إلى أين يسير المغرب؟ ما هي آفاق الاقتصاد المغربي ونموه، وما هي حدود ذلك ؟ أسئلة من بين أخرى تم تداولها بالدار البيضاء، خلال اللقاء الذي عقده المركز المغربي للظرفية، لتقديم دراسة، أنجزها حول سيناريوهات النمو في أفق سنة 2030، والتي استغرق إنجازها مدة سنتين. الدراسة حملت عنوان «المغرب2030 ما هي مسارات الانبثاق - سيناريوهات النمو مابين2017 و2030»، فيما يؤكد أحمد لعبودي مدير المركز، أن اختيار كلمة الانبثاق، «emergence» لم تأت عبثا، بل لأنها أصبحت متداولة وعلى مستوى أعلى جهة في البلاد، وذلك في إشارة إلى الخطاب الملكي، الذي أشار إلى أن المغرب يجب أن يستعد ويجتهد لكي يتبوأ مقعده بين الدول الصاعدة. وبعد تشخيص لواقع النمو بالمغرب، طيلة السنوات الماضية، خلصت الدراسة إلى ثلاثة سيناريوهات، سيواجه المغرب أحدها خلال الخمس عشر سنة القادمة. السيناريو الأول، يتعلق ببقاء الحال على ما هو عليه واستمرار الاختيارات الاقتصادية نفسها، وهو سيناريو غير مقبول بتاتا، لأنه «إذا استمرينا في هذه الاختيارات، فإن دخل الفرد السنوي، سينخفض من حوالي 31 ألف درهم سنويا إلى 4000 درهما فقط سنويا في أفق سنة 2030، يضيف مدير المركز المغربي للظرفية، متسائلا: «آش غادي تساوي هاذ 4000 الدرهم في 2030». ويعتمد السيناريو الأول على المعطيات والتغيرات التي شهدها المغرب خلال السنوات الأخيرة، لكن هذه الأخيرة لن تحقق التغييرات المطلوبة، مقارنة بالعشرية الماضية، فيما لن تسجل إلى 4,5 كمعدل نمو على أقصى تقدير في أفق سنة 2030، كما سيعرف المغرب في أفق هذا التاريخ، إذا ما بقيت الحال على ما هي عليه عدة إكراهات مرتبطة بالتشغيل والمالية العمومية والتجارة الخارجية، لذلك يتعين التسريع باتخاذ إجراءات للحد من تأثير التداعيات السلبية الخارجية، وبعث نفس نفس جديد في دينامية النمو. أما السيناريو الثاني، فمرتبط بالعوامل الخارجية، وتوجهات السياسة الماكرو اقتصادية. وقال المركز المغربي للظرفية بخصوص هذا السيناريو الذي أطلق اسم «سيناريو النمو الضعيف»، إنه حتى لو تم اتخاذ إجراءات إصلاحات لتحسين مناخ الأعمال، فإن ذلك لن تكون التأثيرات المرجوة على مستوى النمو، علما أن لا أحد يمكنه التكهن بتطورات الوضع الاقتصادي العالمي. وأضافت الدراسة،أنه بالنظر إلى العوامل الخارجية وحالة اللايقين على المستوى الدولي، فإن أفضل معدل نمو يمكنه تحقيقه قد لا يتجاوز 3 في المائة، مما يطرح السؤال حول التدابير التي يتعين اتخاذها والتغييرات التي يجب الإسراع بإجرائها، في حال وقوع مفاجآت. ثالث السيناريوهات التي سطرها المركز المغربي للظرفية، يعد بتحقيق معدلات نمو قد تصل إلى 7 في المائة في أفق سنة 2030 لكن يتعين مقابل ذلك القيام بإجراءات حاسمة، من خلال استثمار الظرفية المواتية. وينطلق هذا السيناريو من ظرفية دولية مواتية إلى جانب اتخاذ إجراءات لخلق اقتصاد مندمج ومنفتح علي محيطه. بالنسبة للمركز المغربي للظرفية، فإن المغرب بإمكانه تحقيق هذا النمو، إذا هيأ الأرضية المناسبة لاقتصاد مصدر. في هذا الإطار أثار القائمون على الدراسة، نقطة عدم استثمار المغرب جيدا لاتفاقيات التبادل الحر التي وقعها مع العديد من الدول. كما دعت الدراسة الجهات التنفيذية، إلى إعادة النظر في الاستثمارات العمومية، بالعمل على توجيهها نحو القطاعات ذات القيمة المضافة العالية، منوهة في الوقت نفسه بالمهن الدولية للمغرب، التي لعبت دورا في تعزيز القدرة التصديرية للمملكة، لكن ذلك يبقى غير كاف، بسبب ضعف الإنتاجية وتنافسية الاقتصاد المغربي. وخلصت الدراسة بخصوص هذا السيناريو إلى أنه من الممكن تكون له تداعيات جد إيجابية على مستوي العيش وعلى التشغيل الذي سينخفض إلى 7,5 في المائة، وفق هذا السيناريو الذي وصفه المركز المغربي للظرفية ب«سيناريو الانبثاق».