أكد وزير الأوقاف، أحمد التوفيق، أن رجال الدين المتبصرين هم «حكماء هذا العالم الذين سيقومون بالتشخيص الصحيح لكل المشاكل إذا ما عرفوا أن أصل الداء هو التطرف بكل أشكاله وميادينه، وأن التفاهم من أجل التضامن هو سبيل حل المشاكل وصيانة إنسانية الإنسان». وقال إن الاعتدال بوصفه صمام أمان الإنسانية رهين باستكناه معنى الحياتين، الدنيا والآخرة، واستحضار ترابطهما. واعتبر أن اللاإكراه المتبادل، من جانب المؤمنين واللامؤمنين على حد سواء، مفتاح التعايش والتساكن في أفق صيانة الإنسانية. وزاد أحمد التوفيق، وهو يجدد حرص المغرب على صيانة الثوابت الدينية، وتأطير حياة المتدينين بتفسير رحب رحب يتجاوب مع مقاصد الدين ولاسيما في بابي الحرية والعدل واحترام الآخر، أوضح أن المملكة المغربية، «ترصي بناءها على ثوابتها وتلائم صيانة تلك الثوابت مع مسيرتها في الرقي بالأساليب الحديثة دون أي تفاوت متع هويتها الدينية والوطنية» الوزير المغربي، الذي كان يتحدث في افتتاح أشغال «قافلة السلام الأمريكية»، التي حطت الرحال بالرباط اليوم الثلاثاء 24 أكتوبر 2017، دعا أحمد رجال الديانات الإبراهيمية السمحة إلى الاشتغال على تقريب للناس ومساعدتهم على استجلاء «فهم تجلي الله تعالى على الخلق في التاريخ» إذ نبه إلى أنه «الفهم الضروري للملاءمة مع العصر وهي مشكلة رأي عام ينبغي أن يتوجه إليها عملكم التوجيهي والتربوي لأن مشاكل الإنسان بقدر ما تأتي من معطيات الواقع بقدر ما تنجم أيضا عن فهمه للواقع بجذوره التاريخية وتجلياته الحاضرة ومآلاته المستقبلية». وزاد الوزير مشيرا « إنكم تواجهون تحديات بوصفكم مؤتمنين دينيين من قبل جماعتكم، ومن هذه التحديات توضيح مهمة رجل الدين الذي لا يملك إلا هذه الكلمة الطيبة المؤثرة، يقدمها على شكل نصيحة لله ولرسله وللمؤمنين وعامة الناس وأصحاب القرار منهم خاصة. إن رحل الدين شاهد موضوعي وما أضعب التشخيص ولكي يكون الشاهد موضوعبا ينبغي أن يملك حريته، وموضوع تأهيل الناس للحرية هو مشروع الأشخاص النموذجيين في الدين». وشدد التوفيق على حق الأقلية المؤمنة في الكينونة وأن يكون لهم صوت في مجتمع اليوم المتماهي مع الخطابات اللادينية. إذ قال :«من حق بعض الناس أن يكونوا مؤمنين وأن يؤخذ حقهم هذا بعين الاعتبار على مستوى الجماعة، ومن حقهم تبعا لذلك أن يُستمع إليهم إذا حذروا من الاقتصار على الافتتان بالدنيا أو ادعوا إدخال بعد الآخرة في الحسبان، يمكن أن يسهم إسهاما كبيرا في إصلاح الدنيا، دون إكراه أحد في شيء أو التفريط في شيء مما يحرص عليه الذين لا يهمهم هذا السؤال الكبير، سؤال الآخرة في علاقته بالدنيا». أما رئيس "منتدى تعزيز السلم في المجتمعات المسلمة"، الشيخ عبد الله بن بيه أعمال الملتقى، فاعتبر أن رعاية الملك محمد السادس للقافلة، تؤكد « حرص عقلاء المسلمين على مد جسور السلام والوئام بين أبناء مختلف الأديان، من أجل عمارة الأرض بالخير والجمال وحماية حقوق الإنسان». وذلك، حسب «إعلان مراكش التاريخي في يناير 2016». وأضاف