كارلو ميريندا ل«الأحداث المغربية»: عبد الرزاق ادا غير أفكاري عن المغاربة والمهاجرين بصفة عامة كثيرون هم المغاربة الذين اختاروا الهجرة إلى الخارج بعد أن ضاقت بهم السبل في بلادهم واستطاعوا لفت انتباه وسائل الاعلام في بلدان الإقامة بفضل تألقهم في مجالات اشتغالهم، لكن قليلون هم من قادتهم سلوكاتهم النبيلة إلى خلق الحدث بل التأثير في المجتمعات الغربية التي يعيشون فيها. فالشاب المغربي المهاجر، ابن مدينة طاطا، عبد الرزاق إدا، لم يكن يتوقع أن يتحول ما قام به، مؤخرا، في إيطاليا إلى عمل «بطولي» قل نظيره في الوقت الحالي، ويصبح حديث وسائل الاعلام الإيطالية بمختلف مشاربها، ومواقع التواصل الاجتماعي. وتعود فصول القصة التي انتشرت في مواقع التواصل الاجتماعي كالنار في الهشيم بعدما قام رجل الاعمال الإيطالي المعروف في جهة بوليا بجنوب إيطاليا، يدعى كارلو ميريندا بكتابة تدوينة، يوم الجمعة 18 نونبر الجاري، يشيد فيها بسلوك نبيل قام به مهاجر مغربي، ينم على الأخلاق والشيم التي يتصف بها، لتجد طريقها في كبريات الصحف والمواقع الالكترونية الإيطالية التي تناقلت الخبر، باعتباره عمل «بوطولي» يستحق التنويه ويغير الصور النمطية عن المهاجر المقيم بإيطاليا. العثور على المحفظة الشاب المغربي المقيم في إيطاليا بصفة قانونية منذ حوالي عشر سنوات، والذي يشتغل بائعا متجولا، عثر على محفظة نقود فقدها الإيطالي، ومن أجل تسليمها لصاحبها تحمل عناء التنقل إلى بلدة مالييالتي تبعد عن مدينة ليتشي، مكان إقامته ب40 كلم، ليصل حيث يوجد مقر عمل ميريندا الذي يملك سلسلة متاجر «بريغروس» لبيع الآليات الالكترونية، ويسلم الأمانة لأحد مستخدميه. «كنت يائسا حينما فطنت لضياع محفظة نقودي التي كانت تحتوي على مبلغ 250 اورو (2600 درهم) وبطاقات ائتمان بنكية ورخصة السياقة وبطاقة الهوية» يقول كارلو ميريندا، في تصريح هاتفي مع «الأحداث المغربية»، يوم الثلاثاء 22 نونبر الجاري، والفرحة تغمره لما لقيه سلوك المغربي من إشادة وإعجاب، مضيفا أنه معجب بأخلاق المهاجر المغربي. وزاد ميريندا أنه تلقى اتصالا مساءيوم الجمعة من أحد موظفيه الذي يشتغل بمقر شركته ليخبره أن المغربي عثر على محفظة تخصه، فلم يصدق في الوهلة الأولى ما قاله له، موضحا أنه حينما وصله الاتصال كان لازال لم يقمبالتصريح بضياع محفظته لدى السلطات الأمنية كما لم يقم بوقف عمل البطائق البنكية الدولية. يتذكر إدا، البالغ من العمر 40 سنة، جيدا ذلك اليوم الذي غير حياته، وهو يحكي في اتصال هاتفي ب«الأحداث المغربية» تفاصيل ما قام به، قائلا: "ككل يوم أتوجه في الساعة الثامنة إلى أحد أسواق مدينة ليتشي الذي أعرض فيه بضاعتي، لكن ذلك يوم لم أتناول وجبة الفطور في المنزل كعادتي فقررت الذهاب إلى أحد المحلات المجاورة، وقبل وصولي لمحت محفظة النقود بجنب الرصيف، فأخذتها لأجدها مملوءة بالبطائق والأوراق النقدية». وتابع ابن المحمدية في حديثه ل"الأحداث المغربية" أنه حينما تأكد من صاحب المحفظة وعنوانه من خلال بطاقة الهوية، فكر في البحث عنه لاسيما وأن المسافة التي تفصله عن البلدة التي يقيم فيها لا تبعد عن ليتشي سوى 40 كلم، ويسلمه المحفظة شخصيا، مؤكدا أنه لم يكن يعلم أن الإيطالي صاحب المحفظة رجل أعمال معروف في المنطقة. «أنا أعمل منذ صغري وأكافح من أجل كسب المال الحلال، لم أكسب يوما ما مالا حراما لا حينما كنت أشتغل بائعا في المغرب ولا في إيطاليا، رغم مروري من وضعية اقتصادية صعبة بسبب الأزمة التي ضربت إيطاليا» يضيف إدا الذي فقد عمله كعامل بأحد مطاعم المدينة بعدما تخلى عن وظيفته من أجل مرافقة أمه المريضة لتأدية فريضة الحج هذا الموسم. سلوك نبيل يغير الصور النمطية "تفاجأت بسلوك المواطن المغربي، فدخلت إلى «فايسبوك» ونشرت القصة مرفقة بصورة لشاب مغربي آخر تحصلت عليها من خلال موقع البحث «غوغل»، من فرط الفرحة والدهشة" يقول ميريندا ل"الأحداث المغربية" وهو يعترف أنه لم يكن يعرف عن المهاجرين سوى ما كانت تبثه القنوات التلفزية وتنشره الصحف والمواقع الالكترونية الإيطالية وهي غالبا ما تكون سلبية وتكرس الصور النمطية لدىالإيطاليين. وأضاف ميريندا، الذي قرر أن يكافئ المغربي بتشغيله في شركته، "في الغرب يرون المهاجرين المغاربة والمسلمين كجماعة ولا يرونهم كأفراد، كلهم برأيهم يشبهون بعضهم البعض ولديهم نفس السلوكات والتصرفات وبهذا نقع كلنا تحت صورة نمطية واحدة… بالفعل كنت أريد من خلال تدوينتي أن أكسر وجهة النظر الغربية على العرب والمغاربة على وجه الخصوص، وأن أقدم صورة أخرى، حقيقية وجميلة ومشرقة عن المهاجر". أما عبد الرزاق ادا، الذي يقطن رفقة اخته، وهو الذي عاد للتو إلى إيطاليا بعد قضائه أكثر من خمسة أشهر في المغرب بدون عمل، فقلل من العمل الذي قام به، حيث عبر في تصريح ل"الأحداث المغربية" عن استغرابه من الاهتمام الإعلامي الكبير الذي حضي به نتيجة تصرفه هذا، واصفا، ما قام به ب "الأمر العادي" النابع من التعاليم السمحة للدين الاسلامي التي تربى عليها. وأضاف إدا أنه التقى بميريندا بعد يومين من العثور على المحفظة وأصبح صديقا له، كاشفا أنه دعاه لزيارة المغرب واستكشاف فرص الاستثمار التي توفرها المملكة.
وتداولت مواقع التواصل الاجتماعي تدوينة رجل الأعمال بشكل كبير حيث وصفته تعليقات وتغريدات ب«البطل»، مؤكدة أن مكارم الأخلاق صفة رائجة بين الأوساط المغربية.