سلسلة "اقرأ" التي ألفها الراحل أحمد بوكماخ من بين أهم الإصدارات التي أثرت على أجيال كثيرة من المغاربة، ولم يتوقف إصدارها لحد الآن، رغم الاستغناء عنها وسحبها من مقررات التربية الوطنية، إذ لا زال يقتنيها البعض على سبيل النوستالجيا أو يستعين بمقرراتها في تنمية الملكة اللغوية لأطفاله أو حتى في ضبط بعض القضايا النحوية والبلاغية والإملائية. تعرضها بعض المكتبات كحضور في ذاكرة التلاميذ المغاربة لا يمكن أن تمحى أبدا، إذ هي ارتبطت بنظام تعليمي يمكن أن نطلق عليه اسم "الزمن الجميل". وبما أن هذه السلسلة كان لها وقع في متخيل عدد من المبدعين المغاربة، بما تحمله من نصوص وصور مصاحبة لها، فقد كان استرجاع تلك الصور القديمة، بمثابة حنين إلى بدايات عرفت انطلاقة فعلية للإرهاصات الإبداعية الأولى عند بعض الكتاب والفنانين. في هذا الملف عودة إلى ملامسة ذلك الحنين، وتحريك الطبقات الراكدة، فالطفولة البعيدة هي المعين الذي يغرف منه الكاتب والشاعر والرسام، وهي معدنه الوحيد. بوسريف: ما معنى أن يرافق شخص واحد أجيالا مختلفة اعتبر الشاعر والناقد صلاح بو سريف أنه واحد من المغاربة الذين كان الأستاذ بوكماخ يرافقهم في مقررات دروس اللغة العربية، في مراحل التعليم الابتدائي. إذ لم تكن هناك كُتُبٌ أخرى لمُؤلِّفينَ آخرين غيرَه، فهذا المؤلّف، الذي لم يسبق لأي معلم ممن دَرَّسُوه العربية أن تحدَّث عنه، أو عَرَّف به، كان يُشْبِه عنده، كما سيدرِك في ما بعد مُؤَلِّف كتاب «ألف ليلة وليلة»، الذي لا يعرفه أحد. إذ لا أحد كان يعرف من هو أحمد بوكماخ. يقول بوسريف: «هذه مسألة في غاية الأهمية، إذا قارنَّاها بما سيليها من مؤلفات مدرسية لاحقة، سيصبح فيها المؤلف جَماعة من الأشخاص، لا أحد يعرف من هُم، أو هُم معروفون، لكن لا أحد يعرف شيئاً عن سيرتهم العلمية أو الفكرية سوى أنهم إما مفتشون أو مدرسون أو باحثون في مجال التربية. علاقتي، إذن، بقيت مع هذا الكتاب، الذي كنتُ أعرف كل أجزائه، خصوصاً أنني كنتُ عَبْر إخوتي الذين كانوا يكبرونني، أتجسَّس على كتبهم، في السنوات اللاحقة، وكانت الرسومات هي ما يَشُدُّنِي إلى الكتاب. لم أكن أقرأ «النص»، أو ما في الكتاب من أنشطة، فأنا لم أكن أُحِبّ المدرسة، لأنني لم أكن أحب المُعَلِّمين، لِما كانوا يُمارسونه علينا من عنف لفظي ومادي. كانت أُسَرُنا تعتبره جزءاً من بنية المدرسة، ومن نظامها، فأنا كنتُ أحب الرسم، وكان الورق النَّاسِخ هو ما يُتيح لي تَمَلُّك الصُّوَرِ، بنقلها في مساحة بيضاء، وهو ما مَكَّنَنِي من إعادة تلوينها بالشكل الذي أريده، مما سيجعلني أتجرَّأ على تقليدها في ما بعد باستعمال قلم الرَّصاص، والأقلام المُلَوَّنَة، لِخَلْق عالم من الصُّوَر كبديل عن النصوص، أو الأنشطة القِرائية الموجودة في الكتاب، التي لم أُحِبَّها، لأنني لم أُحِبَّ مَنْ كانوا يُدرِّسُونها لي». وأشار بوسريف إلى أنه لم يتعلم شيئاً مُهِمّاً من كُتُب بوكماخ إلا الرسم والخط، وهو