ما يجري من مناقشات حادة هذه الأيام داخل الجمعية المغربية لحقوق الإنسان يؤكد ما ذهبنا إليه باستمرار: هناك من يريد أن يمارس السياسة بخطاب حقوق الإنسان، وهناك من فشل سياسيا واختار اللجوء السياسي في النضال الحقوقي. وجزء كبير من مشاكل نضالات حقوق الإنسان بالمغرب يعود إلى هذا التوظيف السياسوي الثورجي المقيت. ومن بيت الجمعية خرجت هدايا فوق طبق من ذهب لخصوم حقوق الإنسان بالبلد. وحدث أن أفتى أحدهم يوما بحل الجمعية مستغلا تهور ورعونة بعض «الرفاق»، وكنت من الموقعين على عريضة الرفض والدعم، وقلت إن الجمعية ضرورة حقوقية وطنية، وأن الخطأ لا يعالج بخطأ أكبر منه. كنت أومن، ومازلت بأن الجمعية تيار مناضل صادق، لكن الخبث السياسي يتلاعب بصدقيتها، وصوفيتها النضالية. وبدلا من أن تحيط نفسها بالخبراء الحقوقيين، وبقيم التجرد والحياد، غرقت في هرطقات المخالطين سياسيا للإيديولوجية الشموليا المستبدة باسم البروليتاريا. وبدلا من أن نناقش وضعية حقوق الإنسان في بيانات وتقارير الجمعية، صرنا نتيه في الفرز بين ما هو حقوقي وما هو سياسي، بعدما سعى البعض إلى تحويل المركز المهني للجمعية إلى بؤرة ثورية للنهج الديمقراطي. وفي كل مرة، ومع كل حماقة، بقينا نمني النفس بأن الجمعية المغربية لحقوق الإنسان رأسمال رمزي وطني يجب تحصينه. ومساعي تصحيح الممارسة والمسار التي ظهرت هذه الأيام من طرف قوى يسارية مناضلة، ناضجة ومسوؤلة ، تبعث الأمل على إمكانية استعادة الجمعية من مختطفيها سياسيا. الجمعية المغربية لحقوق الإنسان صوت حقوقي ضروري ومفيد، لكن يجب تحريرها من قبضة اليسراوية الثورية و القراصنة العدميين. ولذلك، يشعر كل مناضل ديمقراطي، أيا كان موقعه واختلافاته في التقدير السياسي، بأن ما يجري في الجمعية استفاقة نضالية، وانتفاضة داخلية على القرصنة اليسراوية المتياسرة.