يومين فقط بعد أن فجر موقع أحداث.أنفو قضية اعتماد وعبد الله أصدرت حركة التوحيد والإصلاح بيانا موجها إلى أعضائها والمنخرطين فيها تحذرهم فيه من الاختلاط وتطلب منهم تفاديه. بيان الحركة الذي ننشره كاملا للاطلاع عليه والاستفادة مما جاء فيه طرح السؤال على المتتبعين عن سبب نزوله، وعن مدى ارتباطه بالقضية إياها دون نسيان قضية مولاي عمر السابقة مع فاطمة النجار، وما إذا كانت الحركة تلعب فقط دورها الدعوي والتربوي الذي يبدو أن عددا من الإخوة والأخوات قد نسوه في غمرة انشغالهم بالسياسي ما أسقطهم في المحظور، ومامكن خصوم الحزب من تصيد الأخطاء التي يقع فيها من يبنون خطابهم السياسي على التميز الأخلاقي عمن عداهم من المنافسين السياسيين أحداث.أنفو سيستدعي كاتب المقال في المحاكمة الفرنسية التي قال الزاهيدي إنها رفعتها على الموقع لكي يدلي بشهادته عن سبب النزول، ومن الأكيد لن يكتم الشهادة، لأن من يكتمها فإنه آثم قلبه مثلما علمنا ديننا الإسلامي لنتابع مذكرة الإصلاح والتوحيد عن اختلاط الأخوة بالأخوات، ولنحوقل كثيرا ونحن نقرأ فالأشياء تأخذ يوما بعد الآخر بعدا أكبر من المتوقع فعلا والآن نترككم مع المذكرة لكي تطلعوا عليها فاسمعوا وعوا يرحمكم الله….
في العلاقة بين الذكر والأنثى لقد خلق الله الخلق من ذكر وأنثى، وجعل بينهما ميلا فطريا، بل إن الكون كله مبني على معنى الزوجية والثنائية، وفي ذلك تعاون وتآلف من أجل تحقيق غايات ومقاصد جليلة. فأما بالنسبة للإنسان، فقد جُعل القصد الأول من وجوده على هذه البسيطة هو تحقيق معنى العبودية لله سبحانه وتعالى: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ ) "سورة الذاريات الآية:56″، ويترتب عن تنزيل هذا المحدد الأول مقتضيات وجب الالتزام بحدودها، وتمثل ضوابطها حتى تظهر ثمارها على الناس أفرادا وجماعات. والمحدد الثاني هو كون الإنسان تحمل مسؤولية الأمانة، وذلك بناء على اختيار الله له خليفة في الأرض، فحظي بالتكريم الإلهي، وسُخرت له نعما شتى، وهُيئت له وسائل متعددة للقيام بمقتضيات الأمانة، ويُوفق في خلافته عن ربه بما يحقق الصلاح في الأرض في الأرض ونشر الخير والنفع في الناس. والمحدد الثالث أن العبودية والأمانة إنما خُوطب بها الإنسان ذكرا وأنثى، مما يقتضي التعاون بين الشريكان بما يعين على تحقيق هذا المقصد من خلقهما، لذلك خاطب الشارع الحكيم الطرفان معا بوجوب الامتثال للأوامر الإلهية، وعدم الوقوع في المحرمات المنهية، وعند ذلك يترتب الجزاء من جنس العمل، ولا علاقة للجنس في تحديد النتيجة المترتبة، قال تعالى: (مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾ "سورة النحل: الآية 97". والمتأمل لهذه المحددات الثلاث وما يترتب عنها من مقتضيات والتزامات يجعلنا نحدد علاقة الذكر بالأنثى من جهتين: الجهة الأولى: الميل الفطري بين الجنسين إن الإنسان بفطرته التي خلقه الله عليها يميل إلى الجنس الآخر، بحيث أن الرجل يميل فطريا إلى المرأة، والمرأة تميل إلى الرجل، وهذا الميل الفطري لا لوم فيه على الإنسان؛ لأن الله جعل الوجود كلّه قائما على قانون الزوجيّة، سواء في عالم المادة أم في عالم الفكر والمعنى .. والفطرة البشريّة جزء من تجلّيات هذا القانون الإلهي الكبير، لا يمكنها إطلاقاً تجاهله أو تجاوزه والتغاضي عنه .. ذلك لأنّ خاصة هذا القانون، سواء في الإنسان أم في الحيوان أم النبات أم في الحياة بشتى مظاهرها، أنّه يعمل من داخل الفطرة، ولذلك فهو يدفع بها للاستجابة له والبحث عنه والحنين إليه .. وبالتّالي فهذه الفطرة لا تشعر بمعنى قيمتها في الحياة، بل ولا تستطيع ممارسة معاني الفطرة فيها بصورة كاملة وجميلة ومتناغمة إلا من خلال قانون الزّوجيّة. ولما كان قانون الزوجية هو الأصل لا الاستثناء، فإن الله عز وجل جعل الميل بين الجنسين من الفطرة، ومن فطرية الميل بين الجنسين الميلان الجنسي، فالله تعالى جعل هذا الأمر فطرة في الإنسان كما هو عند الحيوان، إلا أن هذا التركيب الجبلي لشهوة الجنس لدى الإنسان كان بغاية ومقصد، ومن ذلك حفظ النسل وامتداد الحياة البشرية، فالإسلام اعترف بهذه الفطرة الجنسية في إطارها الشرعي الصحيح، واعتبر قمعها وكبتها مخالف للفطرة السوية، كما أن إطلاقها بدون ضوابط خروج عن الشرع، وأي نظام اجتماعي لا يعترف بهذه الفطرة فهو يعلن الحرب عليها. فرؤية الإسلام لهذه الميولات لا تبتغي قمعها ومحاربتها، بل تروم فقط تنظيمها وتهذيبها، حتى ترتقي إلى صورة التكريم الإلهي للإنسان، الذي هو خليفة الله في الأرض، فمنهج الإسلام أنه "لا يحارب دوافع الفطرة ولا يستقذرها، إنما ينظمها ويطهرها، ويرفعها عن المستوى الحيواني، ويرقيها حتى تصبح هي المحور الذي يدور عليه الكثير من الآداب النفسية والاجتماعية، ويقيم العلاقات الجنسية على أساس من المشاعر الإنسانية الراقية، التي تجعل من التقاء جسدين، التقاء نفسين وقلبين وروحين، وبتعبير شامل التقاء إنسانين، تربط بينهما حياة مشتركة، وآمال مشتركة، وآلام مشتركة، ومستقبل مشترك، يلتقي في الذرية المرتقبة، ويتقابل في الجيل الجديد، الذي ينشأ في العش المشترك، الذي يقوم عليه الوالدان حارسين لا يفترقان" .