ما لمح له كما يقول في ديوانه «شُرْفَة يتيمة»، في جزئه الأول «خُبْز العائلة»، لأنَّ هذا هو ما كسبه من غنيمة هذا الرَّجُل. وأضاف بوسريف «لا أفهم بأي معنى أُتيحَ لشخص واحد أن يرافق أجيالا مختلفة، خصوصاً في مراحل التَّعَلُّم الأوَّلِيّ، وأعني، بشكل خاص، مرحلة البناء، هل إن الدولة، آنذاك، لم تجد سوى هذا الشخص، مع ما بذله من جُهْد في الكتابة، والإعداد، والتأليف، فالنصوص كلها من تأليفه، ليكون معلم العربية لأكثر من جيل في المغرب؟ ووفق أي تصور تربوي تعليمي، أو منهاج، بالأحرى، كان الأستاذ بوكماخ، المُوَقِّع الوحيد على الكتاب، يكتب، ويُعِدّ، ويُؤَلِّف؟ ما الرِّهان المستقبلي الذي كانت وزارة التربية الوطنية تُراهن عليه آنذاك في تعليم المغاربة، وفي تكوينهم؟ هل هو رهان الفكر المُوَحَّد، خصوصاً أن المغرب كان، بعد الاستقلال يعيش مرحلة توثُّرات سياسية، واجتماعية كبيرة؟ هذا الكتاب مطبوع، وأعيد نشره ويُباع في الأسواق، هو وكتاب اللغة الفرنسية الذي كان موازياً له، ومن يتصفَّحُه، أو يعود إلى دراسته سيجد أن موضوعاته كانت عامة، تُفيد في تَعلُّم القراءة والكتابة، ولكنها لم تكن تفيد في تَفْتيق الخيال، وهذا من بين المشكلات التي نُعانيها اليوم في مستوى التكوين الفني، والتعبيرات الجمالية، والقدرة على التخييل، عندنا، في حقول المعرفة المختلفة، وهذا، ربما من نتائج هذا الكتاب الواحد، والمؤلف الواحد، لكنني، لحُسْن الحظ، لم أكن مشغولاً إلا برسوم الكتاب، وهي مُتَنَوِّعَة كثيرة، وهذه هي المساحة التي شغلتني في هذا الكتاب، مما أدَّى إلى فشلي الذَّريع، في تعليمي الابتدائي، وطردي منه، بعد بلوغي مراحل لم يُسْمَح لي فيها بمزيد من الرُّسوب، والتكرار، والغيابات المُتواتِرة». عميروش: أعتبر بوكماخ من صناع الأجيال أما الفنان التشكيلي والناقد بنيونس عميروش، فقد كان له رأي آخر حول علاقته بسلسلة «اقرأ» ومؤلفها بوكماخ. إذ قال : «كعادتي، كلما عبرت شارع محمد الخامس بالرباط، يغطس بصري في الأرصفة المُزهرة بمفروشات الأكشاك من جرائد ومجلات وكتب ومطبوعات. وكلما لمحت عيناي أحد أجزاء سلسلة «اقرأ» المدرسية، تشدّني الرهبة وينتابني الحنين إلى زمنيْ الصِّبا والمراهقة المَوْصولَيْن بحي لازاري في مدينة وجدة، لأسترجع فضاءات وأجواء التعلم (مدرسة ابن رشد للبنين، إعدادية ولي العهد سيدي محمد سابقا، دار الحرفي، دار الشباب يوم كانت تقوم بدوريها التربوي والترفيهي بشكل فعال). هذه القوة التي يمتلكها كتاب «اقرأ» في تحريك الوجدان تكمن في الهندسة الحكيمة لمؤلفها الأستاذ أحمد بوكماخ، الذي حمل على عاتقه مغربة التعليم بعد الاستقلال، وبانسجام تام مع التوجهات الاستراتيجية التي خططت لها الدولة وقتئذ، تماشيا مع المرحلة التاريخية التأسيسية. فبناءً على عصاميته الواعية وانفتاحه على المرجعيات البيداغوجية والديداكتيكية، استطاع أن يبدع نصوصا شيقة وجذابة تغرف من الأدب الكوني باعتماد الترجمة والاقتباس، المشروطيْن