الرباط، وعلى غير عادتها، هي العاصمة الإدارية، بدت صبيحة الإثنين 16مارس2020، شبه خالية. وذلك، بعد أن دعت السلطات المغربية المواطنين إلى التزام بيوتهم وعدم مبارحتها إلا للضرورة القصوى كإجرائي وقائي للتصدي لانتشار كورونا فيروس. كان الوقت وقت فسحة الغذاء، وبالعادة بمركز المدينة يعرف هذا الوقت حركة دؤوبة بمخلتف شوارع المركز، التي تنتظم بها محلات للأكل السريع ومطاعم ومحلات تجارية متنوعة. استيقظت الرباط صبيحة يوم الإثنين 16 مارس 2020 على وقع هدوء غير مسبوق عم أزقتها وشوارعها الرئيسية. ولم يفلح توالي ساعات النهار في تكسير رتابة قاتمة تعيشها المدينة بسبب الامتثال للإجراءات الوقائية، التي اعتمدتها الدولة، وفي مقدمتها تلك، التي تخص المواطن وتتطلب انخراطه ومساهمته في التصدي لانتشار كورونا فيروس. عدد السيارات الخاصة، التي عادة ما تخنق شوارع المركز، تقلص. وسائل النقل الحضرية من حافلات وسيارات أجرة صغيرة وكبيرة تتجول لكن الإقبال عليها من قبل المواطن قل. أنفار قليلة تجوب بالشوارع والوجوم سمة بادية على الوجوه الخائفة. حركة التجوال والجولان بطيئة للغاية بقلب العاصمة. وكذلك، بدا مركز المدينة خاليا من موظفي الإدارات، الذين كانوا يدرؤن جيئة وذهابا الشارع الرئيسي محمد الخامس وغيره من الشوارع والأزقة لتناول وجبات الغذاء ولا تخطؤهم عين بحكم أنهم وجوه اعتيادية بقلب العاصمة الإدارية . أيضا، خلا المركز من حركة الشباب واليافعين بعد أن أغلقت المؤسسات التعليمية والكليات أبوابها. شوراع وسط المدينة خالية يملأها صمت رهيب في يوم كئيبة سماؤه الرمادية اللون، بسبب سحب لم تسخ بذرف دمعها واكتفت بقطرات منه. العاصمة تتحول إلى مدينة أشباح ويصح في وصفها عن حق المأثور " لاطير يطير ولاوحش يسير". وتنفيذا للبلاغ، الذي أصدرته وزارة الداخلية بإغلاق جميع المقاهي والمطاعم والقاعات السينمائية والمسارح وقاعات الحفلات والأندية والحمامات وملاعب القرب، حلت صباح اليوم الإثنين بالمدينة القديمة للرباط عناصر القوات المساعدة للوقوف على تنفيذ القرار الحكومي من قبل الباعة ومالكي المقاهي والمطاعم وسط ذهول من المارة، الذين أشادوا بهذه الخطوة الجدية من طرف السلطات المحلية، التي لقت أيضا استحسانا من قبل المعنيين بالقرار. "محمد" ذو العقد الرابع من عمره، واحد من هؤلاء الباعة المعنيين، محكوم عليه بضرورة إغلاق مطعمه المتخصص في تقديم الوجبات السريعة، بعدما كان في زمن ليس ببعيد قبلة للشباب من طلبة وتلاميذ . ورغم تقبله وإشادته بهذا القرار، إلا أن "محمد" لم يخف حيرته وكذا خوفه من المستقبل . وقال، في هذا السياق، "لم نكن نود أن نتوقف عن عملنا، ما لم تكن الضرورة هي التي دعت إلى ذلك، خصوصا مع تزايد المصاريف اليومية وغلاء سومة الكراء". في ذات الصدد تساءلت "خديجة" المسؤولة عن مقهى في حي حسان عن مآل الإجراءات المتخذة وانعكاساتها خصوصا على مالكي المقاهي والمطاعم بقولها " يجب على الدولة أن تدعم المتضررين بتعويضهم عن الخسائر، التي ستترتب عن هذه الإجراءات، لا سيما تكاليف الكراء، التي يبقى مصيرها مجهولا في ظل هذا الوضع". وفي سبيل الحد من خطر تفشي فيروس كورونا، عملت السلطات المحلية بالرباط في الساعات الأولى من الإثنين، على مستوى حي الرياض، على تعقيم سيارات الأجرة الصغيرة والكبيرة كإجراء احترازي من شأنه محاربة انتشار وباء كورونا في ربوع العاصمة، ناهيك عن اتخاذ قرارات من قبل وزارة الداخلية تفيد بحصر عدد الركاب في ثلاثة فقط بالنسبة لسيارات الأجرة الكبيرة، وعدم تجاوز حافلات النقل الحضري والترامواي لطاقتهما الاستيعابية.