وجه جلالة الملك محمد السادس رسالة سامية إلى المشاركين في أشغال المنتدى البرلماني الثاني للجهات، الذي افتتح اليوم الخميس بالرباط قال جلالة الملك، في الرسالة التي تلاها المستشار الملكي عبد اللطيف المنوني، إن اختيار عقد لقاءات دورية للتشاور بشأن تطور هذا الورش المهيكل، يعكس انخراط البرلمانيين وإيمانهم بالأهمية القصوى التي يوليها جلالة الملك شخصيا لهذا الورش الإصلاحي الكبير. وأضاف جلالة الملك إن الجهوية المتقدمة، تعد مكسبا مؤسساتيا بالغ الأهمية، ينبع من الإرادة الراسخة التي ظلت تحدو جلالته، منذ اعتلائه العرش ، لقطع أشواط حاسمة على درب إصلاح وتحديث المؤسسات. واعتبر جلالة الملك الجهوية المتقدمة ورش ضخم، يقتضي انخراط مختلف الفاعلين، والتزام كافة القوى الحية، والهيئات الاجتماعية، في بناء هذا الصرح الكبير، والتحلي بروح المسؤولية العالية، ومواكبة مختلف مراحله بما يلزم من التعبئة والاقناع. كما ينبغي التسلح بقدر كبير من الإصرار، ونهج سبل الحوار والتواصل، من أجل الاستثمار الأمثل للإمكانيات الهائلة التي يوفرها الإطار المؤسساتي والقانوني، والاستفادة من آثاره الايجابية. كما طالب جلالة الملك مرافق الدولة والإدارات العمومية، بنسج علاقات متجددة مع الجماعات الترابية، تقوم على التعاون والحوار، والتشاور والالتقائية والشراكة، لضمان التكامل، وتناسق الجهود، وكذا خلق التفاعلات الضرورية لإنجاز ورش الجهوية المتقدمة، على أرض الواقع. وألح جلالة الملك على أن تندرج برامج التنمية الجهوية ضمن نموذج التنمية الذي هو في طور الإنجاز، والذي دعونا، كما دعا الجماعات الترابية، وخاصة الجهات، للعب الدور المتميز المنوط بها وتقديم مساهمتها الخاصة، لتقويم اختلالات النموذج الحالي، بالتخفيف من الفوارق الطبقية والتفاوتات الترابية، والسير بخطى حثيثة وحازمة على درب العدالة الاجتماعية. كما يتعين على كل مجال ترابي، يقول جلالة الملك، أن يبلور رؤية خاصة به، تنسجم مع الرؤية الشاملة التي يقوم عليها النموذج الوطني للتنمية. وحدد جلالة الملك في رسالته مسؤولية المنتخبين المحليين، باعتبارهم مطالبين بالانخراط القوي في معالجة الإشكاليات المرتبطة بالشباب المغربي، المتعطش للمعرفة، والتواق للمشاركة والمساهمة، والمتطلع إلى الكرامة والعيش الأفضل. وقال جلالة الملك في هذا الشأن إن المشاكل التي يواجهها شباب اليوم، لا يمكن أن تعالج إلا محليا، أي على مستوى الحي والجماعة والمدينة التي يقيمون فيها، باعتبار أن السياسات الشاملة التي على الدولة المركزية أن تنهجها لصالح هذه الفئة من المواطنين، لا يمكن تفعيل مدلولها ومضمونها، إلا عبر حلول محلية تتلاءم مع مشاكل الشباب. وتحدثت الرسالجة الملكية في المقام الثالث، عن مسألة امتداد الاختصاصات المخولة للجماعات الترابية، وللمجالس الجهوية على وجه الخصوص، حيث اعتبر جلالته أن الأمر لا يتعلق بإثقال كاهلها باختصاصات متعددة ومتنوعة، قد تفضي إلى الإساءة إلى مصداقيتها، بالنظر إلى الخصاص الذي ستعاني منه لا محالة، بل الأجدى من ذلك الحرص على أن تكون تلك الاختصاصات مضبوطة بما يكفي، لتفادي الارتباك والتداخلات وتكرار المهام. ودعا جلالة الملك إلى تشاور ناجع لتحديد الاختصاصات التي تتميز بدرجة عالية من الدقة - ضمن تلك المرصودة للجهات في القانون التنظيمي- والتي ستتولاها الجهات في مرحلة أولى، على أن تجرى عليها التحيينات بصفة دورية. وفي نهاية الخطاب، أثار جلالة الملك قضية الحكامة، إذ بغض النظر عن الآليات التي اعتمدتها في هذا الخصوص القوانين التنظيمية المتعلقة بالجماعات الترابية ؛ فإن التفكير ينبغي أن يساعد على إعطاء مدلول أكثر دقة وواقعية وقابلية للقياس، لمفهوم قوي للحكامة يجب الحرص على تفادي تبخيسه. وهنا يتعين القيام بمجهود بيداغوجي وتواصلي تجاه الناخبين والرأي العام، حتى نستطيع أن نقدر حق التقدير مضمون وب عد الحكامة، وأهمية الجهود التي يتعين علينا جميعا بذلها.