برؤية استشرافية تأخذ في الحسبان معايير المستويات الدراسية والدفع بها لمسايرة التطور الإنساني الذي واكب تلك الحقبة الانتقالية». كما اعتبر عميروش أن اعتماد السلسلة خارج المغرب (في بلدان المغرب العربي خاصة) واستمرارها في الطبعات المتعاقبة إلى الآن، بالرغم من توقف اعتمادها في المناهج التدريسية الوطنية، يؤكدان نجاعتها التربوية التي تفوقت عمّا تلاها من الكتب والكراسات المدرسية، التي تبنت نظريات علوم التربية الحديثة، بينما ظلت مستضعَفة على مستوى الإبداعية التأليفية التي تجمع بين البساطة اللغوية السليمة، والمشفوعة بالمواضيع والمواقف والمعاني، التي تخدم الحس النقدي لدى المتعلم والمتعلمة وتثير لديهما الخيال والتشويق وحب الوطن، وهو الجانب الذي تألق فيه أحمد بوكماخ. هذا ما يدفع إلى التساؤل حول مدى صحة النعت الخاص ب«علوم التربية»، هل هي فعلا علوم؟ ما مدى صحة ودقة هذه «العلوم» التي تتعامل مع دزينة من التفاعلات التجريدية والزئبقية التي تصنع شخصية وبروفايل المواطن داخل محيطه الاجتماعي: الحس، الشعور، العواطف، الوجدان، القيم، المواطنة... وفضلا عن جمالية الطبع وعن البعدين التصويري والخيالي اللذين تثيرهما النصوص، يبقى الجانب الإيكونوغرافي من أهم أسس التأليف في سلسلة «اقرأ»، حيث لا تعتبر الرسوم المحاكية (Illustration) مُكمِّلة فحسب، بل تُعَدُّ بدورها نصوصا بصرية تَتَقدَّم عن المكتوب، لأن تمَثُّلها الذهني (كصورة كُلِّية) يحفز على استذكار النص (القصة، الحكاية): الشخصية، المكان، الواقعة، الحدث، الموقف، الحكمة، وكذا الاسترسالات التخييلية والتشويقية والعجائبية... ونتيجة هذا التأثير بمعطياته يقول عميروش: «مارَسَت عليَّ «صور» بوكماخ سحرها الذي كان وراء إصراري على تقليدها خلال الحقبة الابتدائية، إلى أن أدركت أهمية نقلها في السنة الخامسة (قسم الشهادة) بتشجيع معلمي السي الطيب الزروقي، الذي عمل على كشف رسومي بين الصفوف، وهي الرسومات الملونة التي كنت أُرفِقها بالمحفوظات على صفحات الدفتر دون إذن معلمي الذي كانت تدهشني رسومه على السبورة. ولتمكنه التشكيلي، انتهى به المطاف المهني أستاذا لمادة التربية الفنية بمركز تكوين المعلمين بوجدة. تنمّى عندي هذا المَيْل في إعدادية ولي العهد سيدي محمد (بوجدة)، التي عُرِفت بنظامها التربوي الجاد، حيث كنا ندرس بالزي الموحد (وزرة رمادية إلزامية للذكور، في سبعينيات القرن الماضي)، ونلقى قدرا من الاهتمام بمواهبنا، مما مكنني من تنظيم أكثر من معرض لرسومي. فيما أذكر أننا كنا نلقي عروضا ثقافية خارج الحصص الدراسية تحت إشراف المدير السي الطويل، الذي كان يسهر بنفسه على توفير الأجواء المناسبة ويتابع فعاليات العروض إلى النهاية. في هذه المرحلة كنت وأبناء جيلي نتردد على دار الشباب بلازاري لمشاهدة العروض المسرحية وممارسة الرسم والموسيقى والشغب الجميل. أذكر في هذا السياق مؤطِّرا بلقب «عسيلة»، كنا أعضاءً في فرقته المكونة من