أجمع باحثون ومختصون وهم يناقشون المسارات الممكنة لقضية الصحراء المغربية في ظل إدارة الرئيس الجديد للولايات المتحدةالأمريكية، دونالد ترامب، ( أجمعوا) على صعوبة الجزم بملامح السياسة الخارجية لهذه الإدارة وخاصة في ارتباطها بالقضية الوطنية. وسعى المتدخلون في ندوة حول موضوع "ملف الصحراء والإدارة الأمريكيةالجديدة" نظمها مركز الدراسات السياسية والاستيراتيجية للشؤون الصحراوية الجمعة 16يونيو2017 بالرباط، ( سعوا) إلى الإمساك بتوابث السياسة الخارجية للإدارة الأمريكية لتدعيم طروحاتهم وقراءاتهم في ما يهم تعاطيها مع ملف الصحراء المغربية. وشددوا على أن المحددات الثابثة للسياسة الخارجية لأمريكا هي تعزيز مصالحها الجيواستيراتيجية والسياسية . ونبهوا إلى أن عقلية دونالد ترامب الاقتصادية والليبرالية ستؤطر بشكل كبير تعاطي إدارته السياسي والدبلوماسي . وفي هذا السياق، كشف رئيس شعبة القانون العام بكلية العلوم القانونية بجامعة محمد الخامس أكدال الرباط، أحمد بوجداد، أن انتخاب دونالد ترامب، وفضلا عن أنه خلق المفاجأة لدى الرأي العام الأمريكي والدولي على حد سواء، جعل الولاياتالأمريكية منقسمة على نفسها بشكل غير مسبوق. وأشار أحمد بوجداد إلى أن وصول ترامب إلى الرئاسة "خلق انقلابا وزعزع الأحزاب كما مكونات المجتمع الأمريكي مما ينبئ ببروز جيل جديد . وهو ما يستدعي بروز إدارة جديدة". وخلص أحمد جداد إلى أن لا أحد يستطيع أن يجزم بشأن الخطوط الحاسمة للسياسة الخارجية، التي سيتبعها دونالد ترامب خلال المرحلة المقبلة في ما يهم شمال أفريقيا بشكل عام وقضية الصحراء بشكل خاص. وأبرز أحمد بوجداد ثلاثة محددات قال إنه يمكن استحضارها حين الحديث عن موقف دونال ترامب من قضية الصحراء، سردها كالتالي: " غياب الوضوح في موقف دونالد ترامب من عدد من القضايا وهو ما يمكن تسجيله أيضا بالنسبة للكونغرس الأمريكي، ولموقف الشركاء الدوليين. ثم، اهتمام دونالد ترامب بروسيا، الخصم العتيد، وبالشرق الأوسط ، الذي يشتغل على جعله يؤدي ثمن الحماية الأمريكية لحلفائها ولمصالحهم ومن خلالها مصالح أمريكا. وبالتالي، يمكن الجزم أن شمال أفريقيا لا يوجد ضمن وليست أولويات أجندة السياسة الخارجية للإدارة الأمريكية الحالية ". والتقت مداخلات كل من وزير السياحة السابق والأستاذ الجامعي، لحسن حداد، ونظيره مدير مختبر الانتقال الديمقراطي المقارن، عبد الله عراش، والفاعل السياسي والرئيس السابق للجنة العلاقات الخارجية بالبرلمان ، المهدي بنسعيد، (التقت) في أن المحدد الأساس لسياسة دونالد ترامب هو بحثه الحثيث واللامتناهي على تقديم مصلحة الولاياتالمتحدةالأمريكية وتعزيز هيمنتها دوليا والبحث عن علاقات تجارية جديدة مربحة للاقتصاد الأمريكي. واعتبر المتدخلون أن السنوات المقبلة لابد أن يستغلها المغرب في تعميق معرفته أكثر بدواليب صناعة القرار السياسي الأمريكي، وخاصة القرارات المتعلقة بالسياسة الخارجية، وكذا تدعيم العلاقات التجارية مع الولاياتالمتحدةالأمريكية لأنها المدخل الأساس لتقوية العلاقات التاريخية مع هذا البلد وأيضا تقوية موقف المغرب ومقترحه السياسي المتعلق بالحكم الذاتي بالأقاليم الصحراوية. وفي هذا السياق، نبه رئيس لجنة العلاقات الخارجية بالبرلمان سابقا، المهدي بنسعيد إلى أن " دونالد ترامب يتاجر بكل شيء حتى السياسة الخارجية لبلاده". واقترح في هذا السياق، ما يمكن اعتباره مقترحات لتدعيم موقف المغرب، من قبيل "محاولة إقناع أمريكا بما يمكن تحقيقه بإفريقيا تجاريا عن طريق المغرب". وأشار أيضا إلى أنه "على السفارة المغربية المعتمدة بواشنطن والأحزاب السياسية المغربية الاشتغال في هذا الإطار دون الانتباه إلى الألوان السياسية". وزاد مؤكدا على ضرورة "تقوية العلاقات مع الفيدراليات لمحاولة التأثير على القرار في واشنطن". واستطرد المهدي بنسعيد قائلا: "علينا ربط القضية المغربية بأمن أمريكا واستقرارها والتجارة معها. لأن دونالد ترامب كل ما يهمه هو بلاده، بعيدا عن السياسة الخارجية". من جانبه، قال الأستاذ الجامعي بكلية العلوم القانونية محمد الخامس بأكدال والنائب الأول لرئيس مركز الدراسات السياسية والإستراتيجية للشؤون الصحراوية، أحمد التهامي، إن التوجسات التي سبقت المواقف الأولى لدونالد ترامب عقب وصوله إلى الرئاسة، تبددت بعد أن تبدت مواقف دونالد ترامب" جد مشجعة وتتماشى مع مطالب المملكة وملفها". وزاد أحمد التهامي موضحا أن قانون مالية 2017 للولايات المتحدةالأمريكية ينص صراحة في بنده المتصل بالمساعدات المالية المقدم للمغرب على إمكانية استثماره في الأقاليم الصحراوية الجنوبية. فضلا عن أن المذكرة، التي تواكب القانون المالي الأمريكي، تنص "على أن كاتب الدولة الأمريكية يعمل على الحل السياسي، والاعتراف بمبادرة الحكم الذاتي هو الحل تحت السيادة المغربية" يقول المتحدث مما يكسب الموقف المغربي ومقترحه السياسي الشرعية ويعزز التعاطي الإيجابي للولايات المتحدةالأمريكية مع ملف الصحراء المغربية . ودعا في هذا السياق، إلى استغلال هذا المعطى بشكل إيجابي والاشتغال في إطاره لتدعيمه.