يدعى مارك، ساعيا إلى نفي صفة المكان الذي يكتب منه الرسالة أو الذي يقيم فيه، ما دام العالم كله أصبح بمثابة "مركب واحد"، مما يعني أن الراوي ينتمي إلى هذه "القرية الصغيرة" التي أصبحت بحسب العولمة، هي الأرض كلها من حجره إلى صديق له في حجره، وكلاهما يقاسيان الدراما البشرية التي يسببها انتشار هذا الوباء "الشيطاني" ويعيشان اللحظة تلو اللحظة، وكل ما يحصل في معظم البلدان من مآس في الحياة العامة وفي المستشفيات والمختبرات وفي الشوارع والمدافن الجماعية. ويطوف الراوي، المحجور كباقي ملايين الأشخاص حول العالم، عبر المخيلة والعين المبصرة، على مدن عدة، غربا وشرقا، على أشخاص يعانون ويلات وباء كورونا بهذه المدن، فيمنحهم الفرصة ليتكلموا وليعبروا بأنفسهم عن التجارب القاسية التي يعيشونها، ولعله هو الذي يسمح لنفسه بأن يتكلم عنهم وبألسنتهم، وهذا ما يجعل القارئ مشاركا بل متواطئا في هذه اللعبة الروائية المركبة، حسب نفس المصدر. ويتقمص الراوي، مجموعة من الشخصيات بالعديد من البلدان، مبتدءا بشخصية الطبيب الصيني"لي وينليانغ" الشهير، الذي كان أول من تنبه لفيروس كوفيد-19، فأعلم به بعض أصدقائه من الأطباء ثم المراجع المسؤولة التي تلكأت في الأخذ برأيه فانتشرت العدوى، حيث ينتقل الراوي بالقارئ إلى ووهان، منبت الداء، ويتكلم باسم الطبيب الذي يخضع للتحقيق في دائرة الشرطة بعد نشره خبرا على وسائل التواصل الاجتماعي عن هذا الفيروس المجهول في 30 ديسمبر2019. ويورد "ألكسندر نجار" على لسان راوي روايته، كل الوقائع التي أحاطت بتوقيف الطبيب وسجنه ليلة مع أصدقائه الأطباء ثم عودته إلى المستشفى ووفاته لاحقا بالوباء ودفنه، وهنا يتلبس دور شخصية أخرى لتروي موته وجنازته، موثقا معظم الأحداث والوقائع وحتى التفاصيل الصغيرة التي برزت في شأن هذا الطبيب الجريء مما يمنح التوثيق كما في الفصول الأخرى أهمية في سياق السرد التخييلي، بحسب نفس المصدر.