ناصر الصالح. اسم لا يمكن تجاهله عند الحديث عن الملحنين الذين أغنوا الساحة الغنائية الخليجية بأعمال خالدة، فهو الفنان الملقب بين محبيه ب" قبطان الطرب الخليجي" الذي جمع بين موهبتي الغناء والتلحين، واستطاع أن يضع بصمته في التلحين على العديد من الأعاني الناجحة لفنانين من الرواد مثل فنان العرب محمد عبده، نوال الكويتية، أحلام، كاظم الساهر، إلى جانب نجوم مغاربة، في مقدمتهم الراحلة رجاء بلمليح، أسماء لمنور، فدوى المالكي، شذى حسون.. موقع "أحداث. أنفو" كان له حوار مع الملحن الكبير، تقرؤون تفاصيله في مايلي: حدثنا عن بداياتك الفنية؟ كيف كان لقاؤك بمكتشفك الفنان الراحل مبارك السعيد؟ وإلى أي حد استفدت من تجربة هذا المحلن الكبير؟ بالفعل الأستاذ مبارك السعيد رحمه الله، كان من مكتشفي ناصر الصالح حين دخلت المجال الفني من باب جمعية الثقافة والفنون بمدينة الإحساء بالمملكة العربية السعودية حيث نشأت، فقد تبناني حين كنت أنتمي لهاته الجمعية كل من الملحن مبارك السعيد، إلى جانب الملحنين سعد الخميس، وعبد الرحمن الحمد، واستفدت كثيرا من هاته الأسماء الكبيرة في بداياتي. تعرف عليك الجمهور كمطرب؟ لماذا تخليت عن الغناء وتفرغت للتلحين؟ كنت أحب الغناء والطرب في بداياتي، وتمنيت أن أكون في مصاف المطربين المهمين، إلى أن سمعت الفنانة الكويتية أحلام إحدى أغنياتي التي صورتها على طريقة الفيديو كليب وسألت زميلي الشاعر علي عسيري، الذي كتب كلمات الأغنية، وعبرت له عن رغبتها في التواصل معي، بعدما أخبرها بأنني أحترف التلحين إلى جانب الغناء. جمعني لقاء بالفنانة نوال ليثمر مباشرة عن أول تعاون بيننا يتمثل في لحن أغنية "الغريب إني أعاني"، لأستمد من خلال هاته الأغنية الجرأة والشجاعة لدخول مجال التلحين. لا أنسى أيضا أن أحد أشهر الصحافيين الفنيين المخضرمين في الخليج وهو يحيى زريقان قال لي بهاته العبارة "أنت مشروع ملحن لأكثر من مطرب". لا أنكر أنني انزعجت من هذا الكلام، فأنا كنت متحمسا لأصير مطربا، لكن بعد سلسلة النجاحات التي حققتها في مجال التلحين، أصبحت أقبل رأس هذا الصحافي الصديق كلما رأيته وأسأله: "كيف تنبأت لي بهذا المستقبل في التلحين؟".
جمعت ألحانك بين أجيال من الفنانين من المحيط إلى الخليج؟ كيف استطعت تحقيق هاته المعادلة؟ استفدت من خبرة الملحنين الذين سبقوني، إلى جانب كوني أملك صوت مطرب، ما يمكنني من إيصال ألحاني وترجمتها بالشكل الذي يخدم الأغنية وينقل إحساسها إلى الفنان الذي سيؤديها. بدايتي كانت مع نوال، وبعدها تعاملت مع غريمتها أحلام، لأنني اخترت أن أكون في هذا المجال كالأخبوط، أي أنني أرفض أن تكون ألحاني حكرا على فنانين معينين، فحينها بالتأكيد قد ينتهي مشواري بالتلحين بانتهاء مشوارهم في الغناء أو تراجع شعبيتهم. لهذا اخترت أن أتعامل مع كل الفنانين من المحيط إلى الخليج. وحرصت على التعامل مع عدد كبير من الفنانين مثل كاظم الساهر، صابر الرباعي، الراحلة ذكرى، والفنانة المغربية الراحلة رجاء بلمليح. فقد أحببت المغرب منذ بداياتي، وأحببت الاشتغال مع غنانيه. وهنا يجب أن أتطرق إلى اللقاء الذي جمعني بالملحن المغربي عبد القادر الراشدي رحمه الله، فهو بدوره اكتشف أنني أمتلك موهبة التلحين أكثر من الغناء، عندما طلبت منه أن يقدم لي لحنا، وأديت له أغنية من ألحاني، حيث فاجئني بطلب غير متوقع، عندما أصر على أقدم لحنا لأغنية ستؤديها ابنته خولة.
