الاحترام، التقدير، والمحبة لقامة فنية مغربية، هذا ما جمع بين كل الذين حضروا جنازة محمد حسن الجندي. كانوا في الغالب أصدقاء، ومعارف، وزملاء في المجال جاؤوا ليودعوا الراحل مثواه الأخير بعد صلاة عصر يوم الأحد 26 فبراير 2017 بمقبرة الشهداء بالرباط. إنسان وفنان نبيل، على هذا أجمعت الألسن، سواء التي بادرت عن طيب خاطر وقدمت شهادتها في حق الراحل، أو حتى تلك، التي فضل أصحابها الإحجام عن الكلام في لحظة حزن مشوبة بمرارة الفقد.
"كان صديقا قريبا للعائلة" يقول خليل بوستة غير قادر عن إخفاء صدمته لرحيل محمد حسن الجندي، الذي كان آخر ظهور له في جنازة والده القيادي الاستقلالي محمد بوستة بمراكشيوم 18فبراير 2017.. " لم أصدق خبر رحيله ومازلت تحت تأثير الصدمة " يقول خليل بوستة قبل أن يضيف : "كان الراحل وأبي صديقين كبيرين ، يلتقيان بانتظامبأحد مقاهي حي أكدال بالرباط حيث تجمعهما أحاديث مختلفة يتناولان من خلالها أوضاع المجتمع ". ثم يزيد موضحا : "كان إنسانا طيبا ومثقفا موسوعيا وشخصا حييا لا يحب التظاهر ولا التفاخر بقدر ما يحب العمل والتفاني والإخلاص فيه". الأمين العام لحزب الأصالة والمعاصرة، إلياس العماري، وسابقه حسن بنعدي، والقيادي الاستقلالي امحمد الخليفة، والقياديان بحزب العدالة والتنمية، جامع معتصم ووزير الاتصال السابق مصطفى الخلفي، كانوا الوجوه السياسية الوحيدة، التي حضرت مراسيم تشييع جنازة الراحل. فيما حضر الفنانون بشكل كبير، من مختلف الأجيال والمجالات الفنية، المسرح والتلفزيون والسينما. وقد تحدت كل من نعيمة المشرقي ومجيدة ابن كيران الأعراف المجتمعية، التي تحول دون حضور النساء المقبرة، وكانتا ضمن زملائهن الفنانين الرجال في تشييع الجنازة. المخضرمة نعيمة المشرقي، نعت رائدا دشن لحركة فنية حديثة بالمغرب من خلال المسرح والدراما الإذاعية، فيما نعت الشابة مجيدة ابن كيران "أستاذ إلقاء من طينة فريدة وعظيمة تتلمذت على يديه وكان لنا نموذجا من حيث التفاني والإخلاص والنبوغ الفني". أهل الفن والثقافة، جاؤوا ليلقوا النظرة الأخيرة على هرم كبير، فنان عميق، وإنسان زاهد في زخارف الحياة قط لم يكن همه التهافت والتسلق والوصولية كسمات لا يسلم من بطشها في هذا المجال إلامن تسلح بقوة الشخصية والثراء المعنوي يؤكد أصدقاء الراحل. الكاتب العام لوزراة الثقافة، لطفي المريني، والرئيس المديرالعام للقطب العمومي، فيصل العرايشي، الذي لفت الانتباه بلحيته الخفيفة والمصففة بعناية، ومدير المعهد العالي لمهن السمعي البصري والسينما، محمد بلغوات، كانوا أبرز مسؤولي الثقافة وقطاع السمعي البصري، الذين حضروا الجنازة. هذا في ما حضر بقوة الفنانون من كل الأجيال والمجالات، يتقدمهم عبد الهادي بالخياط، الذي حظي باهتمام الصحافيين بشكل كبير.. كلهم حضروا ليودعوا مثواه الأخير "ولد القصور"، صاحب الصوت الجهوري، كما ألفه جيل السبعينيات من خلال تجسيده لدور الفارس سيف بن ذي يزن في المسلسل الإذاعي المغربي الأشهر "الأزلية"، الذي كان أعده وأخرجه الراحل نفسه لفائدة الإذاعة الوطنية. والراحل محمد حسن الجندي من ضمن أهم وأبرز رواد الحركة الفنية والثقافية بالمغرب، حيث راكم خلال مسيرته الطويلة عددا مهما من الأعمال، التي تنوعت بين التأليف الإذاعي والمسرحي، وكذا الإخراج والتمثيل داخل وخارج المغرب. وتحتفظ ذاكرة المشاهد العربي بآداء الجندي المميز لشخصية "أبي جهل" في فيلم مصطفى العقاد "الرسالة" (1976) وكذا دور رستم في الفيلم التاريخي "القادسية" لصلاح أبو سيف (1981). كما شارك الجندي في عدد المسلسلات التلفزيونية العربية من بينها: "صقر قريش" للسوري حاتم علي (2002)، الذي لعب فيه دور أمير قرطبة يوسف الفهري، و"آخر الفرسان" للسوري نجدة إسماعيل أنزور (2002) و" الخنساء" للمخرج الأردني صلاح أبو هنود (1977)، و"فارس بني مروان" للسوري إسماعيل نجدة أنزور (2004).