-- ألو ! أنا ابن كيران يبتدئ يوم رئيس الحكومة على الساعة التاسعة حيث يتناول فطوره ويطلع على الصحافة ويوقع على الملفات التي تصل إلى سبع ملفات في المجموع. وأثناء فطوره يشرع فى المكالمات الهاتفية التى تطول فى غالب الأحيان. ولا يتردد فى الإجابة على الأرقام التى سبق أن حاولت الإتصال به لدرجة أنه مرة اتصل بصاحب الرقم المسجل عنده فتفاجأ المواطن الذي لم يصدق ورد على ابن كيران "إذا كنت أنت ابن كيران فأنا أوباما" وقفل سماعة الهاتف في وجه رئيس الحكومة دون أن يتأكد من على الهاتف. و لشهور عديدة لم يغير ابن كيران رقمه الهاتفي. والنتيجة أنه كان يضيع وقتا ثمينا فى الإجابة على الصحافيين وعلى أصحاب الشكاوى. وهناك طرائف أخرى روى إحداها وزير ينتمي إلى العدالة والتنمية. فمباشرة بعد تعيينه توصل ابن كيران بمكالمة في حدود العاشرة ليلا من طرف مسافر على متن قطار توقف عن السير بسبب عرقلة فى ناحية سيدى قاسم. وقد وعد ابن كيران المسافر أنه سوف يتدخل وطلب رئيس الحكومة من المسافر أن يبقى على اتصال به من أجل تزويده بآخر التطورات. لكنه اضطر إلى تغيير رقمه ويستعمل الآن أرقاما غير مكشوفة. يصل ابن كيران إلى مقر رئاسة الحكومة في حدود العاشرة صباحا حيث يطول يومه إلى حدود السابعة مساء تتخللها ساعة واحدة لتناول وجبة الغذاء المهيأة في منزله داخل وزارته وبرفقة وزيره عبد الله بها. "لا يشبه رئيس الحكومة الحالي أيا من سابقيه، إنه يسكن في منزله المعتاد ويحكي بتفصيل لقاءاته مع الملك ويتكلم لغة الشعب.رحلة فى عالم الإسلامي الأول للمملكة" الخميس 11 يوليوز 2013 عبد الإله ابن كيران يستعد لمغادرة منزله العائلي في الرباط قبل الساعة الحادية عشرة صباحا بقليل. وكعادته تمهل بضعة دقائق ليستمع لشكاوى بعض الأشخاص الذين اجتمعوا أمام باب بيته. استل صحافي بين الجموع مستغلا الظرف لطرح سؤال على رئيس الحكومة حول استقالة الوزراء الاستقلاليين. ابن كيران الذي لم يقدم لحد الساعة أي تصريح في الموضوع تفاجأ بالسؤال. توقف قليلا من الوقت وأمعن طويلا في الصحافي قبل أن يجيبه بالقول: "بالفعل توصلت بخمس استقالات ولكن لم أقدمها بعد لصاحب الجلالة. وعندما أقوم بهذا سوف أخبرك". بالنسبة لوزير التربية الوطنية محمد الوفا فهو كما قال رئيس الحكومة غير معني. ثم عاد ابن كيران للاستماع إلى المواطنين المحلقين حوله تارة يشد على الأيادي الممتدة له وتارة يرسل ضحكاته المعهودة. استمر المشهد عدة دقائق أخرى قبل أن يطلب منه مساعدوه التوجه نحو السيارة الأنيقة المخصصة له والتي وجدت صعوبة في شق طريقها وسط هذا الشارع الممتلئ. وعندما اختفت السيارة تنفس رجال الشرطة المكلفين بالحراسة الصعداء. "هذا المشهد أصبح مألوفا لأن الرجل فى متناول كل مواطن سواء هنا أمام منزله أو أمام مقر حزبه أو على هامش حدث رسمى. فعلى عكس سابقيه ابن كيران لا يتهرب من الصحافة ولا من المواطنين العاديين. يأخذ دائما من وقته ليستمع أو يجيب على أسئلة ما. من الواضح أن للرجل أسلوبه الذي يميزه عن غيره، هذا هو رئيس الحكومة المختلف عن الذين عرفناهم إلى اليوم"، يقول عبد الحق بلشكر، الصحافي بجريدة أخبار اليوم. ابن كيران ظاهرة ليست جديدة، إذ لعب الرجل دائما دورا