مراهقين يقلدون مجموعة ناس الغيوان. هذه الاهتمامات الفنية والثقافية ستتضاغف في «دار الحرفي»، التي تعتبر نقطة استدلال بحي لازاري. يتعلق الأمر بمنزل (فيلا) الأستاذ والمناضل المعروف السي محمد حرفي. كنت والأصدقاء عبد الرزاق بنطالب الأنيق دَوْما، ويحيى مرزاق، وغيرهم كثيرون من المحظوظين بصداقة أبناء الدار من أقراننا: العزيزان مصطفى حرفي وجمال حرفي. في هذا البيت المضياف، كنا نأكل ونشرب وننام ونقرأ ونستمتع بحضور ومشاركة البروفات الموسيقية ونجرب تعلم العزف على مختلف الآلات الموسيقية المتوافرة ونقطف ثمار «المزاح» من أشجارها. في هذه الدار العامرة التي أعتبرها مؤسسة قائمة بذاتها، اكتشفت لأول مرة مكتبة خاصة، تحمل يافطة على بابها، مكتوب عليها بخط جميل: «مكتب». عندما اصطحبني صديقي مصطفى إلى مكتب أبيه هذا، انبهرت أيَّما انبهار برفوف الكتب التي تغطي جدران الغرفة بكاملها، وبجمالية أغلفة الكتب. يومها قال مراهق الصف الإعدادي الذي كنته في نفسه: عندما أكبر ستكون لدي مكتبة تُماثِلها. لذلك، فإن مكتبتي المتواضعة التي عملت على تجميعها إلى اليوم، هي نتيجة ذلك التأثير الذي يرافقني باستمرار». كما أكد عميروش على أهمية كتاب التلميذ (سلسلتا «اقرأ» و»الفصحى» لأحمد بوكماخ نموذجا) الذي يمكن أن يشكل المنطلق والامتداد في تكوين مواطن الغد، بتكاتف جهود مؤسسات التعليم والتكوين، وبتحفيز الأساتذة والمربين الأجلاء من أمثال بوكماخ وحرفي والزروقي...، الذين يستحقون بجدارة لقب صُنّاع الأجيال. وختم عميروش حديثه عن ابنه الصغير أديب الذي يرافقه في قراءة الأناشيد بالفرنسية بطلعات موزونة وكاشفة عن إيقاعها، مثل : تِكْ طَكْ/ تِكْ طَكْ/ مثل الساعة/ دوما أبدا... يا إخوتي/ جاء المطرْ/ هيا اهتفوا/ تحت الشجرْ... هيا هيا/ نجري جريا/ غطي البصرَ/ وخُذِ الحذرَ... غزلاني: سكنني نص أحمد والعفريت أما الشاعر والفنان مصطفى غزلاني فقد ذهب إلى أنه عندما يتوحد مزار طفولي ما لجيل، لقرية أو لشلة... يصير متعددا. تشتغل الذاكرة على تنضيد العناصر.. تختزل، تكثف.. ولتيسير حقيبة السفر تكتفي بالشاهد لا غير. هكذا، حينما يسترجع مصطفى غزلاني ذاكرته الطفولية لأول مشهد بقي راسخا في ذهنه يستحضر سلسلة «اقرأ» لصاحبها أحمد بوكماخ، حيث لم يسبق إلى ذهنه إلا صورة واحدة ونصا واحدا هو أحمد والعفريت. وافتتانا بهذه السلسلة يقول غزلاني: «أنا الآن في مراتع السنة الثامنة. يأخذني النص في حواريته الرهيفة إلى التمثل، إلى التخيل، بل إلى الاعتقاد.. أعتقد أني أنا الآخر لي عفريت وأني أحاوره متى شئت. تؤكد الصورة المرافقة أن العفريت دوما على شمالي. هو عفريتي الذي بسببه رفضت البصق جهة اليسار كما كان يأمر فقيه الدوار. وفي صلاة المراهقة كلما أديت السلام جهة اليسار، رأيت عفريتي أحيانا يبتسم، وأخرى لا. وعندما تناولت كأس النضال رُمت جهة اليسار بيقين أنها ساحة العفاريت الجميلة؛ تخيف، تنصف، تشجع، تلعب وتظهر وتختفي أيضا، تماما كما العفريت وأحمده.. أما الآن، ولكي لا يظل عفريتي معلقا بين وقتين، فقد منحته إقامة دائمة في محترفي. وحينما يزورني أحد الأصدقاء، غالبا ما يصر ساكتا على الحضور، لكل هذا، سأصر على الاعتقاد أن بوكماخ هو واحد من الآلهة الهنود».