الجهة الثانية: العلاقة الإنسانية العامة أقصد من خلال هذه الجهة العلاقة التي تكون بين ذكر وأنثى بناء على مصلحة عامة اقتضتها الضرورة الواقعية وليس العلاقة التي تتأطر بالإطار الشرعي وهو الزواج الذي تم توضيحه عند الحديث في الجهة الأولى. وإنما الحديث هنا يتركز عن ذكر وأنثى يجمع بينهما عمل مشترك، وظيفي أو دراسي، مدني أو سياسي..وما إلى ذلك من الأعمال التي تستدعي التعاون بين الذكر والأنثى. ومنذ البداية نحسم الجدل القائم بصدد النقاش فيما يسمى بالعلاقة بين الجنسين التي تتطور فيما بعد إلى ما لا يحمد عقباه، فهذا أمره واضح، ورأي الشرع فيه صريح، وكذلك الأمر الذي يسمى بالصداقة بين الجنسين دون أن يكون هناك عمل مشترك يربط بين الطرفين، ماعدا الاتفاق على هذا النوع من العلاقة، فهذا أيضا مما يرفضه الشرع، لكن الحديث هنا عن علاقة بين جنسين يجمع بينهما أعمال مشتركة، فهل يمكن إطلاق هذه العلاقة من كل القيود أم لابد من ضوابط؟ لقد تبين أن التعاون بين الذكر والأنثى أمر مطلوب، غير أن هذا لا يعني إطلاق هذه العلاقة في كل اتجاه دون التزام بضوابط تجعل هذا التعاون بينهما يعطي ثماره، ويحقق أهدافه ومقاصده، ومن هذه الضوابط التي ينبغي الالتزام بها أذكر ما يلي: 1 الالتزام بغض البصر من الفريقين، فلا ينظر إلى عورة، ولا ينظر بشهوة، ولا يطيل النظر في غير حاجة، قال تعالى "قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم ذلك أزكى لهم إن الله خبير بما يصنعون، وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن" 2 الالتزام من جانب المرأة باللباس الشرعي المحتشم، الذي يغطي البدن ما عدا الوجه والكفين، ولا يشف ولا يصف، قال تعالى" ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها وليضربن بخمرهن على جيوبهن" 3 الالتزام بأدب المسلمة في كل شيء، وخصوصاً في التعامل مع الرجال : أ- في الكلام، بحيث يكون بعيداً عن الاغراء والاثارة، وقد قال تعالى: " فلا تخضعن بالقول فيطمع الذي في قلبه مرض وقلن قولاً معروفاً" ب- في المشي، كما قال تعالى:" ولا يضربن بأرجلهن ليعلم ما يخفين من زينتهن" ، وأن تكون كالتي وصفها الله بقوله: " فجاءته إحداهما تمشي على استحياء" ج- في الحركة، فلا تتكسر ولا تتمايل، كأولئك اللائي وصفهن الحديث الشريف ب"المائلات المميلات" ولا يصدر عنها ما يجعلها من صنف المتبرجات تبرج الجاهلية الأولى أو الأخيرة. 4 أن تتجنب كل ما شأنه أن يثير ويغري من الروائح العطرية، وألوان الزينة التي ينبغي أن تكون للبيت لا للطريق ولا للقاء الرجال. 5 الحذر من أن يختلي الرجل بامرأة وليس معهما محرم، قد نهت الأحاديث الصحيحة عن ذلك، وقالت: "ان ثالثهما الشيطان" إذ لا يجوز أن يخلى بين النار والحطب. 6 أن يكون اللقاء في حدود ما تفرضه الحاجة، وما يوجبه العمل المشترك دون إسراف أو توسعٍ يخرج المرأة عن فطرتها الأنثوية، أو يعرضها للقيل والقال، أو يعطلها عن واجبها المقدس في رعاية البيت وتربية الأجيال. وحاصل القول، إن الالتزام بالمنظور الشرعي في مسألة تلبية الميل الفطري في الإنسان، إذ جعل له الزواج استجابة لهذا النداء، أو من ناحية العلاقة الإنسانية بين الذكر والأنثى في إطار من التعاون الملتزم بالضوابط الشرعية، كفيل بتصحيح الرؤية في العلاقة بين الجنسين، وفق محددات وضوابط تستحضر التزامات الشرع ومقتضيات الواقع، بما يحقق إنسانية الإنسان ذكرا وأنثى انسجاما مع مكانة التكريم الإلهي له، ووفقا لمقتضيات العبودية، وهو القصد الأساس من خلق الناس. رشيد لخضر