بغداد, 3-6-2018 - أصدرت المحكمة الجنائية العراقية الاحد حكما بالسجن المؤبد على الجهادية الفرنسية ميلينا بوغدير بعد إدانتها بتهمة الانتماء إلى تنظيم الدولة الإسلامية، فيما اتهم محاموها فرنسا بالسعي لمنع مواطنيها الذين تحولوا الى جهاديين من العودة الى بلدهم. وقال قاضي المحكمة الجنائية المركزية المتخص صة بقضايا الارهاب إن "المحكمة وجدت ان الادلة المتحص لة كافية لادانة المجرمة ميلينا بوغدير، بالسجن المؤبد" اي لمدة عشرين عاما، وذلك بموجب قانون مكافحة الإرهاب الذي تصل العقوبة فيه الى الإعدام. واصدرت المحكمة ذاتها في 22 أيار/مايو ، حكما بالإعدام شنقا بحق طارق جدعون، الجهادي البلجيكي الذي عرف باسم "أباعود الجديد"، نسبة إلى مواطنه عبد الحميد أباعود، أحد منفذي اعتداءات 13 تشرين الثاني/نوفمبر عام 2015 في فرنسا والتي خل فت 130 قتيلا. وبو غدير ثاني فرنسية يحكم عليها بالسجن المؤبد في العراق، بعد اقل من شهرين على صدور حكم مماثل بحق الجهادية الفرنسية جميلة بوطوطعو (29 عاما) التي دينت بالانتماء الى تنظيم الدولة الإسلامية. وحضرت بو غدير جلسة اليوم، مرتدية اللباس الشرعي وحجابا أسود وهي تحمل طفلتها على ذراعها. ودافعت بوغدير باللغة الفرنسية بمساعدة مترجم خلال المحاكمة عن نفسها قائلة "أنا بريئة"، مؤكدة انها تعرضت للخداع والاجبار من قبل زوجها الذي هد دها بأخذ اطفالها في حال عدم الذهاب الى سورياوالعراق. واضافت "انا ضد أفكار الدولة الاسلامية ولا اؤمن بعقيدتها" ونددت بتصرفات زوجها الذي يحمل الجنسية الفرنسية كذلك. وذكرت هذه الشابة ان زوجها الذي ارتبطت به قبل خمس سنوات لا تعرف مصيره منذ ان غادر في أحد الايام "لجلب الماء". وكانت بوغدير اوقفت صيف 2017 في الموصل "عاصمة" التنظيم الجهادي في العراق حينذاك، فيما يعتقد ان زوجها قد لقي حتفه. وبذل محاميها العراقي ناصر الدين عبد الاحد جهودا في لائحة دفاع مطولة مطالبا الافراج عنها واسقاط التهم كونها تعرضت للخداع من قبل زوجها ومن ثم الاكراه للانتقال الى مناطق نفوذ تنظيم الدولة الاسلامية. وقال خلال المرافعة "من الواضح ان ميلينا كانت مختطفة من قبل زوجها وهذا مدو ن لدى محكمة التحقيق حيث انها تعتبره خاطفا وليس زوجا، كما انها لم تنتم بأي شكل من الاشكال وأدانت جرائمه". واضاف "كما انه لا تنطبق عليها تهمة التستر كونها علمت بانتماء زوجها وهي خارج الاراضي الفرنسية ولم يكن لديها اي وسيلة للهرب". بدورها، اكدت ميلينا انها فكرت في الهرب وقامت بالاتصال بعائلتها من اجل المساعدة لكن مع اطفالها الاربعة في ظل حكم الدولة الاسلامية كان الامر مستحيلا. وبعد انتهاء مرافعة المحامي العراقي طلب المحامون الفرنسيون الثلاثة الذين وصلوا من باريس الى بغداد للدفاع عنها، تقديم بعض الاسئلة الى ميلينا كجزء من المرافعة. وقال مصدر قضائي لفرانس برس ان ثلاثة من الاسئلة التي وجهها المحامون لم تصب في