سنة 2008حاورت مجلة "أحداث. تيفي" المتخصصة في التلفزيون حينها الإذاعي الراجل نور الدين كرم. تكريما لذكراه نعيد نشر هذا الحوار الإذاعي نور الدين كرم : »أحترم النقد شرط ألا يتحول إلى تجريح« * واش انت امّحن؟ ** (ضاحكا) شوية وكان. هذه الكلمة بالمناسبة جعلتها لازمة في برنامجي في الصيف لأنها كانت تتردد باستمرار على لسان كثير من المستمعين الذين كانوا يتصلون بي في البداية، وقد لاحظت أنها تلخص حقيقة معاناة هؤلاء الشباب في علاقاتهم العاطفية وتعبر عن نفسيتهم أكثر. * تحرص في برنامجك على أمواج قناة (Rabat chaine inter) الإذاعية على المزج بين الفرنسية وبين نطق خاص للدارجة يميز لسانك، لماذا؟ ** أنا هكذا تلقائي، وأتكلم باللغة التي أرتاح فيها سواء كانت فرنسية أو دارجة، ربما أحرص على أن أكون عفويا وأن أتفاعل مع المستمعين، وأتجاوب مع من يتصلون بي، وهذا هو الأهم بالنسبة لي، ألا يكون ما أقدم مملا ومصطنعا بل تلقائيا ينشر الحيوية والمرح ويحقق التواصل. * حتى لو استعملت كلمات معيبة وأحيانا تخدش الحياء العام؟ ** أنا لا أقصد بتاتا أن أقول كلاما فيه العيب، ولم أفكر في ذلك يوما، لأني أعرف أن والديّ معا ينصتان إلي باستمرار على أمواج الإذاعة، وأتفاجأ عندما يقول لي بعض الناس »ما كانش عليك تقول هاذيك الكلمة راها عيب«، فلا أعود إلى استعمالها من تلقاء نفسي، ولم يسبق يوما أن قالوا لي في الشركة الوطنية »لا ماتقولش هاذ الكلام«، هم وضعوا فيّ ثقتهم وأنا أقدرها بمسؤولية. * هل ترى أن تربيتك وتكوينك لعبا دورا في خلق هذه اللغة الهجينة التي تميز أسلوبك الإذاعي في التنشيط؟ ** ربما، ربما .. أنا خلاقيت بالمغرب وكبرت في فرنسا، الوالدين ديالي من العروبية. وخا ساكن في فرنسا ديما كنت جاي للمغرب. * هل سبق أن عملت في الراديو؟ ** مدة 13 سنة وأنا أعمل بمحطة راديو الضاحية الباريسية، وكنت أنشط بها برامجي بنفس اللغة تقريبا التي أقدم بها برنامجي »VIP« (شخص مهم جدا) بالإذاعة الوطنية، مزيج من الدارجة المغربية والفرنسية. طوال هذه المدة فسحت مجال التعبير بحرية للشباب، ولم أكن أقدم إلا أغاني الشعبي المغربية، وهو ما أثار الجزائريين الذين قالوا لي »أنت عنصري، لا تذيع إلا الشعبي المغربي وتهمل الراي الجزائري«. * هل تلقيت تكوينا صحافيا قبل ولوجك عالم الراديو؟ ** مارست العمل الإذاعي لأني كنت أعشق ذلك، ولم أمر عبر أي معهد صحافي، وللتذكير فقط لم أكن أتقاضى أجرا عن عملي في راديو ضاحية باريس، لكني بموازاة ذلك استطعت أن أكمل دراساتي حتى السلك الثالث من الجامعة في مجال علم الاجتماع، وبعدها عملت لفترة ثلاث سنوات مسؤولا في »تواصل القرب« بستراسبورغ. * كيف دخلت إلى الإذاعة الوطنية؟ ** كنت أزور المغرب كل عام في الصيف، وكنت دوما أتساءل مع نفسي »علاش الإذاعة ما كتشبهش للمغاربة؟