الشيخ أن تأمل الأزمات التي تهدد الإنسانية تزيد الاقتناع « بضرورة التعاون بين جميع أهل الأديان وحتميته واستعجاليته. وهو التعاون على كلمة سواء قائمة لا على مجرد التسامح والاحترام بل على الالتزام بالحقوق والحريات التي لا بد أن يكفلها القانون ويضبطها على صعيد كل بلد. غير أن الأمر لا يكفي فيه مجرد التنصيص على قواعد التعامل، بل يقتضي قبل كل شيء التحلي بالسلوك الحضاري الذي يقصي كل أنواع الإكراه والتعصب والاستعلاء». وقد ذكر الشيخ ابن بيه بمقتضيات إعلان مراكش، الذي أعلى كرامة الإنسان بوصفه أول مشترك إنساني ويدعو مختلف الطوائف الدينية التي يجمعها نسيج وطني واحد إلى «معالجة صدمات الذاكرة الناشئة من التركيز على وقائع انتقائية، ونسيان قرون من العيش المشترك على أرض واحدة، وإلى إعادة بناء الماضي بإحياء تراث العيش المشترك، ومد جسور الثقة بعيداً عن الجور والإقصاء والعنف». ودعا ممثلي مختلف الملل والديانات والطوائف إلى التصدي لكافة أشكال ازدراء الأديان وإهانة المقدسات وكل خطابات التحريض على الكراهية والعنصرية. ومن جانبه، شدد كبير القساوسة في دالاس، القس بوب جين روبرتس، على ضرورة المرور إلى «مرحلة الفعل والعمل الحقيقيين في أفق مد الجسور بين الحضارات والثقافات والشعوب». وأضاف القس أن « إشاعة الحب المطلق بين الناس هو السبيل للخروج من التعصب القبلي والديني». وزاد قائلا :«حان الوقت لبناء الجسور وقد تعبنا من الخطابات». وكذلك، تحدث أمين عام "منتدى تعزيز السلم في المجتمعات المسلمة"، رئيس هيئة الأوقاف والشؤون الإسلامية في دولة الإمارات، الدكتور محمد مطر الكعبي عن تميز العلاقات الرابطة بين المغرب والإمارات، وبخاصة في المجالين الديني والإنساني. و أضاف موضحا أنه « من الطبيعي أن يأتي ملتقى القافلة الأمريكية للسلام في الرباط بعد لقاء ناجح ومثمر في أبوظبي مطلع ماي الماضي». وأشار إلى أن «الحكماء والعقلاء الذين اجتمعوا في أبوظبي آمنوا بأهمية إنشاء حلف فضول عالمي يضم الديانات المختلفة، ويرتقي بالقيم الإنسانية إلى المستوى الذي أراده الله سبحانه وتعالى لخليفته في الأرض». ويلتئم أعضاء "قافلة السلام الأمريكية" في الرباط، برعاية من الملك محمد السادس، وبالتعاون مع "منتدى تعزيز السلم في المجتمعات المسلمة" برئاسة الشيخ عبد الله بن بيه. إذ انطلقت فعاليات المرحلة الثانية من استراتيجية "قافلة السلام الأميركية" في الرباط صباح أمس الثلاثاء 24أكتوبر لتختتم يوم غد الخميس 26 أكتوبر 2017، بحضور ممثلي الأديان الإبراهيمية في أكثر من عشرين ولاية أميركية، إلى جانب كوكبة من العلماء والمفكرين والشخصيات الرسمية والثقافية، يتقدمهم أمين عام منتدى تعزيز السلم، رئيس هيئة الأوقاف والشؤون الإسلامية في دولة الإمارات، الدكتور محمد مطر الكعبي، ووزير الأوقاف، أحمد التوفيق، و رئيس منظمة أديان من أجل السلام، وليام فندلي، وكبير حاخامات الطائفة اليهودية في واشنطن، الحاخام روبي بروس لاستيك، وكبير القساوسة في دالاس، القس بوب جين روبرتس.