كرام: لا تمنحوا العدالة والتنمية فرصة الانقضاض على الدولة العمري: هم لا يشكلون خطرا على الأمة والنظام بل على الإسلام نفسه
من عاش التجربة من الداخل ليس كمن عاينها وحكم عليها من الخارج. وتجربة عمر العمري، صاحب رواية «كنت إسلاميا.. عندما يتماهى الخيال مع الواقع»، ولحسن كرام، مؤلف كتاب «الذئاب الملتحية.. الخديعة الكبرى»، مع حزب العدالة والتنمية وحركة التوحيد والإصلاح كانت من هذا الصنف، الذي عايش، وفقه عمل الحزب والحركة بل وقدم المساعدة في تبني الاستراتيجيات لعمل هاتين الهيئتين. هذا اللقاء الفكري الذي نظمته «حركة اليقظة المواطنة» بشراكة مع جريدة «الأحداث المغربية» مساء الأربعاء بالرباط، تحول إلى محاكمة سياسية لحزب العدالة والتنمية وحركة التوحيد والإصلاح في صورة عملين أدبيين أحدهما رواية، والآخر تتمة لفحص تاريخي للحزب والحركة من خلال معايشة دامت سنوات، قبل أن يقع الطلاق بين المؤلفين وبين العدالة والتنمية.
كنت إسلاميا .. عمر العمري، الناشط السابق في حركة التوحيد والإصلاح، والذي اشتغل لسنوات ضمن طاقم الجريدة الناطقة باسم حركة «التجديد» قال إن رواية «كنت إسلاميا» لا تعد مراجعة فكرية لقناعاته داخل الحركة والحزب، مضيفا في تصريح ل «الأحداث المغربية» أن ما وقع كان طلاقا بينه وبين العدالة والتنمية وحركتها، فالأيام كشفت له أنهم لا يشكلون خطرا على الأمة، والنظام، بل حتى على الإسلام نفسه. وكشف صاحب رواية «كنت إسلاميا» أن فئات عريضة من حركة التوحيد والإصلاح قد انسحبت تباعا منذ تسعينيات القرن الماضي، العمري الذي وصف هذه الانسحابات ب «الانسحابات الصامتة» اعتبر أن الراحل فريد الأنصاري، القيادي البارز في «التوحيد والإصلاح»، القادم من رابطة المستقبل الإسلامي، كان أبرز من انسحبوا من الحركة «لقد كان شاهدا معنا على المعاناة التي كان الأعضاء يعيشونها داخل التوحيد والإصلاح، وداخل صحيفة التجديد، لما كان ابن كيران مديرا للنشر ورئيسا للتحرير» يضيف العمري، الذي اتهم التوحيد والإصلاح بما أسماه ترويجا لأطروحات مزيفة عن الإسلام، وعلى العموم تبقى «الحركة تنظيما مستوردا من الخارج لا جذور لها في المغرب» على حد قوله. يحكي مضمون رواية «كنت إسلاميا.. عندما يتماهى الخيال مع الواقع»، التي قدم العمري على شكل سيرة ذاتية، عن طفل فتح عينيه في أحد «كاريانات» الدارالبيضاء قبل أن يتم استقطابه من طرف «أبو أيمن لتبدأ تجربته مع حركة التوحيد والإصلاح والعمل الإسلامي». «في فترة السبعينيات فتحت عيني على ظروف البادية الصعبة اجتماعيا، إلى جانب البيئة الصوفية داخل الأسرة، إلى أن التحقت وأنا يافع للسكن بالكاريان، فالتقيت أبو أيمن (اسم مستعار لقيادي إسلامي عمل على استقطابه) وهو أستاذ متمرس على أدبيات الإخوان المسلمين، لم يكن أبو أيمن سوى حلقة واحدة تدور حولها حلقات في الحي الصفيحي الذي كنت أقطنه، لقد عملوا على تأطيري ضمن برنامج تربوي عبر القرآن والأحاديث وأدبيات الحركات الإسلامية»، يزيد العمري في تقديم نبذة عن تجربته مع الحركة «تحولت مع مرور الوقت إلى داعية صغير متشبع بما سطره السيد قطب في «معالم في الطريق» الذي كان بمثابة دستور للإسلاميين المغاربة، أرتدي فوقية، لم أتخلص منها إلا مؤخرا، وأعمل على دعوة الناس إلى الإسلام في الكاريان» على حد قول نفس المتحدث. عملنا «على تكوين خلايا في الحي، في عمليات الاستقطاب، والاصطفاء قبل أن يأتي أبو أيمن ذات يوم باستراتيجية جديدة، إذ كان يريد الترشح للانتخابات في الكاريان، لقد اكتشفت أنه كان يتحدث زورا باسم الله، وأن الغاية كانت هي الانتخابات مع التحول فجأة إلى العمل السياسي». يضيف العمري الذي قال إنه عارض بشدة تأسيس حزب العدالة والتنمية عام 1997 «أرفض إقحام الدين في السياسة، فقد رفضت الدعاية الانتخابية والانتماء إلى الحزب رغم مراسلة قيادييه الذين عرضوا على العمل في وزارة الأوقاف كداعية ديني لكني انسحبت بهدوء».
