بعد سنوات من العمل بنظام للوظيفة العمومية ساهم في تحديث المجتمع وحقق بعض المكاسب، حان الوقت لنظام جديد لم يعد يحتم الترقيع. هكذا تكلم الوزير المنتدب لدى رئيس الحكومة المكلف بالوظيفة العمومية وإصلاح الإدارة، معتبرا أن من أمراض هذا النظام قتل الفعالية والحوافز، وسيادة مفهوم الأمن الوظيفي الذي ينتج الخمول والكسل، وفي نفس الوقت يحد من طموح الموظفين في تجديد أنفسهم. إصلاح أعطاب الإدارة العمومية المغربية، وفق تعبير الوزير ، يستدعي العودة إلى السياق الذي نمت فيه هذه الأعطاب وترسخت، فمنذ بدايةَ استقلال المملكة، تشكلت إدارة عبارة عن خليط بين إدارة المخزن ومخلفات الحماية، مشيرا معتبرا إلى أنَ الإدارة المغربية تعاني حاليا مما يسمى ب "المرض الطفولي"، "وهو مرض يحاحب الانسان ويدفعه للقوقع والريبة والخوف. الوزير قال:« أنَ الإصلاح العميق والجذري للإدارة العمومية، كما نادى به الملك في خطابه بالبرلمان، أمر ضروري، كما أكد على ضرورة جعل المواطن المغربي في صلب هذا الإصلاح، «لأن مواطن اليوم ليس متخلفا، بل بات أكثر وعيا بحقوقه، ولديه نصيب من المعرفة بفضل الارتباط بشبكة الإنترنت، وبالتالي فلا يمكن أن تظل الإدارة على ما هي عليه»، مستطردا« "أي إصلاح لا ينعكس إيجابا على المواطن فهو ليس إصلاحا». وفي معرض حديثه عن الإجراءات الأولى التي قامت بها الوزارة في المائة يوم الأولي ، قال الوزير إن هناك مراسيم صدرت لتأمين عمليات الإصلاح ومنحها ضمانات الشفافية ، ومنها مرسوم تطبيفق نظام التعاقد، حيث اعتبر الوزير أن التوظيف بالتعاقد ضرورة لا بد منها من أجل حماية الدولة من الاندثار، مشيرا أن الوظيفة العمومية بشكلها الحالي تسببت في انهيار دول لأنها غير منتجة وتضر بميزانية الدولة، مزيلا في نفس الوقت الالتباس الخاص بالتوظيف بالتعاقد في قطاع التربية الوطنية. وأبرز الوزير، الذي كان يتحدث أول أمس في لقاء تواصلي نظمته الكتابة الإقليمية لحزب الاتحاد الاشتراكي بالرباط، أن هناك من يأتي للوظيفة العمومية من أجل الحصول على امتيازات وليس لتقديم الخدمات، مشيرا أن هناك مظاهر سلبية بدأ التعبير عنها جهرا ، ومنها ما وصفه ب «مكسب الغش» في الامتحانات، وهو ما يطرح تساؤلا أعمق عن حدود مفهوم محاربة الفساد.. وفي معرض حديثه عن العنصر البشري في جدول الاصلاح المذكور ، قال بنعبد القادر «إن إصلاح الإدارة والوظيفة أكد أنَ الإصلاح يجب أن يتم بإشراك الموظفين، وكسب انخراطهم كقوة اقتراحية، بمعنى أنهم شركاء في الإصلاح وأن الإصلاح ليس ضدهم»، مشددا على أنَ المغاربة، وإن كانوا متفقين جميعا على أنّ الإدارة العمومية تعاني من عاهات، «إلا أنه سيكون مفيدا جدا أن نأخذ هذه النظرة في نسَقيتها، وعدم فرَدنة الموضوع، لأن الموظف نتاج مناخ ثقافي واجتماعي أعطى هذه النتيجة من تقاعس وكسل"، على حد قوله. وشدد المصدر ذاته على أن اللجوء إلى نظام التعاقد بدل التوظيف الدائم من شأنه أن يعزز من المردودية والتنافسية بين الموظفين، مشيرا أن المرسوم الذي أصدرته وزارته حدد كيف تتم عملية التعاقد، كاشفا أن المرسوم يخضع لثلاث معايير وهي أن المتقدمين لمباريات التعاقد سيعملون في إطار نموذج عقدة موحدة وسيخضع المتقدمين لها لمباراة بموجب قرار وزاري، أما الإجراء الثالث فهو أنه ستكون هناك رواتب محددة وليس بينها تفاوت. وطمأن الوزير بأن المرسوم الخاص بمباريات التعاقد سيضمن الشفافية، متعهدا بمعالجة أي نقائص ستعترضه إن ظهرت في المستقبل، داعيا إلى الثقة في قرارات الدولة ومساندتها، منوها في السياق ذاته إلى أن مرسوم التوظيف بالتعاقد الذي أصدرته وزارة إصلاح الإدارة والوظيفة هو خاص بالإدارات فقط، ولا علاقة له بالمؤسسات، التي لها إطار خاص بها وليس لمبارياتها الخاصة بالتعاقد صلة بمرسوم الوظيفة العمومية.