هل هي مجرد صفة تلك الحرب المعلنة ضد المغرب في صحرائه، ورغبته المشروعة في تنظيم كأس العالم؟ وهل كان قرار الجبهة الانفصالية، ومن ورائها الجزائر، افتعال هذه الأزمة مع المغرب، في هذا التوقيت بالذات، حيث تواجه المملكة خصما غير عادي؟ إن مجرد قراءة هذه الأحداث تثير لدى المتتبع، الكثير من الأسئلة المشروعة، والمشرعة على حوادث مماثلة، تكشف كيف تدار منطقتنا العربية، ومعها العالم الثالث، من قبل القوى العالمية، من أجل الإبقاء على الوضع الراهن، والقائم بين وجود عالمين.. عالم متحكم وعالم متحكم به. المنطق الاستعماري لم يختف من عالم اليوم، لكنه أخذ أشكالا جديدة، لكن في بنيته لايزال هو هو، حيث مفروض على الدول المصنفة في قائمة الدول المستعمرة أن ترفع رأسها وتسعى لأن تنعتق من هذا التصنيف الجائر. لقد بينت العديد من الأحداث أن العالم المتقدم حين ينادي بالعدالة والديموقراطية، فهو ينشدها لنفسه فقط، أما من هم من غير طينته، فوسائله للإبقاء على كل مفردات التخلف والرجعية، قابلة للتنفيذ. مايمارس على المغرب حاليا لكونه فكر في حق مشروع لتنظيم تظاهرة رياضية صرفة، هو نفسه مامورس عليه، ويمارس ضده، وهو يسعى لأن يحرك الرواكد في القارة الإفريقية، ويساعدها في أن تنهض من غفوتها. لكن للأسف، تمارس هذه السياسية ضد وطننا العربي والإفريقي، بوسائل ذاتية من داخل هذا الوطن الكبير. فكما تحرك الجزائر والبولساريو من أجل القيام بعمليات مأجورة بدعاوى لاتقنع أحدا، كذلك كانت دول أخرى من وطننا تمارس نفس الدور ضد أخرى للغاية ذاتها. والمشكل في وطننا أننا لانتعلم من أخطائنا وننسى مامر بنا، لأن ذاكرتنا لاتسعفنا لذلك.. هل كان ماوقع لصدام صدفة، حين دفع للحرب مع إيران، ثم أفنى البلدان إمكانيات هائلة في حرب لم يكن لها من داع؟ وهل كان صدام أيضا غير مدفوع نحو غزو الكويت، قبل أن يجد نفسه لاحقا في دوامة حرب أنهت حياته وحولت بلاد الرافدين لشبه دولة؟ وهل وهل.. النماذج كثيرة تلك التي تكشف أننا لانتعلم من أخطائنا ونقبل أن نخوض حربا بالوكالة، ونختلق أزمات لايبدو حل في مسارها. إن مايقع حاليا في الصحراء المغربية، يؤكد أن تعليمات صدرت من جهة ما، من أجل المساومة، وللأسف أن من يدعي المساندة في العلن للملف المغربي، هو نفسه من يقبل أن يكون مطية لحرب قذرة هدفها ربح منافسة رياضية، بوسائل غير رياضية.