(الوضع اليوم في المغرب على فوهة بركان). (الحالة التي وصلها المغرب هي نتاج عرقلة السلطة لعمل ابن كيران.) (الموجة الجديدة من الربيع العربي تضرب المغرب.) (لن يكفي الدولة أن تقدم إصلاحات جزئية، عليها أن تسقط الفساد والاستبداد الآن وحالا). (سنة 2011 التفت الدولة على مطالب الشارع بتعيين ابن كيران وإصلاح الدستور، فماعساها فاعلة اليوم؟)، وقس على ذلك ماتشاء من عبارات مسكوكة جاهزة هي عبارة عن أمنيات يدبجها أصحابها على شكل مقالات يقولون إنها نوع من التحليل للوضع السياسي في المغرب، وينشرونها سواء في مواقعهم التي يتبادلونها مع بعضهم البعض أو في المدونات العربية حين يضيق الأفق المحلي ويصبح ضروريا إيصال الكذبة بطريقة أكبر إلى أمكنة أخرى غير المغرب يعرف كتبة أو كتاب - الله أعلم - هذا النوع من التحليل أنه مضطر للسفر إلى الخارج لكي يصدق نفسه أولا ولكي يصدقه الناس ثانيا، إذ هم في الواقع المغربي غير موجودين. يختفون بين ثنايا الافتراضي، وينشرون أمنيات الفيسبوك أحلاما تراودهم وتراود من ظلوا يحركونهم على امتداد سنوات عديدة، ويجدون في المناخ الديمقراطي الذي يوفره المغرب نفسه سواء كان الأمر مظاهرة سلمية كبرى تعبر الشارع دون أدنى مشكل، أو احتجاجات عفوية هنا وهناك لا يعكر صفوها بين الحين والآخر إلا حجر مشاغبين أو بعض الانزلاقات التي لا تعني شيئا، دليلا على مايقولونه أو على مايتمنون وقوعه في البلد، مع أن ماينشرونه هو الدليل على العكس تماما كيف ذلك؟ لن نسقط فيما نلوم عليه هؤلاء الحالمين، ولن نتمنى. نحن سنكتفي برصد الواقع مثلما هو وللقارئ، ولذكاء هذا القارئ ختاما أن يحكم إن كان الكلام قد أقنعه أم أنه مثل كلام المدونين والمدونات مجرد أمنيات يريد لها صاحبها أن تتحقق ولو بالإسقاط المعيب ولي عنق الحقائق كل الحقائق. أسطورة عرقلة عمل ابن كيران هذه أسطورة اشتغل عليها الإعلام البنكيراني بقوة، طيلة عمل الحكومة، وغذتها العبارات الشهيرة التي كان أهل العقل يحذرون منها في حينها مثل "التماسيح والعفاريت" ثم "الدولة العميقة" في فترة لاحقة هذه الأسطورة تسقط بمجرد النظر إليها بالعين المجردة، وبمجرد الانتباه إلى تفصيل تاريخي لا يقف عنده عبدة "الزعيم" أبدا هذا التفصيل يتعلق بخروج حزب الاستقلال بقيادة حميد شباط من الحكومة التي كان قد كونها ابن كيران حينها كان أسهل شيء يمكن أن يحدث لو كانت لدى الدولة - عميقة كانت أم سطحية - الرغبة في عرقلة فعلية لعمل ابن كيران هو الدفع نحو إنهاء تجربته بأقل الخسائر الممكنة، بالاعتماد على حلفائه داخل الحكومة سوى أن الذي وقع كان العكس. الدولة في المغرب أرادت لتجربة ابن كيران أن تستمر. الدولة في المغرب لم تتدخل لكي تشجع من كانوا يريدون الانتهاء من حليف مزعج لهم، والدولة حرصت على احترام صوت المغاربة وعلى إنهاء ابن كيران لولايته الحكومية لخمس سنوات متوالية إلى أن كانت انتخابات السابع من أكتوبر وكان ماكان مابعد الانتخابات: من عرقل الحكومة حقا؟ هذا السؤال سيظل مطروحا إلى يوم الدين على مايبدو بين أنصار ابن كيران الذين يقولون إن جهات خفية - هي التماسيح طبعا وهي العفاريت وهي الدولة العميقة وهي بقية الترهات التي يتحدثون عنها باستمرار - هي التي عرقلت تكوين ابن كيران للحكومة، وبين الآخرين الذين يعتقدون العكس تماما، وينتقدون طريقة تصريف ابن كيران لفوزه في الانتخابات.. من عاشوا التجربة بيومياتها المختلفة منذ الثامن من أكتوبر وحتى إعفاء ابن كيران وتعيين العثماني يتذكرون تفاصيل أخرى مخالفة تماما. هم يتذكرون أن ابن كيران أراد تحديد لوائح وزراء الأحزاب الأخرى التي ستشارك معه بالإضافة إلى تحديد لوائح وزراء حزبه. وهم يتذكرون أن ابن كيران الذي قصف وزراء معه في الحكومتين السابقتين عبر مقربيه في الإعلام، قرر أن يضم إليه نفس الوزراء لكن شريطة أن يأتوه مبايعين غير قادرين على إبداء معارضة ولو كانت صغيرة لقرارات الزعيم. وهم يتذكرون أيضا أن الرجل وصل في لحظة من لحظات تشنجه التي يتقن لوحده القيام بها والوصول إليها أنه أقسم الأيمان الكبرى للمغاربة أن حزبا لو دخل إلى الحكومة فإنه لم يعد يسمى ابن كيران باختصار حالة من التشنج القصوى أوصلت البلد إلى ما أوصلته عليه، والتي يستحيل على عاقل أن يحمل مسؤوليتها لجهة واحدة دون الأخرى اللهم إلا إذا كان من أنصار هاته الجهة أو تلك . لكن كل هذا اليوم لا يهم . الأهم منه طرح السؤال المتخفي في جبة التحليل السياسي الذي نتحدث عنه وهو سؤال: هل كان هذا هو التهديد الذي كان يرفعه ابن كيران دوما في وجه معارضيه الواد وقطعه والأرجل المبللة عبارة ابن كيران الشهيرة "راه مازال ماقطعناش الواد ومازال مانشفوش رجلينا" تعود هذه الأيام على لسان أصحاب هذا التحليل "الإسقاطي" لكي يجدوا فيها الدليل على صحة أمنياتهم ولكي يقولوا لنا بالعربي الفصيح إن "ابن كيران لوحده كان قادرا على ضبط الشارع وضمان استقراره وهاأنتم اليوم ترون النتيجة بعد أن ذهب الرجل" التحليل فادح للغاية، وحتى ابن كيران نفسه لو سأله أصحاب هاته الأمنيات عن رأيه في هذا النوع من الإسقاط لقال لهم بطريقته الخاصة في الحديث "بعدوا عليا...فهمتوني ولا لا؟" الرجل بنفسه يعرف أن الاستقرار في المغرب لا يضمنه شخص واحد بل يضمنه المغرب ككل، ومن يلعبون هاته اللعبة الخطيرة ويحاولون إدخالها إلى أذهان الناس وإن كانوا على علم بكذبها وعدم صوابها يحاولون فعلا جرنا إلى أن نكون "الموجة الجديدة من الربيع العربي" مثلما يأملون، وهم يعلمون علم اليقين أن اللعبة كلها تلعب بالأشخاص مثلما وقع في دول أخرى وأنه من الضروري إطلاق الكذبة وترديدها ومواصلة هذا الترديد إلى أن يصدقها سامعها بل وإلى أن يصدقها مطلقها هو الأول الاستقرار في المغرب الذي ترسمه "تحاليل" غير طبية لأناس لابد من التساؤل عن سلامة فهم العقلي للسياسة ، هو استقرار يضمنه الشعب ويمضنه الملك ويضمنه البلد، وهو استقرار عبر عن نفسه يوم رفض الناس كلهم من أقصى طنجة إلى أقصى الكويرة عبارة نزق ندت عن ناصر الزفزافي الموجود اليوم رهن التوقيف حين قال "الاستعمار الإسباني أرحم من الاستعمار العروبي". وهو استقرار تضمنه شعارات الناس المصرة على الوحدة وعلى السلمية وعلى اجتماعية المطالب العادلة والمشروعة. الاستقرار في المغرب يضمنه خوف القلة الانفصالية التي اندست في احتجاجات الحسيمة من المجاهرة بحقيقة تفكيرها لأنها تعرف أن أي مواطن مغربي من الحسيمة وأي مواطنة مغربية من الحسيمة حين سيسمعان كلمة "الانفصال" أو "الاستعمار العروبي" سيعودان إلى منازلهما وسيكتفيان، سيفهمان المقلب وسيقولان "بيك آوليدي، معانا حنا؟" هذا بالتحديد مايزعج أصحاب التحليلا ت الإسقاطية ويجعلهم يلوون عنق الحقيقة ويخترعون واقعا على الأنترنيت لا علاقة له بالواقع الموجود على الأرض والذي يعيشه المغاربة يوميا مشاكل المغرب: كيف السبيل إلى حلها ؟ هل المغرب بلد بدون مشاكل؟ من سيجيب "نعم هو بلد بدون مشاكل، وهو جنة الله على الأرض، وهو سويسرا الإفريقية" شخص مشكوك في قدراته العقلية، تماما مثلما هو الشك قائم في قدرات محللي الفيسبوك الإسقاطيين هؤلاء الذين يذهبون إلى المدونات لكتابة آمالهم وتقديمها على شكل قراءات سياسية المغرب بلد فقير بمشاكل ضخمة، وبعديد السلبيات، وهو يعترف قبل أن يقولها له "علماء الربع ساعة الأخير" بهذا الوضع، ويعترف أنه يمضي الوقت كله في البحث عن حلول لهاته المشاكل من يعود إلى كل خطب الملك منذ توليه مثلا سيجد تشخيصا صريحا للوضع، ومساءلة لكل جهة داخل الدولة عن نصيبها من المسؤولية، ودعوة لمقاربة من نوع آخر لمشاكل البلد تعتمد شجاعة الطرح، ووضوح الرؤيا والصدق في تقديم المشاكل والصدق أيضا في تقديم الحلول. لنكن صرحاء الآن أكثر من صراحتنا منذ بدء الكلام: هذه المقاربة تلزمها طبقة حزبية وأخرى من المجتمع المدني، وثالثة من رجالات الدولة تسندها وترافقها وتقوم بتنزيلها على أر ض الواقع. ولن نتورط مثل محللي الإسقاطات الفيسبوكية في الحكم بسرعة ألا وجود لمن يقوم بالتنزيل، لكن نستطيع القول إن ما أفسدته عطارتنا الجماعية على امتداد عقود طويلة يلزمه وقت غير يسير لكي يصلح نفسه بنفسه أو لكي نصلحه نحن بأيدينا. وهذا الإصلاح، وهذه معلومة سيئة بالنسبة للمحللين إياهم لن يكون برشق سيارات الأمن بالحجارة، ولن يكون باحتلال الشارع سبعة أشهر وزيادة ووصف كل من يرغب في الحوار وحل الإشكال ب"العصابة"، ولن يكون بالضغط عبر وسائل التواصل الاجتماعي والمطالبة بإطلاق سراح الجميع سواء كان هذا الجميع بريئا أم كان بعضه متورطا فيما يدخل تحت طائلة المساءلة القانونية، ولن يتحقق باللجوء إلى الأجنبي المعادي وطلب الإغاثة منه، ولن يتحقق ببث الأخبار والفيديوهات الكاذبة عبر الأنترنيت لتجييش الناس وبث الذعر فيهم، ولن يتحقق عبر سب جزء كبير من المغاربة ووصفه بأنه "عياشة" و"مخازنية" يريدون الحفاظ على مصالح وهمية لاتوجد إلا في أذهان أصحاب الإسقاط الذين تحركوا طيلة حياتهم وفق لعبة المصالح هاته. لا، أبدا وقطعا ودون أي شك أو ريب. إصلاح مشاكل المغرب سيتم بالطريقة المغربية: التوافق، الجلوس إلى طاولة حوار واحدة يلتف حولها الصادقون ممن لم يمدوا اليد يوما إلى فلس أجنبي، ولم يثبت أن تورطوا في خدمة هذا الطرف الراغب في شيء ما أو الطرف الآخر الحالم بانتقام ما، ثم طرح كل مشاكلنا ورؤية الحلول المقترحة لها، والاقتناع أن بعضها قابل للحل الآن وفورا، وبعضها الثاني سيحل بعد فترة يسيرة، وبعضها الثالث سيحل بعد طول الفترات وبعض رابع لن يحل أبدا، وتلك سنة الله في خلقه يبقى السؤال ختاما عن قدرة صوتنا العاقل - وهو متوفر بكثرة في الكائن المغربي - على الرد بقوة على أصحاب هذا الإسقاط التحليلي العجيب الذي تشتم - بمجرد إطلالة صغيرة على أسماء رعاته وسحناتهم هاته الأيام، سواء في صحافة ورقية معينة أو في الأنترنيت وفوضى الحواس التي يحياها أو في بعض الصفحات الفيسبوكية بعينها- رائحة شيء غير زكي يحاك ضد البلد لذلك يردد المغربي البسيط والمغربية البسيطة من عمق تحليلهما العفوي للوطن الذي يعيشان فيه "حمى الله المغرب العظيم"، ويواصلان مع المطالبة العادلة بإصلاح أحوال البلاد والعباد الثقة بالوطن، لأنهما متأكدان ألا ثقة في تجار الشعارات من أصحاب هاته التحليلات الإسقاطية، فقد جربناهم سابقا عديد المرات وخانونا، ولن نعطيهم أبدا في المستقبل فرصة تجريب كذبهم فينا مرة أخرى... لا، الوطن، هذا البراح الحضاري الذي يمكننا من العيش سويا بكل اختلافاتنا تحت أجنحته أثمن بكثير من أن نكذبه، وأن نصدق من كانوا دوما مجرد باعة ومشترين في كل الأسواق.