أروبا التي تتلاعب بوحدتنا الوطنية و الترابية، هي نفسها أروبا بيسارييها، و فوضوييها، و جمهورييها، و ايكولوجييها، و رأسمالها، و حقوقييها...ضد انفصال كطالونيا، و ضغطت بكل ثقلها في الساعات القليلة الماضية من اجل تأجيل خطاب رئيس الحكومة الكطلانية لأكثر من ساعة قصد تعديله، و جعله أكثر لينا اتجاه مدريد يفتح الباب أمام الحوار برعاية دولية كما جاء في كلمته، و هي في حقيقتها رعاية أروبية. أروبا تتوحد ضد انفصال كيان منها، و قد عبر عن ذلك رئيس الحكومة في كلمته، عندما قال بشكل واضح، ان انفصال كطالونيا و تأسيس جمهورية يطرح تحدي كبير داخل أرويا، و هو التحدي الذي لم يستطع أن يتجاوزه، رغم أنه حاول الظهور بمظهر المنتصر، المدعم من طرف " الجماهير" الكطلانية، و بسبب هذه " التحديات" الاروبية طالب بالحوار، كما طالب بالتخفيف من حدة الضغط اتجاه مدريد. لقد وصلت اسبانيا لهذه النقطة، من خلال استعمال مدريد لثلاثي " الرعب" : - دعم الراسمال الاسباني و الاروبي اللذين معا انطلقا في نقل مقرات شركاتهما و بنوكها الكبرى من برشلونة الى مدريد. - دعم ديني من خلال موقف البابا الاسبوع الفارط الرافض للانفصال و للاستفتاء. - الاستناد على الدستور، و هو الاستناد الذي كان سيؤدي بحكومة مدريد الى الاعلان عن تعليق الحكم الذاتي، و التدخل مباشرة في كطالونيا لتعليق أحكامه، و لتفادي هذا الموقف الدستوري عمد رئيس الحكومة الكطلانية الى الاعلان بشكل محتشم على " الجمهورية" للحفاظ على شعبيته، و على الشارع الذي سيحتاجه بل سيستعمله في حواره مع مدريد، و كذا من خلال عدم اعلانه على تعليق استعمال الدستور الاسباني و القوانين الاسبانية بكطالونيا و تعويضها بالقوانين الكطلانية التي كان قد أصدرها البرلمان الكطلاني منذ مدة التي كانت قد أسقطتها المحكمة الدستورية. لقد شهدنا اليوم، نفاق أروبي كبير، بيسارييه، و يمينه، و منظماته الحقوقية...، فهي لا تتورع في استعمال جميع الأوراق للضغط على دول الجنوب من أجل انتزاع مكاسب خاصة الاقتصادية منها على رأسها اللعب على وتر " تقرير مصير الشعوب" و الانفصال، حقوق الانسان و مطالبة المنتظم الدولي بالتدخل الفوري من اجل شرعنة الاحتلال الجديد، و تقسيم البلدان و صنع خرائط جديدة بالمنطقة، هي نفسها من دعمت موقف الحكومة الاسبانية، لم نسمع منها أية ادانة قوية للتدخل الامني يوم الاستفتاء، فاتح اكتوبر الماضي أغلبها صمت، و عندما تحدثت لم يزد اعلانها عن احتجاج محتشم، و قلق من التدخل الامني... و لم يطالب أي كيان أروبي سواء كان حقوقي، أو سياسي باحترام ارادة " الشعب الكطلاني" بل تجاهلوا الاستفتاء و نتيجته، و تعاملوا معه كأنه حدث عابر، لا قيمة قاونية أو حقوقية له، رغم أنه بالتعامل الحرفي مع شعار تقرير المصير الذي يرفعونه يوميا في وجه بلداننا، فقد كان تجسيدا لهذا الشعار و لمضمونه، لكن بما أنه مس مصالح اروبا المالية، الاقتصادية، و السياسية كان سيدفع بتزايد حجم المطالب القومية في اروبا و باقي دول العالم فقد نأت بنفسها عن هذا اليوم، بل اعتبرت تعامل الحكومة مع الاستفتاء هو شان داخلي باسبانيا. لست امام الدفاع عن استقلال كطالونيا، و لا المطالبة بالانفصال، فنحن كما مع وحدة الشعول و الوطن هنا، مع نفس الموقف باسبانيا و بالعراق و بالسودان التي قسمت ضدا على تاريخ المنطقة، لكن هذا الحدث كشف لنا بالملموس و أثبت لمن كنا نرافع أمامهم و نخبرهم أن هناك من يستعمل العديد من المنظمات الدولية " الحقوقية" ليس لخدمة حقوق الانسان، بل لخدمة أجندات سياسية معينة دولية تتعلق بالمنطقة ككل، و بتوازن تريد ابقاءه لاضعاف شعوبنا.