أمن طنجة يعتقل ثلاثينيا بتهمة قرصنة المكالمات الهاتفية والمس بالنظم الرقمية        المغرب يوقع اتفاقا مع شركة إمبراير Embraer في مجالي الدفاع والطيران التجاري    أم تجهز على ابنتها ذات الثلاث سنوات حتى الموت وتسلم نفسها للسلطات المحلية    برقية تعزية ومواساة من جلالة الملك إلى رئيس الحكومة الإسبانية إثر الفيضانات التي اجتاحت منطقة بلنسية    بيضاويون يرفضون مقاربة الرئيس الفرنسي ماكرون للقضية الفلسطينية    تأجيل مواجهة فالنسيا وريال مدريد بسبب الفيضانات    تقديم فؤاد عبد المومني يوم الجمعة.. و"همم" تعتبر اعتقاله "تعسفيا" وتطالب بالإفراج عنه    حصيلة ضحايا فيضانات إسبانيا ترتفع..    طنجة: توقيف شخص تورط في قضية تتعلق بالمس بنظم المعالجة الآلية للمعطيات الرقمية وقرصنة المكالمات الهاتفية    ماكرون يعد بدعم المغرب في الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي بشأن الصحراء    الدوري الإسباني.. بيتيس يمدد عقده مع الزلزولي إلى غاية 2029    بنكيران لماكرون: حماس حركة تحرُّر وطني وإسرائيل كيان استيطاني محتل    فيضانات إسبانيا.. ارتفاع عدد القتلى إلى 95    إطلاق أربع قنوات رياضية جديدة لمواكبة الأحداث الرياضية الوطنية والدولية    الإفلاس يهدد 40 ألف مقاولة صغيرة ومتوسطة بحلول نهاية 2024    الرئيس الفرنسي ماكرون يغادر المغرب    حزب الله يرشق شمال إسرائيل بمسيرات    إسبانيا تعلن الحداد لمدة ثلاثة أيام        ارتفاع عدد ضحايا فيضانات فالينسيا وإسبانيا تعلن الحداد ل3 أيام    تسجيل هزات ارضية خفيفة باقليم الحسيمة وساحله    تكريم نعيمة المشرقي والمخرجين الأمريكي شون بين وديفيد كروننبرغ    الممثل المصري مصطفى فهمي يغادر دنيا الناس    المكتب الوطني للمطارات… حركة المسافرين تسجل ارتفاعا يناهز 43 بالمائة    فيضانات إسبانيا… وزارة الداخلية: المغرب، طبقا للتعليمات الملكية السامية، على أتم الاستعداد لإرسال فرق إغاثة وتقديم كل المساعدة الضرورية    الثلوج الكثيفة تتسبب في مصرع راع بجبال الأطلس    ارتفاع حصيلة ضحايا العاصفة "دانا" إلى 62 قتيلاً جنوب شرق إسبانيا    الرباط وأمستردام نحو تعزيز التعاون في مكافحة الجريمة وتسليم المجرمين    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الخميس    27 قتيلا و2752 جريحا حصيلة حوادث السير بالمناطق الحضرية    أسعار الذهب تقفز إلى مستويات غير مسبوقة    الأزمات تحاصر فريق أولمبيك خريبكة من جميع الجوانب وتهدده بالشلل!    مدينة البوغاز تحتضن مهرجان طنجة للفيلم وتكرم المخرج المغربي مومن سميحي    البيضاء تحيي سهرة تكريمية للمرحوم الحسن مكري    تشييع جنازة عبد العزيز برادة في تنغير    دراسة: اكتشاف جينات جديدة ترتبط بزيادة خطر الإصابة بالسرطان    أشرف حكيمي يحضر لمأدبة عشاء أقامها الملك محمد السادس بالرباط على شرف الرئيس الفرنسي ماكرون    في رسالة للسيد فوزي لقجع : طلب التدخل العاجل لتصحيح وضع الإعلام الرياضي …    المحامية بالجديدة سامية مرخوص تنال شهادة الدكتوراه في القانون باللغة الفرنسية بميزة مشرف جدا    تداولات الافتتاح في بورصة الدار البيضاء    ثمانية ملايين مصاب بالسل في أعلى عدد منذ بدء الرصد العالمي    سمعة المغرب في العالم سنة 2024: فجوة 16 نقطة بين السمعة الداخلية والسمعة الخارجية    جلالة الملك يقيم مأدبة عشاء رسمية على شرف الرئيس الفرنسي وحرمه    كأس ألمانيا.. ليفركوزن يتأهل لثمن النهاية    فصيل "ألتراس" أولمبيك أسفي "شارك" يُنظم وقفة احتجاجية ويُحمّل رئيس النادي الحيداوي مسؤولية النتائج السلبية    الأمم المتحدة: الحرب الأهلية في السودان تؤدي إلى "مستويات مهولة" من العنف الجنسي    وفاة الفنان مصطفى فهمي عن عمر يناهز 82 عامًا بعد صراع مع المرض    الإعلان عن تنظيم جائزة طنجة الكبرى للشعراء الشباب ضمن فعاليات الدورة ال12 لمهرجان طنجة الدولي للشعر    كيفية صلاة الشفع والوتر .. حكمها وفضلها وعدد ركعاتها    وفاة الفنان المصري حسن يوسف    ماذا سيحدث لجسمك إذا مارست تمرين القرفصاء 100 مرة يومياً؟    إطلاق حملة لاستدراك تلقيح الأطفال    الكوليرا تودي بحياة أكثر من 100 شخص في تنزانيا خلال 10 أشهر    مختارات من ديوان «أوتار البصيرة»    وهي جنازة رجل ...    أسماء بنات من القران    نداء للمحسنين للمساهمة في استكمال بناء مسجد ثاغزوت جماعة إحدادن    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حميد زيد يكتب: شكرا للجميع!
