شكلت افريقيا محور الرسالة الملكية للنسخة العاشرة للاجتماع السنوي لمؤتمر السياسات الذي افتتح أشغاله البوم الجمعة بمراكش. وأشار جلالة الملك محمد السادس، في الرسالة التي تلاها مستشار جلالته، ياسر الزناكي، بأن" التقدم الملحوظ الذي تعرفه افريقيا والذي لا يمكن تجاهله او إنكاره,يحظى باهتمام متزايد من طرف المجتمع الدولي" مضيفا بأن التطلع إلى الازدهار والرخاء يعد عملية معقدة تتطلب النفس الطويل، غير "أن تحقيق التطلعات الكبرى للمواطنين، لا سيما الشباب الأفارقة، لن يتم إلا عبر برامج التنمية البشرية و الاقتصادية الشاملة على الصعيدين الإقليمي والقارئ. و جدد الملك محمد السادس الدعوة إلى مواكبة نهضة القارة الافريقية التي استطاعت أن "تحدد مصيرها ومستقبلها بنفسها، معتمدة في ذلك وعلى اتخاذ مجموعة من الإصلاحات الجريئة التي تم إطلاقها على المدى المتوسط والمدة البعيد، لتشمل جميع القطاعات". كما دعا الملك محمد السادس إلى ضرورة بلورة استراتيجيات مبتكرة، ونهج سياسات طموحة تقوم على استثمار المنجزات التي تم تحقيقها لحد الآن، وذلك فضلا عن الاستفادة منوالمبادرات العالمية الناجحة، والتي تتلائم مع تنوع الواقع الاجتماعي والاقتصادي الافريقي، تقول الرسالة الملكية، مؤكدا على ضرورة تعزيز أداء المؤسسات ودعم الحكامة الجيدة، وتحسين طرق استخدام الأموال العامة. ولفت جلالة الملك إلى ان الثروة الافريقية،والتي تتمثل أساسا في رأسمالها البشري، تشكل فرصة فريدة للنمو، مضيفا إلى ان الشباب الافريقي لآل يشكل عائقا أمام تطور القارة، بل عامل ازدهار، لكن شريطة انخراط "انخراط كاملا في التحولات الاقتصادية الإيجابية التي تعرفها القارة. كما أكدت الرسالة الملكية على أن "اعتماد سياسات ناجعة وتنفيذها في مجالات التربية والتكوين المهني ، والصحة، سيساهم بدون شك في تحقيق اندماج أفشل لهؤلاء الشباب داخل النسيج الاقتصادي والاجتماعي لبلداننا" فيما سيمكن هذه المبادرات من تحقيق نمو متزايد وشامل وميتدام سيتيح خلق فرص عمل جديدة وبالتالي الزياد في الانتاج. القارة الافريقية، تزخر كذلك لموارد طبيعية هائلة، يقول جلالة الملك، مبرزا بأن" تحويل القطاع الفلاحي, ووضع جسور التواصل والتكامل بينه وبين القطاع الصناعي لكفيل بخلق المزيد من مناصب الشغل". وأكد الملك محمد السادس على أن تحويل القطاع الفلاحي في القارة، يتعين ان يتم على جميع المستويا، انطلاقا من النتاج الأولي إلى تثمين الصناعات الفلاحية، حيث يتمكن هذه العملية، يضيف جلالته من الاستثمار الأمثل للرصيد الفلاحي الهائل الذي تزخر به القارة لاسيما فيما يخص الأراضي الصالحة للزراعة، وذلك فضلا عن تجاوز الصعوبات الاقتصادية والاجتماعية التي يواجهها الفاعلون في هذا القطاع. كما استحضرت الرسالة الملكية مفهوم "الثورة الخضراء" والهادفة إلى "التجديد العميق للتكنولوجيات ، وأساليب الانتاج، الذين بعين الاعتبار، خصوصيات واقعنا الافريقي والتغيرات المناخية التي تواجهه". وفي هذا الاطار قال جلالة الملك بأنه "من دواعي سرورنا ، ان نرى الالتزامات التي اخذها المغرب على عاتقه لتسريع وتيرة النمو الفلاحي وتحقيق التنمية المستدامة في أفريقيا أساهم بشكل إيجابي في تغطية الحاجيات الغذائية لمجموع المواطنين الأفارقة عل الصعيد القاري". لكن مقابل ذلك، لفتت الرسالة الملكية إلى ان الصناعة الافريقية مازالت تعاني من نقص التنافسية، كما يتعين عليها مواجهة تحديا مزدوجا ذا أهمية كبرى، "يكمن في تطوير أنشطة مبتكرة من جهة، وتكوين يد عاملة مؤهلة من جهة اخرى". كما تطرقت الرسالة الملكية إلى ميألة التمويل، مشيرة إلى أنه بموازاة الاستثمارات الخاصة، يجب تطوير أنواع جديدة من التمويل والكراكات تدريجيا قصد تشجيع وتكثيف المشاريع التنموية مع الرفع من وتيرة تنفيذها. كما أكد جلالة الملك، على أنه ان الأوان لإعادة رسم الأولويات الاستراتيجيات للمجتمع الدولي على ضوء ما أصبحت تقدمه القارة الافريقية، إذ اعتبارا للتطورات والخطوات التي خطتها افريقيا نحو الامام والمعترف بها، "أصبح من الضروري ان يسمع صوت قارتنا ، وأن تصبح منمركزة في خريطة سياسية ودولية بعد إعادة تصميم معالمها". وأضافت الرسالة الملكية إلى ان أفريقيا، انفتحت على شراكات متعددة الأبعاد على المستويات المؤسساتية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والبيئية، وكذلك المجالات المتعلقة بالتصدي للتطرف ومكافحة الإرهاب، مشيرة إلى أنه "بضم الرصيد الذي وفرع التعاون شمال-جنوب إلى التجارب التي اكتسبتها مختلف الأطراف، يستطيع أصحاب القرار بناء تعاون اقوى، أكثر واقعية، وخاصة أكثر عدلا وإنصاف. لكن لكي يتحقق هذا الاندماج، يتعين عل جميع الفاعلين سواء بالقطاع العام او الخاص، استغلال الفرص المتاحة استغلالا عمليا، مع التصدي للتحديات والمخاطر بشكل متضامن. وقال جلالة الملك انه ولى الزمن الذي كانت افريقيا قارة موصومة بالسلبية ، معقدة في محيطها ، لتظهر كقارة افريقية واعدة ومتحفزة وتلتزم وتتعهد بالتزاماتها، مضيفا بأن أفريقيا تتوجه بخطى ثابتة نحو الازدهار والرخاءوتعيش تحولات حثيثة وفق نموذج خاص بها، ومبلورة لمعالم جديدة لافريقيا باعتبارها "قارة الخيارات وليس قارة الاكراهات".