محوريا خلال مساره الطويل وطيلة تكوينه السياسي، ففي سنة 2008 عندما تولى مهمة الأمين العام لحزبه اكتشف المغاربة رجلا مبتسما بلحية بيضاء ونقيضا لسلفه سعد الدين العثماني الذي كان دائما شديد الحرص على هندامه ومظهره، بخيلا في إعطاء التصريحات والاستجوابات ومتحفظا أو محتشما، بالعكس ابن كيران لا يولي كثيرا من الاهتمام لمظهره الخارجي ولا يتقلد ربطة العنق وفي الصيف يأتي لاجتماعات حزبه أو فريقه البرلماني بنعل في قدميه. لكن الرجل وحش سياسى ومتشاجر يرد الصاع صاعين ويجيب بالند للند على خصومه ومناوئيه وما أكثرهم، وعلى منصات التصوير التلفزي لا يبالي كثيرا بالأعراف المعمول بها هناك، إنه يفقد هدوءه أو يضحك بصوت عال أو يضرب بيده على الطاولة أو يشير بأصبعه لمحاوره أو يقاطعه فى الكلام. وبالرغم من هذه التصرفات تتهافت عليه وسائل الإعلام وهو يستقبلها بدون بهرجة. بل واستطاع بعضها أن يلج غرفة نومه ويأخذ له صورا وهو مستلق على فراشه استجابة لواجبه في استقبال الإعلاميين بالرغم من الإعياء أو المرض، وقد يحدث أن يتجرد من نعاله أو حذائه أثناء استجوابه وبدون حرج. "إنه رجل معتز بنفسه ولا يتوقف عند مثل هده التفاصيل" حسب تصريح أحد الصحافيين الذي لازمه طويلا. وحش سياسي من الطراز الرفيع أصبح عبد الإله ابن كيران بسرعة فائقة أيقونة الرأي العام وتحول كل ظهور له إلى عرض يُتابعه الملايين من الأشخاص عبر التلفزيون أو عبر الأنترنيت، حيثما مر أو حل وارتحل تكون القاعات أو أماكن اللقاءات مملوءة عن أخرها. يقول أحد المسؤولين في العدالة والتنمية : "كان علينا أن نسجل قطيعة داخل الحزب. لقد دبر سعد الدين العثمانى بحنكة زوبعة 16 مايو 2003. لقد قبل بعدة تنازلات لكي يجنب الحزب فرضية حله. وابتداء من 2008 كان علينا أن نصعد بقوة كي نعيد مكانتنا الاعتبارية داخل المشهد السياسي". وعبد الإله نفسه لا يخالف هذا الرأي فهو يعرف أن طبعه صعب المراس، لذلك يقول عن نفسه: "المناضلون لا يصوتون علي إلا عندما يكونون في حاجة إلي"، وتعيينه الثاني على رأس الحزب صادف بروز حزب جديد يترأسه المستعصى عن الفهم فؤاد علي الهمة. وهكذا وجد ابن كيران أمامه عدوا مهيأ لم يتردد فى مهاجمته طيلة عدة شهور. كان على ابن كيران أن يخرج سلاحه الثقيل ليصد هجمات هذا الوافد الجديد الذي أراد التحكم في الحقل السياسي المغربي. فحسب أستاذ علوم الاتصال، عبد الوهاب الرامي، "فخطابات ابن كيران تجد صدى قويا لدى الرأي العام ولدى وسائل الإعلام. فهو يستعمل كلمات بسيطة وعبارات مستقاة من التراث اللغوى المغربى الأصيل. لا يقوم بقراءة خطاباته بقدر ما يداعب نصه ويتكلم بالدارجة ويلجأ إلى الارتجال والاستعارة وفي نفس الوقت يحكي طرائف مضحكة. فصوته التلقائي ومحتوى خطابه وطريقة إلقاء الخطب تبين أن الرجل يرفض الشكليات ويتشبث بمستوى عال من الواقعية السياسية". ليلة انتخابات نونبر 2011 شعر ابن كيران أنه يمسك بزمام الحظ الذي ترقبه طيلة حياته. لذلك وظف كل طاقاته الشخصية في الحملة الانتخابية لحزبه. لقد طاف المغرب على متن سيارته الرباعية الدفع مستعينا بسائقه. وقد يحصل أن يقضي عدة أيام في الطريق. وفوز العدالة والتنمية من وجهة نظر مصطفى الخلفي، وزير الاتصال