بعد فترة صمت أعقبت صدور قرار مجلس الأمن، الذي وجه صفعة للجزائر وصنيعتها البوليساريو، وأجبرها على الانسحاب من منطقة الكركرات، عادت دولة بوتفليقة لممارسة سياستها المفضوحة، بتقديم قراءات واستنتاجات لاآحد توصل إليها سوى عباقرة الإعلام والسياسية في دولة محنطة وغائبة عن الوعي. فمنذ صدور القرار الأممي، خرجت الجزائر بعدة قراءات يحير المرء كيف تمكنت من التوصل إليها، حيث تسخر لذلك كل الغباء الممكن وغير الممكن، مرة عبر اختلاق وقائع لاوجود لها، ومرة عبر لي عنق الحقيقة، وجعلها تسير في اتجاه الخلاصة التي تسعى إليها. وفي مايلي قراءة لبعض القصاصات التي نشرتها وكالة الأنباء الجزائرية، وطبعا بقراءتها الخاصة. فتحت عنوان «واشنطن ترافع لصالح الشعب الصحراوي»، قالت الوكالة، وحتى تصل إلى هذه الخلاصة، أن الولاياتالمتحدة دعت الى رفع العراقيل التي تحول دون بعث المسار الأممي في الصحراء، لتضيف إلى هذا المعطى الخبريو قراءتها بأن هذ الدعوة هي «مرافعة في هذا الصدد لصالح حق الشعب الصحراوي في تقرير المصير». ولكم آن تربطوا بين المعطيين. وتحت عنوان « مجلس الأمن يدحض المغرب بخصوص منطقة الكركرات»، قالت الوكالة في خبر آخر، «اعتبر مجلس الأمن الدولي أن الأزمة المسجلة مؤخرا بمنطقة الكركرات تثير تساؤلات جوهرية مرتبطة بوقف إطلاق النار والاتفاقات ذات الصلة و تلزم الأمين العام بالبحث عن السبل الكفيلة بتسويتها»، وبالطبع لم تر في ذلك اتهاما للبوليساريو التي ظلت تردد عدم مغادرتها للمنطقة العازلة تحت أي ضغط، قبل آن ترضخ منصاعة ودليلة، لتعتبر الجزائر، أن المعني بقرار مجلس الأمن هو المغرب! قصاصة أخرى للوكالة قالت بأن الجزائر تتلقى بارتياح لائحة مجلس الأمن حول الصحراء، لكنها قالت، بطبيعة الحال، لوت عنق الحقيقة، وقدمت الخلاصة التي تخدم تصورها للحقيقة، حيث قالت بأن « عودة الاجماع على مستوى مجلس الامن هي رسالة واضحة من المجموعة الدولية لصالح جهود الامين العام لمنظمة الأممالمتحدة من أجل الاسراع في بعث مسار سياسي ناجع لطالما تمسكت به الجزائر و ما فتئت تدعو إليه من خلال مفاوضات بين طرفي النزاع : المملكة المغربية و جبهة البوليزاريو »، متناسية أو متجاهلة هوية من يعرقل الجهود الأممية لتسوية قضية الصحراء المغربية. وجاء في البيان أن "الجزائر حريصة في هذا السياق على الاشادة بالمواقف البناءة التي عبرت عنها الوفود و منها الرئاسة الحالية لمجلس الامن قصد تمكين المجلس والامين العام لمنظمة الاممالمتحدة و المينورسو من التفرغ فعليا الى تحقيق هذه الغاية". بعد كل هذا، يتضح جليا أن الجارة الشرقية لها سبق كبير في مجال التآويل والقراءة الخاصة التي لايجاريها فيها أحد.