يعقد مجلس المستشارين يوم غد الأربعاء الملتقى البرلماني الثالث للجهات، والذي سيتميز بالخصوص بتشريح حصيلة تنزيل ورش الإصلاح الجهوي بعد ثلاث سنوات من الشروع فيه. و يراهن المجلس على الملتقى، الذي سينظم تحت الرعاية السامية لجلالة الملك محمد السادس، لتقييم الحصيلة الأولية لتنزيل الإصلاح الجهوي، وتحديد الإيجابيات والإكراهات والتحديات المطروحة بعد مرور ثلاث سنوات على البدء في تنفيذ هذا الورش الهام، الذي يعد أحد الأوراش الكبرى التي انخرط فيها المغرب، في سياق تبني نظام الجهوية الموسعة والعمل بنظام اللامركزية و اللاتمركز، وذلك في أفق تحقيق العدالة المجالية والترابية وتحقيق التوازن الاقتصادي والاجتماعي بين الجهات. وسيضع الملتقى تحت مجهر التشريح، من خلال الورشات الثلاثة المتعلقة بالاختصاصات الجهوية، والحكامة الجهوية، والديمقراطية التشاركية، التي ستنظم على هامش الملتقى، حصيلة ما تحقق من تطور في مجالات الاختصاصات والحكامة والاستشارة، وذلك في إطار مواكبة مجلس المستشارين للجهود التي تبذلها المجالس في ارساء دعائم الجهوية المتقدمة بعد مضي ثلاث سنوات على بداية العمل بالإصلاح الجهوي، ما تزال إشكالية الاختصاصات ترخي بظلالها على التنظيم الجهوي المعتمد: بالنسبة الاختصاصات الذاتية، التي تعد مهاما جوهرية وأصيلة، فهي ما تزال غير محددة بالدقة المطلوبة، الشيء الذي يحول دون مزاولتها من قبل المجالس الجهوية، وبالمثل، فإن آليات اقدام الجهات على ممارسة الاختصاصات المشتركة بينها وبين الدولة غير متاحة وواضحة بما فيه الكفاية. أما الاختصاصات المنقولة فلم تسجل بعد أية مبادرة في اتجاه تفعيل المقتضيات القانونية التي تتيح للدولة التنازل لفائدة الجهات على جزء من اختصاصاتها. بحسب أرضية الملتقى، فإن الوضعية الغامضة، التي تواجهها الجهات بخصوص اشكالية الاختصاصات تدفع في اتجاه اختيار هذا الموضوع كمحور أساسي للدراسة والتفكير وتبادل الرأي واقتراح الحلول التي تسمح بتجاوز الصعوبات الحالية. بالنسبة للشراكة ومتطلبات الحكامة الجهوية، فالمراد من طرح هذا الموضوع هو الوقوف على مدى التزام الجهات باحترام مبادىء وقواعد الحكامة في سيرها وعلاقتها بمحيطها، ومدى مساهمة ذلك في تحقيق شراكات ناجعة ومفيدة لساكنة الجهات المعنية، وهو موضوع مفتوح له ابعاد متعددة وملموسة، قابل للمقارنة والتقييم الكمي والكيفي. وبالنسبة الديمقراطية التشاركية وإشكالية تفعيل الهيئات الاستشارية على المستوى الجهوي ، فيروم هذا الموضوع الوقوف على جهود المجالس الجهوية من أجل تبني مقاربة تشاركية حقيقية، وذلك من خلال إقبالها على تفعيل الهيئات الاستشارية المنصوص عليها في الباب الرابع من القسم الثالث من القانون التنظيمي المتعلق بالجهات، وهو موضوع يمتاز بكونه محدد ويندرج في سياق مرحلة استكمال تثبيت أسس الجهوية المتقدمة ببلادنا، وهو ايضا قابل للمقارنة والتقييم الأفقي فيما بين الجهات. ويهدف الملتقى إلى الاستشراف الجماعي لأجوبة وحلول عملية للأسئلة ذات الصِّلة التالية: هل يمكننا اليوم وبمناسبة انتصاف ولاية المجالس الجهوية، الحديث عن حكامة جهوية في ممارسة المجالس الجهوية لاختصاصاتها وفي اعتمادها المقاربة التشاركية لتدبير الشأن الجهوي؟ هل الاختصاصات الجديدة الممنوحة للجهة في إطار القانون التنظيمي تسمح باقرار مبدأ التدبير الحر الذي يخولها سلطة التداول بكيفية ديمقراطية، وسلطة تنفيذ مداولاتها ومقرراتها هل الإمكانيات المالية الجهوية الجديدة قادرة على تعزيز مكانة الجهة كفاعل في التنمية الترابية والاندماج المجالي؟ ما مدى نجاعة الإمكانات المتاحة التي أقرها المشرع للمجالس الجهوية المنتخبة في خلق مرافق عامة( مثل وكالة تنمية الجهة) للنهوض بالإهانات التنموية والاجتماعية بالجهة؟ ما هي أهم نتائج تفعيل المقتضيات المتعلقة بعلاقات التعاون والشراكة الجهوية وإلى أي حد ساهمت هذه المقتضيات في خلق انفتاح جهوي فعال وذي مردودية؟