ورجل الثقة لدى رئيس الحكومة، راجع بالأساس إلى انخراط ابن كيران النضالي في الحملة الانتخابية وإلى الكاريزما التي يحظى بها. الحب الأعمى للملك حملت رياح الربيع العربى حزب العدالة والتنمية إلى سدة الحكم بعد فوزه الساحق في الانتخابات التشريعية السابقة لأوانها التى جرت يوم 25 نونبر 2011 . أربعة أيام بعد هذا الحدث التاريخي كلف الملك عبد الإله ابن كيران لكي يشكل حكومته. وبالمناسبة تحلى ابن كيران بواحدة من ربطات العنق القليلة التى توجد فى خزانته. لم يدم استقباله من طرف الملك سوى بضعة دقائق كانت كافية أن تغمر الرجل فرحة عارمة حيث خص الصحافة بالتصريح التالي: "لم أعرف كيف أناديه! ناديته "سيدنا " ثم "سيدي محمد" ثم "صاحب الجلالة " وطلبت منه أن يعذرني لأن كل هذا جديد علي. أجابنى أنني حر في مناداته كما يحلو لي. إنه إنسان لطيف لأقصى الحدود". المشاورات من أجل تشكيل الحكومة دامت أكثر من شهر. تصرفات و تحركات الأمين العام الإسلامي تجد تحليلا لها فى كل الصحف والمجلات وكذلك عند الرأي العام. خلال هذه المدة وجد الرجل صعوبة في التأقلم مع مهمته الجديدة. وحتى عندما وصل اليوم المشهود تصرف ابن كيران كالأب العطوف على عائلته حيث استقبل الوزراء الإسلاميين فى بيته قبل أن يتوجهوا جميعا نحو القصر الملكي حيث سيتم استقبالهم التقليدي في حفل تعيين الحكومة. وأسابيع قليلة على مزاولته مهامه الجديدة على رأس الحكومة فوجئ المصلون المشاركون فى صلاة الاستسقاء بجامع حسان يوم 06 يناير 2012 برئيس الحكومة يأخذ مكانه وسط المصلين فى مؤخرة الصفوف وقد وضع حذاءه كعادته أمامه كما فعل المصلون حوله. لا منزل أجمل من المنزل العائلي خلال الأيام الأولى من ولايته لم يغير الرجل شيئا من عاداته وحافظ على نفس الإيقاع العادى لعيشه. لقد رفض أن يغادر منزله الواقع بحي الليمون. "هذا المنزل الذي لم يطرأ عليه أي تغيير اللهم طلاء الواجهة المطلة على الشارع المكتظ بحركة السير. كما أنه لم يتم إضافة مستخدمين جدد بالرغم من ارتفاع عدد الضيوف وبالرغم من ضرورة الرفع من جودة الوجبات المقدمة بحكم مكانة الضيوف الجدد ومكانة المضيف الجديدة". وبسرعة تحول منزل ابن كيران إلى قبلة يحج إليها أعداد كبيرة من الزوار والحالة أن موقع المنزل وسط المدينة يسهل عملية الولوج إليه لكل من أراد لقاء رئيس الحكومة. "لقد اقترحنا عليه أن يدخل السيارة إلى حديقة المنزل حتى يتجنب حصار المواطنين له عند الخروج. لكنه رفض هذه الحيلة لأنه لا يريد أن يعطي الانطباع بأنه يتهرب من لقاء الناس" يقول عضو من فريقه. و"الحقيقة أن عامل التقرب من الناس وعامل الاستعداد التام ليكون رهن إشارة المواطنين هي من دعامات عرضه السياسي لأنه يصر على أن يعطي صورة المناضل والمسلم المسخر لخدمة الناس وخاصة منهم المعوزين". خلال الأيام الأولى كان صعبا على رئيس الحكومة –يفسر عبد الوهاب الرامي- أن يقبل بوجود رجال الشرطة أمام إقامته. لم يتحمل فكرة أن يسهر على سلامته أشخاص يسهرون الليل كله في الوقت الذي هو ينام قرير العين. وربما هذا ما يفسر إقامة بيوت مركبة كي تقي رجال الحراسة من البرد وتسمح لهم بقسط من الراحة الليلية. لكن طيلة الشهور الأولى عكف الطلبة المعطلون على