بما أنك تعاونت مع نوال وأحلام، وهما فنانتان احتدم بينهما الصراع حول لقب "مطربة الخليج الأولى". من منهما بنظرك الأحق بهذا اللقب؟ أنا دوما أقول وبكل تجرد، بأن الفنانة نوال الكويتية هي مطربة الخليج الأولى، وهذا ليس تقليلا من شأن أحلام، فهي فنانة نحتاج إليها في مجتمعنا الخليجي، فهي تعكس هويتنا الخليجية ولها مكانة كبيرة في الساحة الفنية. لكننا عندما نتحدث عن نوال الكويتية فإن اسم هاته الفنانة يقترن ببدايات الفن الخليجية، فأنا نشأت في بداياتي على صوت رباب، ونوال، لتأتي بعدهما أحلام، لهذا لا يمكن أن نمنح لقب مطربة الخليج الأولى لأحلام في وجود نوال التي سبقتها بسنوات عديدة، كما لا يمكننا أن نمنح لقب فنان العرب لغير محمد عبده رغم وجود نجوم ناجحين مثل عبد المجيد عبد الله. حمل لحن أغنية أول فيلم سعودي بعنوان "كيف الحال" توقيعك. كيف ترى هاته الخطوة ومستقبل السينما السعودية؟ نتمنى أن تكون لدينا سينما، لكننا في الوقت الحالي لا نتوفر عليها. لم أتردد في تقديم أغنية لفيلم "كيف الحال"، عندما منحني الأستاذ تركي شبانة مدير تلفزيون روتانا خليجية فرصة تقديم هاته الأغنية، وسأكون سعيدا دوما بالاشتغال في هذا المجال، الذي يتمنى أن يكون له حظ أوفر بالسعودية. ما تقييمك لمستوى الأغنية الخليجية العصرية حاليا؟ الأغنية الخليجية اليوم متذبذبة نوعا ما، فبالرغم من أنها أصبحت منتشرة بشكل أوسع، لكنني بالمقابل لا أرى أن هذا الانتشار لا يشرف الأغنية الخليجية، لأنها أصبحت "مختلطة"، وبدأت تفقد هويتها، باستثناء بعض الأعمال التي يقدمها ملحنون حرصوا على الحفاظ على رونق الأغنية السعودية الخليجية، التي يمكن أن تنتقل من جيل إلى جيل، وأنا منهم، رغم أنني قد أوصف ب'المغرور" بسبب كلامي هذا، لكنها الحقيقة، فمعظم ما يطرح في الساحة الغنائية اليوم يكون الهدف من ورائه تحقيق الشهرة والمكاسب المادية. وهي الأمور التي لا تعنيني على الإطلاق، لأن ما يهمني هو تقديم فن راق، مثل الأغاني التي قدمتها مع عدد من الفنانين الكبار، أبرزها "الأماكن" و"بنت النور" مع فنان العرب محمد عبده، والألحان التي قدمتها لنوال الكويتية، وأحلام، وكاظم الساهر، صابر الرباعي وغيرها من الأغاني التي حملت مضامين جميلة.
لاحظنا مؤخرا لجوء عدد من الفنانين الخليجيين إلى الغناء بلهجات أخرى. ما تفسيرك لهذا التوجه؟ لا مانع في أن يجرب الفنان الخليجي لهجات أخرى كاللهجة المغربية، مثلما يجرب المغاربة دوما الغناء بلهجات أخرى من بينها اللهجة الخليجية، لكن من الضروري أن يثبت الفنان هويته قبل الغناء بأي لهجة أخرى، ونحن اليوم نظرا للانفتاح الذي تشهده الساحة الغنائية لم نعد نعرف الفرق بين المغني السعودي والمغربي والعراقي والإماراتي، لأن الفنان لم يعد له هوية محددة. ما هي الأسماء المغربية التي بنظرك برعت في تأدية اللون الخليجي؟ الفنانين المغاربة بالتحديد لهم القدرة على تلقي الأغنية الخليجية وتأديتها بكل سهولة وبراعة، وهناك أسماء كثيرة تألقت في الأغنية الخليجية مثل أسماء لمنور، فدوى المالكي، شذى حسون وباقي الفنانين المغاربة، "المفروض المغاربة يصيرون جزء من الخليج". وأنا سعيد جدا بانضمام المغرب إلى مجلس التعاون الخليجي، وأتمنى أن يزداد التقارب بين شعبي المغرب والخليج، الذين يتقاسمان الأصالة والعادات. وأنا شخصيا أشعر براحة نفسية كبيرة عندما أكون موجودا بالمغرب، هذا البلد الجميل الذي يتميز بالهدوء والاستقرار. أحب المغرب وأحب جلالة الملك محمد السادس، هذا الرجل المتواضع والمتفاني، الذي يعتبر من أكثر الشخصيات التي أحبها وأحترمها. ما هي مشاريعك الفنية المقبلة؟ وهل هناك تعاونات مع فنانين مغاربة؟ من خلال زياراتي الكثيرة للمغرب، التي أتقاسم صورها وفيديوهاتها دوما مع جمهوري على "سناب شات"، قررت أن أقدم أغنية وطنية للمغرب أهديها لهذا الوطن ولجلالة الملك محمد السادس، إلى جانب مشاريع فنية جديدة ستجمعني بعدد من الفنانين مثل فدوى المالكي وحاتم عمور. حاورته: شادية وغزو