‘‘كريمة غانم‘‘ رئيسة المركز الدولي للدبلوماسية بالمغرب وخبيرة التواصل الاستراتيجي التنموي والترافع حول السياسات العمومية، المكلفة بالدراسات الاستراتيجية للشبكة الافريقية لخبراء سياسات الشباب ل ‘‘ الأحداث المغربية ‘‘ ‘‘يجب أن نتجاوز الأساليب التقليدية و الكلاسيكية في تعبئة المجتمع المدني و المواطنين للدفاع عن قضيتنا الأولى الصحراء المغربية ‘‘ ‘‘ الدبلوماسية الموازية و الشعبية أثبتت فعاليتها في تقريب وجهات نظر الفاعلين الدوليين و المغرب يزخر بطاقات شابة واعدة لها المام بالعمل الدبلوماسي الموازي يجب الاستثمار فيها كشريك استراتيجي ‘‘ ‘‘ هناك خلط شائع في مفهوم الديبلوماسيات المختلفة يكرسه ضعف النقاش العمومي حول الدبلوماسية غير الرسمية‘‘ في أسطر كريمة غانم، رئيسة و مؤسسة المركز الدولي للدبلوماسية بالمغرب عملت كصحفية و كخبيرة في التواصل الاستراتيجي و التنموي لمدة 12 سنة. لديها أكثر من 15 سنة خبرة في مجال الترافع حول السياسات المتعلقة بالمجتمع المدني و الشباب، هي عضو مؤسس و مكلفة بالدراسات الاستراتيجية للشبكة الافريقية لخبراء سياسات الشباب. لديها أيضا خبرة في مجال الدبلوماسية العامة و الرقمية و هي ممثلة شمال افريقيا و الشرق الأوسط للمنتدى الدولي للدبلوماسية بلندن، حائزة على جائزة كرانس مونتانا الدولية لقادة المستقبل الجدد سنة 2012 و شهادة تقديرية من المفوضية الأوروبية كشابة صاعدة مؤثرة. حصلت أيضا على العديد من الجوائز الوطنية و الدولية في مجال الدبلوماسية، التواصل، السلام، و سياسات الشباب و المجتمع المدني من النادر أن نعاين تجربة إنشاء جمعيات تهتم بالبعد الديبلوماسي في العلاقات الدولية. هل لكم أن تقربوا القارئ من ظروف إقامة جمعيتكم وأهدافها ؟ في بادئ الأمر، أود أن أقول أن هناك العديد من الجمعيات المغربية التي تهتم بالعمل الدبلوماسي لكن ليس بالضروري أن تكون أنشطتها مسوقة إعلاميا لأن بعضا منها متخصص بالأساس في الدراسات الاستراتيجية و تشتغل على شاكلة خلايا للتفكير و تقدم مقترحاتها مباشرة الى الحكومة. المركز الدولي للدبلوماسية (الجمعية المغربية للتنمية و الدبلوماسية الموازية سابقا) تم انشاءه في 2 أبريل 2011 من قبل مختصين في مجال الدبلوماسية و التواصل الاستراتيجي و التنمية الدولية و ذلك بهدف مواكبة الاصلاحات الدستورية التي أطلقها صاحب الجلالة الملك محمد السادس في 9 مارس 2011 بالعمل على مواكبة العمل الدبلوماسي في شقه غير الرسمي و المساهمة في التعريف بسياسة الاصلاح و الدفاع عن قضايا المغرب العادلة في المحافل الدولية. المركز هو جمعية مغربية مستقلة و محايدة تشتغل على تعزيز قدرات الفاعلين غير الحكوميين في مجال الدبلوماسية الشعبية عبر مشروع أكاديمية للدبلوماسية الشعبية ومشروع للتبادل الثقافي في نفس المجال. و كل هذه البرامج تساهم في اعداد جيل جديد من قادة اليوم الذين سيصبحون صانعي القرار بالغد و سيساهمون في التأثير و صناعة السياسات الدولية التي يمكن أن يكون لها أثر على السياسات الوطنية و الاقليمية. بالحديث عن الديبلوماسية، هناك خلط كبير لدى العامة وأيضا لدى بعض المتتبعين بين مفاهيم الدبلوماسية الموازية والديبلوماسية الشعبية وباقي أنواع الدبلوماسيات غير الحكومية إجمالا. كيف يمكن تعريف هذه المفاهيم بدقة ؟ أثرت موضوعا مهما في ما يتعلق باستعمال مصطلح الدبلوماسية الموازية Paradiplomacy في المغرب، أصبحنا نطلق على كل مبادرة غير رسمية في مجال الدبلوماسية بالموازية. لكن هذه الأخيرة كان تزاول من قبل الأنظمة الفدرالية وتطلق على النشاط الخارجي المباشر للمدن والأقاليم والوحدات الإتحادية موازاة مع الدبلوماسية الرسمية للدولة. هناك العديد من الدساتير التي تم تعديلها، أو القوانين التي تم وضعها في العديد من الدول التي لها نظام فدرالي أو جهوية متقدمة على الخصوص ككندا و الولاياتالمتحدةالأمريكية للسماح للأقاليم بممارسة نوع من السياسة الخارجية الموازية دون ضرورة الرجوع الى السلطة المركزية. و يمكن اعتبار توأمة المدن الذي أصبح يطلق عليه الآن بدبلوماسية المدن City Diplomacy هو نوع من أنواع الدبلوماسية الموازية و التي تركز بالأساس على التعاون الدولي في مجال التنمية الجهوية و المحلية وفي العلاقات الاقتصادية و جلب الاستثمارات و البحث عن أسواق جديدة، كما تشمل المجال السياسي والثقافي و التعليمي و الرياضي و الفني و العلمي من