وافق مجلس الوزراء الجزائري في شهر يوليوز 2016 على قانون مثير للجدل، لا يسمح سوى للجزائريين الذين يحملون الجنسية الجزائرية -غير المقترنة بجنسية أخرى- بتقلد مناصب عليا في الدولة. الصحفية فيديريكا زويا تسلط الضوء على تعديل قانون الجنسية الجزائرية. الجزائر التي يحكمها الآن منذ سبعة عشر عاما الرئيس عبد العزيز بوتفليقة حكما سلطويا، يخيم عليها منذ صيف 2016 صراع سياسي جديد. تتصدر هذا النزاع ثلاثة قوانين جديدة، تمت بالفعل الموافقة على قسم منها، بينما لا يزال قسم آخر منها مطروحًا كمشاريع قوانين. وهذه القوانين تعالج موضوع الهوية الجزائرية فيما يتعلق بالجنسية الواحدة وحتى بالاعتراف بالتعددية اللغوية في مجالات تعليمية معينة. وقانون الجنسية الجديد، الذي تم إقراره في السادس والعشرين من شهر يوليوز 2016 يستهدف في المقام الأول الجنسية الجزائرية الفرنسية المزدوجة، التي تمثّل على ما يبدو منذ فترة طويلة بالنسبة للحكَّام في الجزائر مشكلة يصعب حلُّها. وبحسب مسح حديث أجرته "الجمعية الجزائرية الدولية للشتات" AIDA ووزارة الخارجية الفرنسية فإنَّ أربعمائة وخمسين ألف مواطن يحملون حاليًا "الجنسية الفرنسية الجزائرية المزدوجة" ويعيشون في "مجتمع فرنسي جزائري" فيه نحو تسعمائة ألف شخص. ولكن في الواقع يرتفع هذا العدد إلى خمسة ملايين شخص بين مَنْ يُعرفون باسم المهاجرين "غير الشرعيين" أو اللاجئين أو المواطنين ممن لديهم على الأقل أحد والديهم أو جدودهم جزائري. وبالإضافة إلى ذلك توجود أيضًا جاليات جزائرية في دول غربية، مثلاً في بلجيكا وبريطانيا وكندا أو الولايات المتَّحدة الأمريكية. وفي تلك الدول أيضًا يحمل آلاف الأشخاص ذوو الأصل الجزائري الجنسية المزدوجة. امتيازات "للمواطنين الأصليين" أما الهدف السياسي من تعديل هذا القانون الذي تم إقراره مؤخرا، فيكمن – وتحت غطاء غامض – في استعادة السيطرة التامة على المواطنين الجزائريين، وهذا بالتأكيد لا يُبَشِّر بالخير بالنسبة للمستقبل السياسي في الجزائر. ويشمل نص القانون الفئتين المدنية والعسكرية. ومن الواضح تماما أن هذا تقسيم لا يتعلق بالماضي، بل يؤثر على المجتمع الجزائري في يومنا هذا، تماما مثلما هي الحال في تركيا أيضا. إذ إن وجود الجنسية الجزائرية وحدها يمثل شرطا لتولي منصب رئيس المجلس الدستوري، ورئيس الوزراء، ووزراء الحكومة الجزائرية، ولرؤساء المحكمة العليا ومجلس الدولة ولمحافظ بنك الجزائر، وكذلك للمسؤولين عن أمن البلاد. وكذلك لا يحق تقلد مناصب رفيعة في "الجيش الشعبي الوطني" إلاَّ لمَنْ يحملون الجنسية الجزائرية فقط. ومن المتوقَّع الآن بعد إقرار هذا القانون أن يتم تطبيقه على جميع الأشخاص في الرتب العسكرية الأدنى. وهذا القانون الذي تمت الموافقة عليه أثار موجة من السخط والاستياء – وخاصة في الشبكات الاجتماعية، حيث يخشى المرء من أنَّ الجدل حول الهوية والجنسية سيستمر فترة طويلة. ومن جانبها تتَّهم الجالياتُ الجزائرية في الخارج الحكومة باتِّباع سياسة "العزل" و"التمييز". وفي هذا النقاش يتم أيضا اتهام الحكومة بأنها تريد منع رجال الأعمال الجزائريين المؤثِّرين في الخارج، الذين يحملون جنسية مزدوجة، من ترشيح أنفسهم للانتخابات الرئاسية. بدعوى أنَّ بإمكانهم السعي إلى رئاسة لا تحدِّد شكلها المصالح الوطنية، بل المصالح الدولية. رئيس في وضع حرج ولكن ذلك في الواقع يشكل أيضا في الوقت الراهن مشكلة بالنسبة للحكام في الجزائر، خاصة وأنّ الرئيس الجزائري على سبيل المثال من مواليد المغرب. فيا ترى هل يجوز الآن اعتباره جزائريا "حقيقيا" أم لا؟ والقوانين الجديدة لها بطبيعة الحال تأثيرات على المشهد السياسي في فرنسا أيضا. فماذا سيحدث مثلا لو قام الفرنسيون بسنِّ قانون مشابه؟ وكم سيكون عندئذ عدد الوزراء الحاليين الذين سينجون بسلام هناك من مثل هذا "الشرط الانتقائي"؟ وعندئذ ألن يكون في الحقيقة من الأفضل – مثلما يدَّعي أنصار لوبان باسم الأمن وحماية الهوية – أن تقتدي فرنسابالجزائر في هذا الصدد؟