مزوار واسبيوزا : المناخ قضية حياة أو موت وليست مزايدات سياسية ناشطو أمريكا في المناخ: ترامب سيرضخ أمام الوعي البيئي الأمريكي
لم يستغرق الأمر كثيرا من الوقت في أروقة مؤتمر الأطراف كوب 22 في مراكش، بين الوقوف في لحظة اندهاش تقترب من الصدمة غداة انتخاب دونالد ترامب رئيسا للولايات المتحدةالامريكية، وبين تقبل الوضع ثم المضي قدما في المفاوضات الرسمية وغير الرسمية. رئاسة الكوب 22 في شخص صلاح الدين مزوار والأمانة العامة التنفيذية لاتفاقية الأممالمتحدة حول التغيرات المناخية في شخص باتريسيا اسبينوزا، كانا أول من خرجا للإعلام بتصريحات مفادها أن ‘‘المناخ قضية حياة أو موت ومسألة حساسة تتعلق بمستقبل كل سكان الكوكب، وبالتالي يصبح من الواجب التخلي نهائيا على المزايدات السياسية التي أثتت بها الحملة الانتخابية والانتباه أكثر لمستقبل الإنسان على الأرض وفي مقدمتهم الإنسان الأمريكي‘‘. دونالد ترامب الذي بنى استراتيجيته في الحملة الانتخابية على تقليص البطالة في عدد من الولايات أغلقت فيها مناجم ووحدات صناعية ملوثة للبيئة، واعدا بإعادة فتحها، يهدد الإجماع العالمي على اتفاق باريس الرامي لتقليص بعث الغازات المسخنة للأرض بشكل لا يسمح بتجاوز الدرجتين المئويتين خلال القرن الحالي. كما أن الرئيس الأمريكي صرح في السابق أن ‘‘التغيرات المناخية كذبة إعلامية تخدم مصالح منافسي وخصوم أمريكا الاقتصاديين‘‘. وعلى الرغم من أن كل المؤتمرين في مراكش يتظاهرون بعدم إيلاء الكثير من الأهمية لتصريحات ومواقف الرئيس الأمريكي المقبل، إلا أن التوجس يسود ممثلي المجموعات المتفاوضة والأطراف، كالمجموعة الإفريقية ودول الهادي والدول الجزرية التي أكد المتحدث باسمها كايلين ساماترا من دولة فوتوانا على أن ‘‘العالم بعد انتخاب ترامب سيمضي باتجاه لا يمكن توقعه البته. والمسألة المناخية قد تعرف بعض التعقيدات الإضافية. علينا أن نرى ماذا ستقدم عليه الإدارة الأمريكية في عملها حول المناخ لنتأكد‘‘. ويسود اعتقاد واسع أروقة المنطقتين الزرقاء والخضراء في مؤتمر الأطراف أن انتخاب هيلاري كلينتون كرئيسة لأمريكا كان سيجعل مستقبل المسألة المناخية عالميا أسهل. ‘‘كلينتون المستأنسة بتطور الموقف الأمريكي من قضية المناخ، كسيدة أمريكا الأولى في عهد زوجها السابق بيل ثم ككاتبة دولة في الخارجية في عهد أوباما تبدو أكثر تقبلا للالتزامات الدولية حول المناخ من منافسها الفائز ترامب‘‘ يقول ممثل الوفد الياباني في مفاوضات تخفيض بعث الغازات الدفيئة هايدوكي ماشيدا. دايان لونكفيست وسيسيسليا اشلي، ممثلتي جامعة سانت جونز الأمريكية وصفتا في حديث خاص ل"الأحداث المغربية" انتخاب ترامب ب‘‘الاختيار الصعب الذي ارتضاه الأمريكيون لأنفسهم سياسيا ومناخيا‘‘، وأضافت دايان، ‘‘إذا ذهب ترامب بعيدا في كل ما وعد به خلال الحملة الانتخابية فإن أياما صعبة تنتظر أمريكا في قضية المناخ، بعد أو وعد بإعادة تشغيل الآلاف من العاطلين في مناجم الفحم التي تعتبر أكبر باعث للغاز الكربوني في سلسلة الإنتاج الطاقي والاقتصادي الأمريكي والعالمي‘‘. سيسيليا من جهتها بدت أكثر تفاؤلا قائلة ‘‘لا أعتقد أن لديه الكثير من هامش المناورة في هذا الموضوع، صحيح ستعمل إدارته ما في وسعها لتعطيل الاتفاقيات الدولية، لكن الوعي البيئي المتنامي للمواطن الأمريكي أصبح سلوكا يوميا سيرغم ترامب على الخضوع في نهاية الأمر للمجهود العالمي حول المناخ‘‘. بالأمس وبالمنطقة الزرقاء، موقع المفاوضات الرسمية للكوب 22 وغير بعيد عن الرواق الأمريكي، نظم العشرات من الناشطين البيئيين الأمريكيين الشباب، المنتمين لهيئات غير حكومية عديدة أهمها ‘‘بلانت فور ذي بلانيت‘‘ و ‘‘كاير اباوت كليمات‘‘ وقفة تحسيسية كبيرة حملت رسالة واضحة للرئيس المنتخب عبارة عن سلسلة مطالب على إدارته أن تنفذها قبل فوات الأوان. وتخللت الوقفة أغاني وخطابات قوية تذكر ترامب أن ‘‘لا مجال للعب بمصير الشعب الأمريكي في قضية المناخ‘‘، وأن وقت ‘‘اللامبالاة قد ولى إلى غير رجعة‘‘.
يذكر أن دخول اتفاق باريس حيز التنفيذ يومين قبل انطلاق فعاليات مؤتمر مراكش، يلزم الدول المصادقة عليه بعدم التراجع عن الإجماع العالمي حسب الفقرة 13 بما فيها الولاياتالمتحدةالأمريكية، التي كان وزير خارجيتها دون كيري مواكبا لكل كواليس إنجاز مسودة اتفاق باريس كوب 21.