محمد شويكة : تخيل التلاميذ سعاد فأحبوا الكتاب والمكتبة يتساءل الكاتب والناقد السينمائي محمد شويكة عن السر الذي جعل كتاب «اقرأ»، بكل مستوياته، راسخا في ذاكرة الأجيال التي تعلمت على صفحاته القراءة؟ هل كان السيد أحمد بوكماخ رجلا استشرافيا يعي قيمة التنويع داخل الكتاب الواحد عوض تعداد الكتب وتشتيت الانتباه؟ واستحضر شويكة ذكرياته الطفولية في علاقتها بسلسلة «اقرأ» وقال: «عندما جئت إلى المدرسة، تاركا اللوح والصمغ، أمسكت بين يَدَيَّ كتاب «اقرأ»، الذي كنا نسميه «التِّلاوة»، للدلالة على طريقة التلقين التي كانت سائدة آنذاك في التعليم، فرحت به لأن رسومه كانت مختلفة عما اعتدته. فيه الصور، والرسوم، والمعجم، والمدينة، والقرية، والآلات: فيه الحياة الدنيا.. درست به خلال السنتين الابتدائيتين الأولى والثانية، ولكن سرعان ما قامت وزارة التربية الوطنية بتغييره. هكذا جاءت عَيِّنَة جديدة من الكتب المدرسية، التي أذكر منها كتب الفرنسية المسماة «A grand pas»، وخاصة إحدى كراريسها التي كانت تتضمن حكاية مصورة، غريبة عجيبة، تقص علينا مغامرة إحدى الشخصيات مع طنجرته التي لم ترد أن تتوقف عن طبخ الحساء (الحريرة)، مما جعل محتواها يتجاوز أسوار منزله.. ويا لها من حريرة! لم أسعد بالقراءة في كتاب الفرنسية «Tranchart, Bien lire et comprendre»، الذي يحكي عن عنزة السيد «سوغان»، ويقدم صورا مختلفة عن تلك الموجودة في التلاوة، وأشياء أخرى.. ولكنني حصلت عليه من طرف أصدقائي وظللت مدة أتقاسم معهم حكاياته التي لا تختلف كثيرا عن حكايات كتاب «اقرأ» للسيد أحمد بوكماخ، رغم التفاوت الحاصل في تأثر كل واحد من المؤلفين بالمرجعيات والخيال والطرائق التدريسية». كما أشار شويكة إلى أنه لن ينسى «أحمد والعفريت» و»سعاد في المكتبة».. باعتبارهما حكايتين تُرَسِّخَان قِيمًا متنافرة: الغيب والقراءة، اللوغوس والميتوس.. كم من تلميذ تخيل سعاد فأحب الكتاب والمكتبة؟ وكم من منزل جاءت إليه سعاد حاملة تلاوتها محاولة تعلم الحروف والحركات؟: سَ.. سُ.. سِ.. سَعادة.. سُؤال.. سِياجٌ؟ كل ما استحضره، هنا والآن، وهو يمارس التدريس والكتابة معا، أن البساطة في التأليف، والقدرة على التبسيط هما السر الكامن خلف القدرات والكفايات التي اكتسبتها كل الأجيال التي تتلمذت على كتب السيد بوكماخ. لقد كانت مرحلة الابتدائي حاسمة في إتقان القراءة والكتابة، واليوم يحاول أن يعلم ذلك لأبناء الباكالوريا! ولا يسعه إلا أن يعترف بمجهودات السيد أحمد بوكماخ كواحد من رواد التأليف المدرسي في المغرب، لأنه أنجز ما تنجزه المؤسسات اليوم، وحل المشاكل التي ترصد لها المليارات اليوم.. وكان صادقا في عمله، وفي وطنيته، وفي قيمه.