اليوم الخميس تحل ذكرى رحيله.. ومعها يتأسف المغاربة على حال تعليم عمومي لا يسر عدوا ولاصديقا.. إنه المعلم الأشهر في تاريخ التربية الوطنية بالمغرب.. أحمد بوكماخ قصة نجاح لمنهج تعليمي مبسط ويسير، لكنه فعال بشهادة الخبراء والمختصين، لذلك ظلت صور قصصه وأحرف مؤلفاته عالقة بالأذهان يسردها السلف للخلف. بحلول تاريخ 22من شهر شتنبر، تحل ذكرى انطفاء نور وضاء من سماء التربية والتعليم المغربي، عندما امتدت يد المنون إلى معلم الأجيال الأستاذ أحمد بوكماخ سنة 1993 لينتقل إلى جوار ربه، بعد أن كان أحد رواد الأدب بالمغرب، وبصم بمؤلفاته حياة أجيال متعددة من تلامذة هذا الوطن. تفرغ بوكماخ للتأليف المدرسي، بتوجيه من العلامة عبد الله كنون بمجرد ما اعتزل العمل السياسي بعد الاستقلال، ودفعه للتأليف المدرسي غياب مراجع بالعربية آنذاك، حيث انطلقت الفكرة بمحاولة تأليف كتيب للتدريس بأحد الأقسام التي كان يدرس بها بمدينة طنجة، ليصبح هذا الكتيب بعد ذلك سلسلة كتب تحمل اسم «إقرأ»، وتدرس بالمغرب كله. اقرأ هي سلسلة كتب مدرسية كانت تغطي المرحلة الإبتدائية بأكملها من القسم التحضيري إلى قسم الشهادة، وكانت هذه السلسلة ممنهجة في نظام التدريس المغربي بعد الاستقلال واستمرت إلى حدود منتصف الثمانينات. واليوم تحل ذكرى المعلم الأشهر والمؤلف المتفاني في التأصيل للغة العربية، ومؤسسات التعليم العمومي الوطنية تعيش مشاكل لا تنتهي، تنطلق من خصاص في الأطر التربوية، لتطول ضعف البنيات بالمؤسسات، وتصل إلى حيرة وشرود للآباء والأولياء مع مقررات لا تستقر على حال. مع بوكماخ ظل التلاميذ يتذكرون دروسهم حتى وإن غادروا فصولها بعقود، لأن توحيد المقرر كان ميزة وخاصية طبعت مستويات عديدة. ومع «مدرسة النجاح» المنشودة وتغير أحوال وصفات المقررات الحديثة وتناسلها، تاه التلاميذ فلم يعد غالبيتهم يستوعبون المضامين حين تلقيها. تسائل ذكرى أحمد بوكماخ مناهج التدريس، كما تسائل أجيال ممن لم يدرسوا فيها عن مصير تعليم شارد تائه، أخفقت الكثير من الوصفات والمبادرات، في انعتاق من شرنقة التردي التي غاص فيها.