التظاهر أمام المنزل حيث وصفوا ابن كيران بألفاظ لا تليق بمقامه، الشيء الذي نال من عاطفة أفراد عائلته وخاصة أمه فى العقد التاسع. الابتلاء الجماهيرى تفوق ابن كيران على كل الوزراء الذين ترأسوا الحكومات بعامل التقرب من المواطنين. فالرجل جد مهذب وينادي الأفراد بأسمائهم. فهو يعرف كل العاملين حوله: رجال الشرطة، والمستخدمين على السواء. ولا يتردد فى مصافحتهم ويستفسر عن أحوالهم. وفي وزارته قلص شيئا ما من تعويضات الأطر العليا ليرفع شيئا ما من تعويضات الموظفين الصغار كالسائقين والمكلفات بالنظافة. وهذا التصرف لم يغضب أحدا. يتشكل يوم العمل لرئيس الحكومة من اجتماعات واستقبالات بروتوكولية. ولا يجد رئيس الحكومة أي صعوبة في مواكبة وتيرة البرمجة واللقاءات المكثفة، كما أنه لا يعاني من أي مشكل على مستوى اللياقة والتحمل. ويعرف ماذا يريد من أي اجتماع وما يتعين فعله أمام الملفات بالرغم من أنه يجد أحيانا صعوبة في فهم بعض التفاصيل التقنية التي تتجاوزه. وردا على أحد رجال الأعمال الذي قال عن ابن كيران إنه في بعض الاجتماعات يخرج عن الموضوع قال أحد المساعدين لرئيس الحكومة: "من طبيعة الحال أن يحدث هذا لأن رئيس الحكومة مولع بآثار القرارات الوزارية والسياسات العمومية على المواطن. هذا الولع بالتفاصيل على حساب النظرة الماكرو اقتصادية يشكل حدثا جديدا من نوعه فى مراكز القرار ومن شأنه أن يوهم بعض رجال الأعمال بأن الأمر يتعلق بقلة الخبرة وبغياب الحرفية ولكن رئيس الحكومة محاط بعدد من المستشارين والخبراء". يقول أحد رؤساء المقاولات البيضاويين: "عندما حل ابن كيران ضيفا على رجال الأعمال قرر عدد كبير من أرباب الشركات أن يحضروا اللقاء فقط لكي يروا الوافد الجديد عن قرب ويسمعونه يتكلم وهذا ما خلف الانطباع أن الأمر يتعلق بفرجة وليس بحصة عمل تتناول قضايا جوهرية للاقتصاد الوطني". أما عبد الوهاب الرامي فيقول "السيد ابن كيران يثير فضول النخبة لأنه لا يتقمص نفس المواقف ونفس الحركات والتصرفات التى تميز النخبة المتحكمة فى الحياة العامة. فبقدر ابتعاده عن السلوكيات و الطباع الرسمية التى تسود داخل الطبقة العليا فى المجتمع بقدر تقربه من الشرائح الشعبية التى هي أكثر حاجة لمثل هذا النوع من الرجال". زعيم الحزب مع مر الشهور تعلم عبد الإله ابن كيران كيف يتحكم في تواصله. فخلال الأسابيع الأولى كانت خرجاته الإعلامية كثيرة وغير موفقة غالبا، فعندما أراد الزيادة في المحروقات استدعى القناتين التلفزيونية لكي يتوجه مباشرة إلى المواطنين. كما كان يروي بالتفاصيل مناقشاته مع الملك سواء المكالمات الهاتفية أو الاستقبالات الرسمية أو حول موائد الطعام الرسمية. الأسابيع الأولى سجلت كذلك هفواته البروتوكولية الأولى. فعندما استقبل رئيس الحكومة الإسبانية أصر على تقبيله في الوجه ثم بعدها مباشرة قام من مكانه ليطلب شخصيا من الصحافيين الكف عن أخذ الصور. فى البرلمان لم تمر أية جلسة من الجلسات الشهرية المخصصة لرئيس الحكومة دون مشاكل. ففي هذه الآونة ابتدع ابن كيران تسميات العفاريت والتماسيح. ولم يتردد أبدا في كبح جماح بعض البرلمانيين، وقد واجه مرة أحدهم بهذه العبارات القدحية: "يجب عليك أن تضع السكوتش على فمك. يجب