بعد أن أعلنت الرئاسة التونسية، اليوم الخميس 25 يوليوز 2019، وفاة الرئيس التونسي الباجي قايد السبسي عن عمر ناهز 92 عاماً، أصبح الحديث حاليا عن الخليفة المحتمل لشغل منصب الرئيس. وظهرت تساؤلات كثيرة بشأن الوضع الدستوري لمنصب الرئيس في حال شغوره، سواء بالوفاة أو في حالة العجز والصحي الكامل عن أداء المهام الموكلة إليه، وهذا سنحاول عرضه في الأسطر القادمة وينص الدستور التونسي في الفصل 84، على أنه «عند الشغور الوقتي لمنصب رئيس الجمهورية، لأسباب تحول دون تفويضه سلطاته، تجتمع المحكمة الدستورية فوراً، وتقرّ الشغور الوقتي، فيحل رئيس الحكومة محل رئيس الجمهورية، ولا يمكن أن تتجاوز مدة الشغور الوقتي ستين يوماً». وبحسب الدستور، إذا تجاوز الشغور الوقتي مدة الستين يوماً، أو في حالة تقديم رئيس الجمهورية استقالته كتابة إلى رئيس المحكمة الدستورية، أو في حالة الوفاة، أو العجز الدائم، أو لأي سبب آخر من أسباب الشغور النهائي، تجتمع المحكمة الدستورية فوراً، وتقرّ الشغور النهائي، وتبلّغ ذلك إلى رئيس مجلس النواب الذي يتولى فوراً مهام رئيس الجمهورية بصفة مؤقتة لأجل أدناه خمسة وأربعون يوماً وأقصاه تسعون يوماً. يذكر أن رئيس البرلمان الحالي هو محمد الناصر (85 عاماً)، هو سياسي تونسي مخضرم، تولى رئاسة البرلمان منذ 4 ديسمبر 2014، وشغل وزارة الشؤون الاجتماعية أكثر من مرة في عهد الرئيس الراحل الحبيب بورقيبة، وشغل نفس المنصب في حكومة الباجي قائد السبسي في فبراير 2011. أما نائبه عبدالفتاح مورو (71 عاماً) فهو محامٍ وسياسي في التيار الإسلامي التونسي وأحد القادة التاريخيين لحركة «النهضة»، ويشغل حالياً منصب نائب رئيس الحركة ونائب أول لرئيس مجلس نواب الشعب منذ 4 ديسمبر 2014. وجدير بالذكر أن الفصل 86 من الدستور التونسي يحظر على القائم بمهام رئيس الجمهورية في حالتَي الشغور المؤقت والدائم، المبادرة باقتراح تعديل الدستور، ويمنعه من اللجوء إلى الاستفتاء أو حل مجلس نواب الشعب. خلاصة ما سبق، تعد الجهة الدستورية الوحيدة في تونس، المخولة بنقل صلاحيات الرئيس إلى غيره، هي المحكمة الدستورية. لكن وبسبب غياب التوافق بين الأحزاب والكتل البرلمانية التونسية، لم تعقد المحكمة الدستورية في البلاد منذ عام 2014، إذ أخفق البرلمان التونسي 5 مرات في انتخاب أعضاء المحكمة. إذ يشترط انتخاب عضو واحد بالمحكمة الدستورية حصوله على أغلبية الثلثين من الأصوات (145 صوتاً من أصل 217)، وهو ما لم يحصل بين الكتل البرلمانية. وتعد المحكمة الدستورية التي أقرها الدستور التونسي الجديد الصادر في 26 يناير 2014، «هيئة قضائية مستقلة ضامنة لعلوية الدستور وحامية للنظام الجمهوري الديمقراطي وللحقوق والحريات في نطاق اختصاصاتها وصلاحياتها المقررة بالدستور والمبينة بقانونها». وتتكون المحكمة من 12 عضواً (9 مختصين في القانون و3 من غير المختصين في القانون)، ينتخب البرلمان 4 أعضاء، وينتخب المجلس الأعلى للقضاء (مؤسسة دستورية مستقلة) 4، ويعين رئيس الدولة 4 آخرين.