نشر في الأحداث المغربية يوم 01 - 03 - 2017


شكرا للبام!
كان المغرب قبل أن يأتي حزب الأصالة والمعاصرة أرضا خلاء، وصحراء قاحلة، لا عمران فيها، وكان المغربي يخرج من بيته فتأكله الوحوش، ولا يجد من يدافع عنه، ولا من يحميه.
ولم يكن هناك استقلال ولا اتحاد اشتراكي ولا أحزاب ولا يسار ولا يمين ولا جمعيات ولا حداثيون ولا محافظون، ولا بشر في المغرب، وكان حزب العدالة والتنمية يخرج في الليل ويلتهم أصوات الناخبين المغاربة، ويأتي على الأخضر واليابس، ويطوق نبع الماء الوحيد، فلا يشرب ولا يرتوي إلا ابن كيران وأتباعه، وإذا ظهرت شاة ذبحوها وشووها ومصمصوا عظامها، وإذا نبت زرع طحنوه ونخلوه وصنعوا منه رغيفا لهم دون سواهم.
وفي يوم من الأيام جاء البام كإعصار، وبالفور يالشيفور، وكان هدفه النبيل هو إنقاذنا نحن المغاربة من الوحش، وفي طريقه كان يحمل معه الأحزاب، ويسكن مقراتها، ويحمل معه اليسار الجديد، والمعتقلين السابقين، والأعيان، والحالمين، والفاقدين للأمل، والطماعين.
ولولاه لكان المغرب الآن دولة استبدادية يحكمها الحزب الواحد، الذي هو العدالة والتنمية، كما أخبرنا بذلك الفارس الشجاع عزيز بن عزوز، عضو المكتب السياسي للبام ورئيس فريقه بمجلس المستشارين.
فشكرا لكم. شكرا جزيلا للبام. ولإلياس العماري. ولجيش الأصالة والمعاصرة. الذي منع عنا أذى وبطش وديكتاتورية الإسلاميين، وحال دون إقامة نظام شمولي في المغرب، كما حال دون تحقيق مشروعهم الجهنمي الساعي إلى «أخننة الدولة».
وتحكي بعض الروايات المغرضة أن البام لم يكتف بذلك، ولم ينقذنا فحسب من استبداد الحزب الواحد، بل حارب وناضل وقضى على كل الأحزاب التاريخية وتفهها وأفرغها من الداخل، وبعد أن كان المغرب أرضا خلاء يحتلها الإسلاميون، أصبحوا اليوم يتقاسمونها مع البام، ويسكنون فيها معا، في حين صارت باقي الكائنات السياسية الأخرى عرضة للانقراض.
فشكرا للبام، وشكرا للبطل الشجاع وهو يمن علينا، ويذكرنا بدور المنقذ الذي لعبه، وبأن المغرب لم يكن مأهولا، قبل أن يأتي حزب الأصالة والمعاصرة، ليملأه ويعمره، ويفرض فيه الأمن والاستقرار والحرية، ويجعله جنة للتعددية والديمقراطية.
شكرا لحزب العدالة والتنمية!
لم أكن أتخيل يوما أن الفرصة ستتاح لي لأعيش تحت الماء.
فشكرا لحزب العدالة والتنمية الذي يسير مدينة سلا، وشكرا جزيلا لعمدتها السيد المحترم جامع المعتصم، وشكرا لكل المنتخبين، وشكرا للسلطات، وشكرا لله على مطره الغزير.
كان يوما رائعا وجميلا وممتعا بالفعل، فلأول مرة أتعرف أنا وزوجتي وأولادي على الأسماك، ونسبح معهم في الطريق المعبدة، فتدخل سردينة من نافذة السيارة، و نتبع سلطعونا لا يحترم إشارات المرور، ونتجاذب أطراف الحديث مع أخطبوط، ونستمع إلى شكواه من الصيد في أعالي البحار، ونرى دلفينا يلعب دور شرطي مرور.
لقد مللنا في سلا من حياتنا الروتينية، ومن أصحاب السيوف واللصوص وقطاع الطرق، فجاء هذا الفيضان كهدية من السماء، لنغير الجو قليلا، وليلعب الأولاد في فضاء مائي طبيعي.