صالحها. واوضح ان "المحامين سألوها حول عملها في الشرطة الاسلامية، وسبب ابتسامتها في إحدى الصور في منزلها في مدينة الموصل، وما اذا كانت تعرف انها مطلوبة للقضاء الفرنسي". وقال المصدر لفرانس برس ان "المحكمة لم تكن تعرف انها عملت في الشرطة الاسلامية وميلينا لم تقر بذلك بأي مرحلة من مراحل التحقيق، وكذلك لم تكن تعرف انها مطلوبة للقضاء الفرنسي لان القاضي سألها ونفت ذلك". وكانت المحكمة قد اصدرت في 17 نيسان/أبريل حكما بالمؤبد بحق الجهادية الفرنسية جميلة بوطوطعو بعد إدانتها بالانتماء الى تنظيم الدولة الاسلامية، وذلك خلال محاكمة في بغداد اد عت خلالها بأن زوجها خدعها. لكن من خلال استجواب بو غدير حول اسباب وتفاصيل دخولها الى سورياوالعراق ، قال رئيس المحكمة الأحد ان "الأدلة التي تم الحصول عليها كافية للحكم عليها بالسجن مدى الحياة". وقال وليام بوردون المحامي الفرنسي لبوغدير الموجود في بغداد ان "هناك تساؤلات كبيرة بشأن الضغوط التي مارستها فرنسا لاجراء محاكمة جديدة". وكان وزير الخارجية الفرنسي جان ايف لودريان صرح الخميس ان بوغدير "ارهابية من داعش قاتلت ضد العراق" لذلك يجب ان تحاكم في هذا البلد. وفي فرنسا، ذكر مصدر قضائي ان مذكرة بحث صدرت بحق بوغدير في اطار تحقيق قضائي فتح في باريس في 02 آب/اغسطس 2016 بتهمة "المشاركة في عصابة ارهابية اجرامية". وقال بوردون ان هناك "تناقضا غير مسبوق بين السلطة السياسية الفرنسية والقضاء"، مشيرا الى انه وج ه رسالة الى لودريان مع زميليه مارتان براديل وفنسنت برينغارت. وفي الرسالة التي اط لعت عليها فرانس برس، يدين المحامون الثلاثة وجود "رغبة في عدم عودة موكلتهم بأي ثمن وخلافا للمبادئ الاساسية"، معتبرين انه "تدخ ل غير مسبوق". وفي باريس شك ك الرئيس لفخرية لمنظمة "الفدرالية الدولية لحقوق الانسان" باتريك بودوين في صحة المحاكمة مؤكدا ان المحكمة العراقية "لم تحترم بتاتا" حقوق المتهمة في الدفاع عن نفسها. وقال بودوين وهو محام في بيان تلقته فرانس برس إن "العراق هو حتما دولة ذات سيادة يمكنها محاكمة رعايا اجانب ارتكبوا جرائم على اراضيها، ولكن بالطبع بشرط ان يكون لهم الحق بمحاكمة عادلة". واضاف "لكن محكمة ميلينا بوغدير جرت بطريقة متسرعة لا تعترف بتاتا بحقوقها في الدفاع عن نفسها". وند د بودوين بتصريحات لودريان في خضم محاكمة مواطنته في العراق. وقال المحامي إن ما ادلى به الوزير الفرنسي هو "إدانة مسبقة" واعتداء على "قرينة البراءة" التي يتمتع بها اي متهم حتى تثبت ادانته. وهناك عدد محدود من الفرنسيين، المشتبه بانضمامهم الى تنظيم الدولة الاسلامية، محتجزون حاليا في العراقوسوريا مع عشرات من القاصرين، بحسب مسؤولين. وحكمت محاكم بغداد منذ بداية العام الحالي، على أكثر من 300 من الجهاديين الأجانب بالإعدام أو السجن مدى الحياة، غالبيتهم من نساء من تركيا وجمهوريات الاتحاد السوفياتي السابق.