أن تتواضع لربك وأن تحتشم من حمل الأواني". بهذه التصرفات - يضيف الرامى- يعطى ابن كيران الانطباع أنه يتحدث كزعيم حزب وليس كرئيس حكومة. وهذا اللبس في تقمص الصفات كان من بين الأسباب التى عجلت بخروج الاستقلاليين من الحكومة. فلكي يدافع على مشاريعه الحكومية كان يلجأ إلى الاستعارة البلاغية المستعملة من طرف المعارضة. ولأنه كان يشعر بهشاشة أغلبيته الناتجة عن التحالفات الحزبية، فإنه كان يتوجه إلى قاعدته الحزبية الأكثر تلاحما وصلابة".يقول الرامي. فمند ولايته على رأس السلطة التنفيذية يترأس على الأقل جلستين فى الشهر للأنشطة الحزبية. شيء غير معتاد عند رؤساء الحكومات السابقة. فحرصه على عامل القرب من المواطنين يطبع كذلك سلوكه داخل الحزب مع المناضلين. يقول أحد المناضلين فى صفوف العدالة والتنمية : "ثم لا ننسى أنه رئيس الحكومة لأنه رئيس أول حزب فى البلاد. فالوظيفتان ليستا متناقضتين ولكن مرتبطتان. إلا أن ابن كيران وبالرغم من تجويد استعماله للقبعتين الحكومية والحزبية فهو حريص كل الحرص على ألا يسخر إمكانيات الدولة فى خدمة حزبه. شهرة فى الأوج في ظرف سنة ونصف تغير ابن كيران كثيرا. هل اضطر مكرها للتكيف مع اكراهات وظيفته ومع مكانته البروتوكولية في سلم الدولة؟ كل شيء يوحي بذلك. فخرجاته الإعلامية أصبحت جد قليلة ومراقبة. خطاباته في البرلمان لم تعد تترك مكانا للارتجال. فقد أخد يتلو خطابه بطريقة عادية تحت التصفيقات الحارة لأغلبيته. وقاطعت المعارضة الجلسات المخصصة للسياسات العمومية بسبب خلاف على الحصص التوقيتية للمداخلات. وفي 17 يوليوز الأخير عادت المعارضة لتحتل مقاعدها بعد شهر من القطيعة وهي تتمتع بالأغلبية في الغرفة الثانية. لكنها فوجئت بغضب رئيس الحكومة الذي لم يقبل أن يقاطعه رئيس الغرفة بيد الله: "إنكم لا تخيفونني. إذا أردتم انتخابات سابقة لأوانها فأنا مستعد لها ابتداء من يوم غد". وفى سنة ونصف تلقى ابن كيران عدة ضربات قاسية أضعفت حماسه المعهود. فمن معركة دفاتر التحملات ومرورا بتعيين المسؤولين الكبار ثم الأزمة مع الاستقلال وهلم جرا. "في البداية كان هناك حماس كبير لدى الحكومة ولدى أغلبية المواطنين. ولكن بسبب الصعوبات التى اعترضت سبيل المشاريع المقترحة فقد خفت حدة الحماس –يقول عبد الوهاب الرامي-. ولكن لم تخف درجة الثقة التي يتمتع بها رئيس الحكومة حيث أظهرت ثلاثة استطلاعات للرأي أجريت ما بين مارس و يونيو 2013 أن أزيد من 60 بالمائة من المغاربة يثقون فى رئيس الحكومة. فتحركاته فى الجهات تحظى بإقبال كبير وأخر مثال حلوله بمدينة مراكش فى شهر مايو لحضور تدشين الوحدات الفندقية الجديدة للملياردير ميلود الشعبي. ففي نهاية الحفل قام رئيس الحكومة بجولة فى جامع الفناء لكنه حوصر بأعداد كبيرة من المراكشيين، الشيء الذي جعله يعود ليتوارى عن الأنظار داخل سيارته الرسمية. حادث جامع الفناء خلف لديه شعورا حزينا لأنه لم يعد بإمكانه التمتع بالحياة بكل حرية ولكن خلف لديه كذلك شعورا بالاعتزاز لأنه لم يفقد حب وتعلق المواطنين به. ولكن ربما سيكون أكثر تعاسة إذا ما جاء يوم يثور فيه المواطنون ضده ويحتجون عليه ويرفعون فى وجهه الشعارات العدائية. ترجمة pjd.ma عن أسبوعية (telquel)