لم يكن لقاء عاديا ذاك الذي خطط له الإذاعي الرائع محمد نجيب وبنى إطاراته لكي يجمع بين فنانين راقيين، الأول من طينة الرواد الكبار عبد الواحد التطواني، والثانية كانت تصلنا نبرات صوتها القوي من الغرف المظلمة عير كوات أخذت أشعتها طريقا إلى قلوبنا، بعدما انقشعت تلك الحلكة، ونكتشف أننا عثرنا على تلك العصفورة المفقودة سعاد حسن، لنضمها بين أحضاننا.
اللمة الرائعة المباشرة التي استمتعنا بها على أمواج الإذاعة الوطنية ليلة الخميس 22 دجنبر 2016، جعلتنا نتسمر في بيوتنا، رغم الأجواء الباردة، لاستحضار زمن الطرب العربي الأصيل ، من خلال حوار ابتعد كثيرا عن لغة الخشب، بل أصر ضيوف الحلقة على ترك العنان للصوت الدافئ والجمل الموسيقية الرائعة والكلمة الشاعرية التي تأخذنا إلى عوالم وردية سحرية. هو إذن احتفاء بالفنانة سعاد حسن بحضور ثلة من الفنانين، يتقدمهم الفنان الرائد عبد الواحد التطواني والفنان الشاعر أحمد وهبي والملحن الجميل عزيز حسني والفنان الشباب محمد الغرنيطي الذي قدم دويتوا مع المحتفى بها ، عبر أغنية الفنانة الكبيرة غيثة بنعبد السلام "ذاك الغافل" والفنانين الشابين الموهوبين أيوب التجاني وعصام لبريكي والفنانة زهور المريني. كانت للكلمة الشاعرية نصيبها خلال هذه الحلقة، بعدما قدم ضيف الحلقة الشاعر رشيد الياقوتي قطعتين شعريتين من وحي الليلة. كما قدم الفنان بوبكر المرنيسي ريبيرتوار عميد الأغنية المغربية الفنان عبد الوهاب الدكالي. مفاجأة الحلقة خلقها الملحن الفنان عزيز حسني الذي قدم الأغنية التي ستغنيها سعاد حسن قريبا "ماقلت عيب ارجعنا". العازف توفيق الوادي رافق ضيفة الحلقة على ألة العود مع عازفين اخرين، حيث قدموا القطعة الخالدة "مضنا جفاه مرقده" لأمير الشعراء أحمد شوقي ومطرب الأجيال الموسيقار محمد عبد الوهاب، ليطلق جميع الحاضرين العنان لغناء جماعي أعطى لتلك الليلة الباردة دفئا جميلا، افتقدناه منذ زمن على أثير الإذاعة الوطنية. الفنان الراقي عبد الواحد التطواني قدم وبشكل حصري في برنامج جسر التواصل قطعة موسيقية من كلمات الراحل الكبير علي الحداني ومن ألحانه أغنية "الخاطر مهول عليك"، ثم بعد ذلك دويتوا جميلا مع الفنانة سعاد حسن بأغنية "حلم" من ريبيرتوار الموسيقى العربية لكوكب الشرق أم كلثوم وبيرم التونسي وزكرياء أحمد. في الأخير أبى الشاعر مصطفى الحراث إلا أن يهدي للفنانة سعاد حسن قصيدة شعرية رائعة. برنامج "جسر التواصل" الذي يعده ويقدمه الإعلامي المتألق محمد نجيب ويخرجه المخرج عبد الرزاق عصامي، أستطاع أن يجد تلك التركيبة السحرية ويدخلنا إلى عالم الطرب العربي الأصيل، لنستمتع على مدى الساعتين لباقة فنية راقية، انستنا هذا العبث الموسيقي الذي أصبحنا نعيشه هذه السنوات.