يرى محللون جزائريون أن استغناء الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة عن "رجله الوفي" عبد المالك سلال على رأس الحكومة الجديدة وتعويضه بعبد المجيد تبون قد يفتح الطريق لسلال لخلافة رئيس الجمهورية. وتسلم عبد المجيد تبون مهامه، الخميس، كرئيس للوزراء مكلف بقيادة الطاقم الحكومي الذي عينه بوتفليقة. وقال محلل في صحيفة "ليبرتي" لوكالة "فرانس برس": "من غير المستبعد أن يبقى رئيس الوزراء السابق المعروف بولائه للرئيس خصوصا في فترة وجوده في المستشفى، في الاحتياط لخلافته". وأصيب بوتفليقة في 2013 بجلطة دماغية، وأصبح يتنقل على كرسي متحرك ويجد صعوبة في الكلام، وهو قليل الظهور، لكن منذ مرضه حدثت تغييرات كبيرة في أعلى هرم في السلطة، أبرزها إقالة مدير المخابرات الفريق محمد مدين المعروف بالجنرال توفيق. وبالنسبة للأستاذ بكلية العلوم السياسية بجامعة الجزائر رشيد تلمساني، فإن إبعاد سلال "قد يكون استراحة محارب. سيبتعد عن الأنظار أو حتى يتم تعيينه كسفير، في باريس مثلا (المنصب شاغر)، قبل أن يعود لمنصب أعلى. ولا يوجد أعلى من منصب رئيس الوزراء سوى رئاسة الجمهورية". وقال تلمساني لوكالة "فرانس برس": "بالإضافة إلى ذلك، فإن سلال (69 عاما) يعتبر شابا"، مقارنة ببوتفليقة (80 عاما) ورئيس مجلس النواب السعيد بوحجة (79 عاما) ورئيس أركان الجيش الفريق قايد صالح (77 عاما) أو حتى خليفته عبد المجيد تبون (71 عاما). وكتبت صحيفة "الوطن" الجزائرية، الأربعاء: "لم يكن أي وزير يشك في استمرار عبد المالك سلال في منصبه منذ الانتخابات التشريعية التي قاطعها أغلب الناخبين. كما أن سلال نفسه كان يبدو واثقا من نفسه حتى وإن كان يعرف أن مصيره ليس بيده". وعلق سلال على تعيين تبون في صفحته على موقع "فيسبوك" قائلا: "المهمة التي أسندها لي فخامة رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة يوم 3 سبتمبر من عام 2012 اختتمت. سلمت المشعل لصديقي عبد المجيد تبون الذي له كل القدرات على النجاح وأتمنى له حظا سعيدا". وتعبيرا لوفائه للرجل الذي أدخله إلى الحكومة قبل 18 سنة وكلفه بإدارة حملاته الانتخابية ثلاث مرات، شكر سلال "الرئيس عبد العزيز بوتفليقة على الثقة التي وضعها في شخصي"، مشيرا إلى أن بوتفليقة "وهب كل شيء لتحيا الجزائر دائما". وكل من سلال وتبون من المقربين جدا من الرئيس. وينص الدستور على أن الرئيس يعين رئيس الوزراء من الأغلبية البرلمانية، كما أن رئيس الجمهورية هو رئيس السلطة التنفيذية، ويتولى رئيس الوزراء تطبيق برنامجه. وترى المحللة السياسية لويزة آيت حمادوش أن تعيين تبون "مجرد تغيير شكلي يدخل في إطار منطق النظام"، مشيرة إلى أنه "من الطبيعي أن يتم تعيين حكومة جديدة بعد الانتخابات التشريعية" التي جرت في الرابع من مايو. وتؤكد بدورها أن عبد المالك سلال "لم يفعل شيئا يستحق إبعاده من الساحة، فقد أدى مهامه التي أسندها النظام له بكل جدارة، لذلك سيتم استدعاؤه حتما لمنصب آخر". وتتابع: "في الأنظمة الهجينة (لا هي ديمقراطية ولا هي دكتاتورية) مثل الجزائر، من الجيد إعطاء الانطباع بأن هناك تغييرا (...). لذلك لا يمكن اعتبار رحيل سلال عقوبة له". وتشير إلى أن "سلال أدلى ببعض التصريحات التي تدل على أن له طموحات أكبر من منصب رئيس الوزراء. لكن هذا النظام يعمل وفق منطق التعيين". وفي الإجمال، يرد اسم سلال بين المرشحين المحتملين لخلافة بوتفليقة ومنهم شقيقه ومستشاره سعيد بوتفليقة ورئيس أركان الجيش الفريق قايد صالح. ويقول تلمساني إن عملية اختيار خلف بوتفليقة لن تتم حالا "بسبب الصراع الكبير بين مختلف زمر السلطة ومجموعات الضغط التي سيطرت على الاقتصاد"، في إشارة إلى الفساد المستشري في المؤسسات العامة والتي تؤثر سلبا على الوضع الاقتصادي المتردي أصلا بسبب تراجع مداخيل الجزائر نتيجة انخفاض أسعار النفط.