استمرار انتشار تزويج القاصرات والتعدد والجهل بمدونة الأسرة وهشاشة الوضع الصحي وارتفاع الهدر المدرسي كلها آفات كشف عنها تقرير لمؤسسة يطو حول القافلة التي قادتها قبل أشهر داخل دواوير نائية في مناطق شفشاون وتطوان. وسجلت القافلة وجود 143 حالة زواج قاصرات تتراوج أعمارهن بين 13 16 عاما. ورغم أن 527 امرأة مستجوبة عبرت 353 منهن رفضها تزويج القاصرات إلا أن 174 قبلن بالأمر بسبب الفقر وانعدام فرص التعليم والشغل وبالتالي يصبح الزواج هو الحل الوحيد. وهو ما يدعو حسب الجمعية إلى ضرورة وضع آلية ذات قوة ومصداقية لتتبع ملفات تزويج القاصرات على مستوى المحاكم تقوم بدور الرصد والتدخل لمنع التحايل على القانون في هذا الإطار، والعمل على المنع الكلي لتزويج القاصرات والتنصيص على عقوبات زجرية ضد كل من يتزوج أو يزوج قاصرة. إضافة إلى أهمية تفعيل خلايا العنف بمراكز الدرك والمحاكم وتكوين الطاقم المشرف عليها في آليات الاستقبال والتوجيه والمرافقة أثناء الإجراءات والمساطر بما يضمن حقوق النساء المعنفات. وحسب التقرير الذي أعلن عنه في ندوة صحفية أول أمس بالدار البيضاء ينتشر تعدد الزوجات بشكل كبير في المناطق التي زارتها القافلة. ورغم رفض غالبية النساء للتعدد إلا أنهن يقبلن مضطرات لأن الرفض يعني الطرد نحو الشارع في غياب أي مأوى أو استقلال اقتصادي للزوجات. وأكدت نجاة إيخيش رئيسة مؤسسة يطو إلى كون التعدد يأتي أولا باعتبار النساء قوة عمل لأنها تقوم بكل الأعمال داخل البيت وكلها أشغال شاقة لدرجة أن النساء يوافقن على التعدد لأن ذلك يعني مهاما وتعبا أقل مع وجود زوجة ثانية وثالثة تتقاسمن الأعباء الحياتية. ونبهت إيخيش إلى كون النشاط الاقتصادي في مجموع الدواوير التي جابتها القافلة تعتمد أساسا على زراعة الكيف و70 ٪ من النساء عاملات زراعيات في حقول الكيف إما العائلية أو عند أصحاب الضيعات الكبرى بأجر لا يتعدى 50 درهما. وانتقدت إيخيش بشدة وضع التعليم في المنطقة، إذ يبلغ الهدر المدرسي نسبة 80 ٪ فمن بين 585 طفل في سن التمدرس نصفهم لا يصلون المدرسة ونصف الاسر ترسل بناتها فقط للكتاب. ويعزو التقرير هذا الوضع إلى غياب البنيات التحتية من مدارس وداخليات وطرق سالكة، ووسائل النقل. وعلى سبيل المثال يكلف الإيواء في داخلية منطقة بني سلمان 2500 درهم سنويا وهو أمر لا تطيقه الأسر، مما يدفع غالبية الأسر إلى التضحية بتمدرس أطفالهم خاصة عندما يتعلق الأمر بالفتيات في حال تطلب الأمر الاختيار بين البنت والولد لإكمال الدراسة. كما أن معاينة متطوعي الجمعية للداخلية أظهرت أن أبسط الشروط تغيب داخل هذا المأوى الذي يضم 300 من التلاميذ الذكور و250 فتاة، وأولها عدم توفر المياه. إضافة إلى غياب النقل المدرسي مما يدفع بكثير من الأسر إلى منع بناتهم من ارتياد المدرسة خوفا عليهن من أخطار الطريق التي تزداد سوءا مع دخول فصل الشتاء. وأظهر التقرير ذاته أن الخدمات الصحية تعرف تدهورا كبيرا بسبب بعد الكثير من الدواوير عن المراكز الصحية والمستوصفات، والتي في حال وجودها فإنها تفتقر للأدوية والتجهيزات والطبيب المعالج. وأقرب مستشفى بالمنطقيتين هو إما مستشفى سانية الرمل بتطوان أو مستشفى شفشاون ويبعدان بحوالي 50 كلم عن معظم الدواوير.