«، في فرنسا لن تجد إلا الشعبي سواء في المحطة الإذاعية للضواحي أو في الكثير من بيوت المغاربة، أما هنا في إذاعتنا كنت أتعجب دوما من غياب هذا اللون الغنائي الشعبي الذي يميز المغرب ويرتبط به المغاربة بقوة. من هنا جاءتني فكرة التقدم ببرنامج إذاعي صيفي للشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة موجه بالأساس لمغاربة الخارج العائدين إلى وطنهم في عطلة الصيف، وقد كانت مفاجأتي كبيرة عندما قبل المسؤولون بالشركة مشروع برنامج »ماروك واحد«، ولا زلت أذكر كيف استولى علي الخوف بعد الموافقة، وبدأت الهواجس تدور في رأسي وأنا أقول مع نفسي »ناري المغاربة كلهم غادين يتصنتوا لي في هاذ البرنامج«، وبعد ثلاثة أيام فقط "طاك"، لم أعد أستطيع حمل الهاتف، المغرب كله باغي يهدر.. * ألا تشبه فكرة البرنامج هذه تلك التي اشتغلت بها في راديو الضاحية بباريس؟ ** لا أظن، في فرنسا كنت أتوجه ليس فقط للمغاربة هناك وإنما للمغاربيين وللفرنسيين أيضا، وهذا معطى يتحكم كثيرا في نوعية الخطاب وطريقة التنشيط، أما برنامج »ماروك واحد« ففكرته تعني ألا فرق بين المغاربة المغربين وبين إخوانهم الباقين هنا ماداموا جميعا ينتمون إلى وطن واحد. وهو يهدف أيضا إلى أن يَعرفَ المغاربةُ المستقرون بالمغرب لماذا يعود إخوانُهم من الخارج كل صيف، ماذا يحبون، ما طبيعة الأفكار والمشاعر والأذواق التي يحملون معهم من بلاد الغربة، بعبارة ملخصة يهدف إلى أن يفهم هؤلاء أولئك أكثر والعكس صحيح أيضا. * نعلم أن البرنامج كان مؤقتا، كيف عدت إلى القناة الدولية بالإذاعة الوطنية؟ ** أتذكر كيف بكى الناس عندما كنت سأعود إلى فرنسا، وكنت متأثرا بشكل كبير بحبهم، لذلك فكرت كثيرا في العودة والاستقرار بالمغرب، وقد حافظت لهذا الهدف على اتصالاتي بمسؤولي الشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة، وكم فرحت عندما اتصلوا بي وطلبوا مني أن ألتحق بالإذاعة، لتبدأ مرحلة أخرى جديدة. * كيف جاءتك فكرة »سبت الحيحة«؟ ** قبل أن تنتهي مدة البرنامج الصيفي الذي امتد من 17 يوليوز إلى 30 غشت اقترحتُ على مسؤولي الشركة الوطنية أن ينظموا لي لقاء مباشرا مع المستمعين، وفعلا قبلوا وهيأوا لي استوديو كبير مجهز تقنيا، واستضفت فنانيَ المفضل حميد بوشناق، ومعه كان أول سبت "حيحة"، لتتطور الفكرة الآن من خلال إقامة هذا اللقاء الاحتفالي كل سبت في مدينة مغربية. * كيف استقبلت موجة الانتقادات الحادة التي وجهت إليك لحد الآن؟ ** أنا أحترم النقد، وأحترم حرية الآخر في أن يقول ما يريد شرط ألا يكون في انتقاداته أي تجريح أو مس بي، أكون كاذبا إذا قلت أن هذا النقد لا يهمني، أكون بلا قلب حين أنكر أنه يعنيني، لأن ما أقوم به من عمل أقوم به من قلبي، أنا لا أفعل شيئا إلا إعطاء الكلمة للشباب لكي يعبروا عن مشاكلهم العاطفية وعن معاناتهم النفسية، وأريد أن أقول شيئا واحدا لهؤلاء الذين ينتقدونني »أنا راني والو، المغربي عطشان وأنا گرابو«.