اعلن الرئيس الاميركي دونالد ترامب الخميس انسحاب الولاياتالمتحدة من اتفاق باريس حول المناخ، الامر الذي كان وعد به خلال حملته الانتخابية تحت شعار الدفاع عن الوظائف الاميركية. وقال ترامب "اعتبارا من اليوم، ستكف الولاياتالمتحدة عن تنفيذ مضمون اتفاق باريس (ولن تلتزم) القيود المالية والاقتصادية الشديدة التي يفرضها الاتفاق على بلادنا". واضاف ترامب في كلمة القاها في حديقة البيت الابيض ان اتفاق باريس "لا يصب في صالح الولاياتالمتحدة" لافتا الى ان الاتفاق الراهن ليس حازما بما يكفي مع الصين والهند. وتابع "لقد انتخبت لتمثيل سكان بيتسبورغ وليس باريس"، مؤكدا انه يرفض "اي شيء يمكن ان يقف في طريقنا" لانهاض الاقتصاد الاميركي. وقال ايضا "حان الوقت لاعطاء يانغستاون واوهايو وديترويت وميشيغن وبيتسبورغ، وهي من افضل الامكنة في هذا البلد، اولوية على باريس وفرنسا". واكد ترامب ان اتفاق باريس "لن يكون له تاثير كبير" على المناخ. أبدى ترامب منذ وصوله الى السلطة رغبة باعطاء زخم للطاقات الاحفورية مثل الفحم والنفط والغاز تحت شعار الدفاع عن الوظائف الاميركية. وتهدف الاتفاقية التي ابرمتها 190 دولة في نهاية 2015 في العاصمة الفرنسية تحت اشراف الاممالمتحدة، الى وقف ارتفاع حرارة الارض عبر خفض انبعاثات الغاز ذات مفعول الدفيئة. والانسحاب الاميركي من الاتفاقية سيشكل تفككا فعليا بعد 18 شهرا على هذا الاتفاق التاريخي الذي كانت بكين وواشنطن في ظل رئاسة باراك اوباما، ابرز مهندسيه. وكان الرئيس السابق باراك اوباما اول المنددين بقرار الرئيس الجمهوري. وذكر اوباما في بيان بان الاتفاق لم يكن ليبصر النور في 2015 الا بفضل "القيادة الاميركية على الساحة العالمية"، موضحا ان "القطاع الخاص سبق ان اختار مستقبلا" اكثر نظافة. وقال اوباما في بيانه "اعتبر ان على الولاياتالمتحدة ان تكون في الطليعة. ولكن حتى في غياب القيادة الاميركية، حتى لو انضمت هذه الادارة الى حفنة صغيرة من الدول التي ترفض المستقبل انا واثق بان دولنا ومدننا وشركاتنا ستكون على قدر (المسؤولية) وستبذل مزيدا من الجهد لحماية كوكبنا من اجل الاجيال المقبلة". كذلك، توالت ردود الفعل الدولية المنددة بقرار ترامب. وقالت المستشارة الالمانية انغيلا ميركل "آسفة لقرار الرئيس الاميركي" داعية الى مواصلة "السياسة المناخية التي تحفظ ارضنا". واعتبر العديد من الوزراء الالمان الاشتراكيين الديموقراطيين وفي مقدمهم وزير الخارجية ان قرار ترامب "سيلحق ضررا" بالعالم اجمع. وندد رئيس المفوضية الاوروبية جان كلود يونكر مساء الخميس بقرار الرئيس الاميركي دونالد ترامب الانسحاب من اتفاق باريس حول المناخ. وكتب يونكر في تغريدة بالانكليزية والالمانية "قرار خاطىء الى حد خطير"، وذلك بعد دقائق من اعلان ترامب قراره. واعتبر المفوض الاوروبي للتحرك حول المناخ ميغيل ارياس كانيتي مساء الخميس ان العالم "يمكنه ان يواصل التعويل على اوروبا" لقيادة التصدي للاحتباس الحراري، وذلك بعد اعلان انسحاب الولاياتالمتحدة من اتفاق باريس. وقال كانيتي في بيان ان "اتفاق باريس سيستمر. يستطيع العالم ان يواصل التعويل على اوروبا في قيادة العالم لمكافحة التبدل المناخي"، مبديا "اسفه الكبير لقرار ادارة (دونالد) ترامب الاحادي". وفي مقال نشر الاربعاء في صحيفة وول ستريت جورنال اكد اثنان من ابرز مستشاري ترامب الجنرال اتش آر ماكماستر وغاري كوهن ان شعار "اميركا اولا" الذي رفعه ترامب خلال حملته الانتخابية لا يعني "اميركا وحيدة". وكان ميت رومني المرشح الجمهوري السابق للبيت الابيض في 2012 اعتبر ان قرار ترامب ستكون له تداعيات بعيدة المدى وقال "الامر ايضا يتعلق بمكانه أميركا كقائد عالمي". واعلن مسؤول أوروبي لم يكشف اسمه ان الاتحاد الاوروبي والصين يعتزمان التأكيد مجددا خلال قمة مشتركة تعقد في بروكسل في نهاية الاسبوع، على دعمهما لهذا النص بغض النظر عن موقف الرئيس الاميركي. وأكد رئيس الوزراء الصيني لي كه تشيانغ الخميس في برلين التزام بلاده باتفاقية باريس حول المناخ. اثارت مسألة المناخ انقساما شديدا خلال قمة مجموعة السبع التي عقدت الاسبوع الماضي في صقلية حيث اكد جميع المشاركين باستثناء الرئيس الاميركي، مجددا التزامهم بهذه الاتفاقية غير المسبوقة. وكان ترامب وعد خلال حملته الانتخابية بالغاء هذا الاتفاق، لكن منذ وصوله الى البيت الابيض وجه اشارات متناقضة ما يعكس وجود تيارات مختلفة داخل ادارته حول مسالة المناخ لكن ايضا حول دور الولاياتالمتحدة في العالم والتعددية. فقد اعلن رئيس وكالة حماية البيئة سكوت برويت تاييده للانسحاب من الاتفاقية معتبرا انها "سيئة" لاميركا. لكن عالم الاعمال بغالبيته ابدى تاييده للبقاء ضمن الاتفاقية. وحثت عدة مجموعات كبرى بينها "اكسون موبيل" النفطية وعملاق المواد الكيميائية الزراعية "دوبون" او حتى غوغل وانتل ومايكروسوفت، الرئيس الاميركي على عدم الانسحاب من الاتفاقية. وعرض بعض المسؤولين في الادارة الاميركية حلا يقضي بالبقاء ضمن الاتفاقية مع مراجعة الاهداف الاميركية. وهذا يمكن ان يتيح الاحتفاظ بمقعد على طاولة المفاوضات مع توجيه رسالة في الوقت نفسه على الصعيد الداخلي تؤكد القطيعة مع الادارة الديموقراطية السابقة برئاسة باراك اوباما. وهدف الولاياتالمتحدة كما حددته إدارة اوباما السابقة هو خفض انبعاثات غاز الدفيئة بنسبة 26 الى 28% بحلول العام 2025 مقارنة مع 2005. لكن ادارة ترامب نددت عدة مرات بهذه الاهداف على انها عالية جدا.