ولن أنفي أننا تمتعنا، وحبسنا أنفاسنا، وكدنا نصرخ، ونطلب النجدة، كما يحدث في كل لعبة مثيرة.
ولقد ظنناه للوهلة الأولى طوفانا، لكن السيارة كانت تتقدم تحت الماء، فشغلنا أغنية «الجندول» لمحمد عبد الوهاب، وتمايلنا، وسبحنا في النهر السيار، والأولاد يجذفون، والسمك ينط ويحيينا، كما لو كنا في جولة سياحية وبالمجان، فتحولت السيارة إلى مركب، بينما كنت أدندن، ولا أضيع ثانية من هذا اليوم التاريخي، الذي رأيت فيه السعادة على وجوه كل أهل سلا.
فشكرا لعمدة سلا، وشكرا لكل الناخبين، وشكرا لوزارة الداخلية، وشكرا لكل من ساهم من قريب أو من بعيد في أن تغرق مدينة سلا، فماذا لو قدر الله كانت مجاري الماء سالكة، وماذا لو كانت البنية التحتية مهيأة لمثل هذه الأمطار الغزيرة، وماذا لو تبدد كل هذا الماء ولم نستفد منه.
ولولا جامع المعتصم، ولولا مساعديه، ولولا جماعة سلا، ولولا شركة التدبير المفوض، ولولا الحكومة، لبلعت المجاري المطر، ولما فرح الأطفال، ولما كان لنا لقاء بالأسماك وبحوريات البحر.
فشكرا مرة أخرى، شكرا لكل من عيشنا في هذا الفيلم المرعب، حيث ظهرت في نهايته سفينة نوح تستقر على جبل عكراش، وينزل منها من كل زوجين سلاويين اثنين، لتنطلق الحياة من جديد، كأن شيئا لم يقع.
من علامات الساعة ظهور محمد زيان!
من علامات الساعة في المغرب طوفان سلا، والبلوكاج الحكومي الذي لا ينتهي، ثم بروز نجم زعيم الحزب المغربي الليبرالي محمد زيان كمدافع عن المال العام ومحارب للفساد ومنظم للندوات الصحفية، وذلك في تزامن مع ظهور تقرير يتعلق بقضية دعم المحروقات، صادر عن شيء يسمى «لجنة حماية المال» تابعة لحزبه.
والمعروف عن هذا الزعيم الغريب، أنه يملك حزبا خاليا من البشر ومن المناضلين، ومقرا به جهاز تلفزيون يبث كليبات قناة روتانا على مدار الساعة، ومن المستحيل أن يشكل لجنة حول أي شيء، إلا إذا كان الأمر يتعلق بمعجزة، أو بوحي نزل عليه من السماء، أو بكائنات قدمت له كهدية من الكواكب السبعة التي أعلن عن اكتشافها هذا الأسبوع، كعربون صداقة منها، وهيبة من «السبع».
فمن أين لزيان حقا بهذه اللجنة، ومن صنعها له، وهل اكتراها، والحال أن كل الذين التحقوا بمقر الحزب المغربي الليبرالي في السنوات الأخيرة، فعلوا ذلك ليناموا فيه، أو ليستريحوا في غرفة من غرفه بعد عناء السفر، قادمين من مدنهم إلى العاصمة، والمحظوظ هو من يملك المفتاح، ومن يفتح باب الحزب ومن يغلقه ساعة يشاء.
وما يؤكد أن الساعة آتية لا ريب فيها، وفي القريب العاجل، واليوم وليس غدا، هو اعتماد نوع من الصحافة على لجنة زيان لحماية المال العام، وهو الذي لعب في الماضي أدوارا «جد مشرفة» في الدفاع عن الحكومات وعن السلطة ضد الديمقراطيين، ومنح كمكافأة له على خدماته الجليلة وزارة حقوق الإنسان، لإغاظة كل الحقوقيين أينما كانوا.
وها هو محمد زيان، وفي هذه الدقائق الأخيرة التي نعيشها في العالم، وقبل أن ينفخ في الصور، يبدو كأي شخص بريء، ويظهر كملاك، وتعتمد عليه جرائد بعينها، رغم سمعته السابقة، ولا أحد يتساءل ما الذي يدفعه للقيام بكل هذا، ومن يدعمه، ومن أين له تلك اللجنة، ومن صنعها له، ومن مده بالمناضلين، ومن أوحى له بهذه الفكرة، وفي هذا الوقت بالضبط، قبل طوفان سلا بلحظة، ومن جعله صادقا، ومن يعمل جاهدا من أجل تبييض صفحته السوداء.
فشكرا لك أنت أيضا يا محمد زيان، وشكرا للجنتك الخاصة بحماية المال العام، لأن كل ما يحدث في هذا البلد، يدعونا إلى أن نشكر بعضنا البعض، وألا نستغرب، وننتظر النهاية، وهي قريبة على أي حال.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.