الذئاب الملتحية لحسن كرام، صاحب كتاب «الذئاب الملتحية.. الخديعة الكبرى» كانت نبرته أقوى من صاحب العمل الروائي المقدم في شكل سيرة ذاتية، كرام الذي قدم الجزء الثاني من عمله «الذئاب الملتحية» افتتح تقديم الجزء الثاني من مشروعه بالاعتذار للمغاربة جميعا عن المشروع الذي كان منخرطا فيه «نعتذر للمغاربة جميعا عن الخطأ الذي ارتكبناه في حق الوطن بالانضمام لجماعة التوحيد والإصلاح، أعتذر لأني كنت أحد صناع استراتيجيات العدالة والتنمية، كنت معتقدا أن هذا الحزب ذو نوعية جديدة يرمي إلى تطوير المغرب في الواقع كنت مغفلا ومستعملا لقلتي خبرتي». واعتبر كرام أن حزب العدالة والتنمية له مشروع لخصه فيما اعتبره «ثلاث دالات» على شاكلة ما قام به المهدي ابن تومرت، أي الدعوة ثم التسلل للمجتمع والدولة قبل أن تبرز «مرحلة يتحول فيها هؤلاء إلى دمويين» على حد قوله. وأضاف كرام أن ما تمارسه العدالة والتنمية اليوم وما مارسته في السابق هو احتيال جماعي على المغرب، مارسته الحركة عندما سطت على حزب عبد الكريم الخطيب وتمارسه اليوم عندما تدير كل كبيرة وصغيرة في الانتخابات والحياة السياسية للحزب، «بالله عليكم كيف يمكن أن نفسر أن مرشحي الحزب في الانتخابات الذين يتم اختيارهم في الجهات ومن قبل المناضلين يتم إقصاؤهم في الأمانة العامة للحزب هكذا بجرة قلم، إن الحركة تبقى المتحكم الأول في الحزب وفي خيارات من سيترشح باسمه، وما الجلسات التربوية التي تنظمها الحركة في غالب المدن بشكل أسبوعي داخل المنازل إلا تأطيرا عسكريا وحملة انتخابية ممتدة طيلة السنوات الخمس الأخيرة». ووجه كرام كبير انتقاده للأمين العام لحزب العدالة والتنمية معتبرا أن عبد الإله بن كيران، حين ينتقد معارضيه ويصفهم بالتحكم يعرف «أن هذه الممارسات من قبيل التحكم والاحتيال والعفاريت يخبرها جيدا، لقد كانت أكبر عملية احتيال قام بها ابن كيران أنهم تسللوا داخل حزب عريق هو حزب الحركة الشعبية الدستورية الديمقراطية، يقوده رجل وطني وانقضوا عليه، فلماذا لم تكون ولادتهم عادية كباقي الهئيات السياسية» يقول كرام. وخلص كرام إلى أن «الإسلام السياسي، يعد سُماً تروجه الجماعات الإسلامية عن الإسلام، ومن ضمنها حركة التوحيد والإصلاح»، التي قال إنها «مشروع خطير للغاية على المغاربة، هدفه التوغل إلى مفاصل المجتمع ثم الدولة، قبل التحول نحو الدم، وما يقع في تركيا إلا خير دليل على ذلك».