خلال تبادل الوفود و نقل الخبرات عن طريق إقامة الندوات و المعارض و المهرجانات و المؤتمرات و المواكبة التقنية. و أصبحت أيضا البعثات البرلمانية من أهم الفاعلين الممارسين للدبلوماسية الموازية، حيث أصبحت تلعب دورا كبيرا وفعالا في ربط التعاون بين البرلمانات الوطنية لحل بعض القضايا الدولية، المساهمة في حل النزاعات الدولية عبر تشكيل لجان للوساطة وتقريب وجهات نظر الأطراف المتصارعة، ودفاع البرلمانات الوطنية على قضايا بلدانها وشرح مواقف حكوماتها من القضايا المطروحة. ويعرف هذا الشكل من الدبلوماسية أيضا بالدبلوماسية البرلمانية Parliamentary Diplomacy . أما الدبلوماسية العامة Public Diplomacy أو كما يطلق عليها بالقوة الناعمة Soft Power في العلاقات الدولية، فهي استراتيجية تنجزها الدولة وفق برامج تهدف الى التواصل والتأثير على الرأي العام الدولي و حشد التأييد لمجموعة من القضايا الوطنية ذات الأولوية. اضافة الى ذلك فالدبلوماسية العامة تساهم في التعريف بالسمة الوطنية للبلاد للرأي العام الدولي و التي تشكل بالأساس (الهوية و الصورة و السمعة و العلامة التجارية) Nation Branding . الدبلوماسية العامة هي شعبية في عمقها لكن الفرق بينها و بين الدبلوماسية الشعبية Popular or People to People Diplomacy هي أن الدبلوماسية العامة تقوم بها الدولة و تدعم برامجها، أما الدبلوماسية الشعبية فتكون بمبادرات من الفاعلين غير الحكوميين و ليس بالضرورة أن تكون أنشطتها مدعمة من الدولة أو بتنسيق مباشر معها. ومن أبرز أدواتها المفكرون والاعلاميون والفنانون والجهات المهنية والطلاب والفرق الرياضية وفرق الفنون الشعبية، وغيرها من الأدوات التي تستطيع تكوين علاقات صداقة بجهات موازية لها من مختلف أنحاء العالم. و أخيرا هناك دبلوماسية جديدة أصبح يطلق عليها دبلوماسية القرن 21 و هي الدبلوماسية الرقمية Digital Diplomacy و هي امتداد للدبلوماسية الرسمية و العامة، وهي تستند إلى الابتكارات وأنواع الاستعمال الناجمة عن تكنولوجيات المعلومات والاتصالات و شبكات التواصل الاجتماعي. و هذه الاخيرة ساهمت في تغيير الممارسة الدبلوماسية في مواجهة رهانات التطورات و التحولات التي تعرفها تكنولوجيا المعلومات و تصاعد المجتمعات الرقمية التي أصبحث تستعمل بكثافة شبكات التواصل الاجتماعي. كيف يمكن الديبلوماسيات الموازية تدارك هفوات الديبلوماسية الرسمية أو تصحيح اعتلالاتها على الأقل في قضايا المغرب المصيرية و قضية المغرب الأولى الصحراء المغربية؟ أولا يجب التأكيد على أن العلاقات بين الحكومات و حدها لاتكفي للتعريف بالقضايا المصيرية للمغرب و التأثير على هذه الدول لحشد الدعم أو تغيير مواقفها ازاء القضايا الوطنية. فقد أتبتث الدبلوماسية الموازية و الشعبية فعاليتها في تقريب وجهات نظر الفاعلين الدوليين حول القضية الوطنية، و التأثير في مواقف و قرارات دولية معينة تخص المصالح الاستراتيجية للوطن و الأمثلة عديدة. لكن يجب أن نعي اليوم أنه يجب أن نتجاوز الأساليب التقليدية و الكلاسيكية في تدبير الملف خصوصا في ما يتعلق بتعبئة المجتمع المدني و المواطنين للدفاع عن قضيتنا الأولى الصحراء المغربية. و قد لاحظنا تغييرا مهما في التعامل مع القضية من خلال تغيير الخطاب السياسي الموجه بالأساس للمنتظم الدولي من خلال الخطابات الأخيرة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، خطابات صريحة و مباشرة و مبنية على وقائع و أرقام. هذا بالإضافة الى أن سياسات الاصلاح و الاستثمار في الأقاليم الجنوبية و اقرار الجهوية المتقدمة و غيرها خير جواب على كل الاتهامات المغلوطة التي تروج عن المغرب في هذه القضية. كما أن الدبلوماسية الملكية و استراتيجية التعاون جنوب جنوب في افريقيا أعطت تمارها من خلال دعم 29 دولة افريقية لقرار عودة المغرب للاتحاد الافريقي و هو قرار شجاع و حكيم و سيقطع حتما مع سياسة الكرسي الفارغ. لكن يبقى هنا تنسيق الجهود مع فعايات المجتمع المدني و باقي الفاعلين للعمل و الترافع مع نظرائهم بالدول الافريقية لدعم هذا القرار. غياب المغرب أكثر من ثلاث عقود عن الاتحاد الإفريقي أعطى فرصة لخصوم الوحدة الترابية للترويج لأفكار مغلوطة عن المغرب لدى الرأي العام الافريقي و هذا نلمسه من خلال المؤتمرات التي نشارك فيها في الدول الافريقية. كما يمكنني القول أن في المجال الدبلوماسي ليس هناك صداقات أو عداوات دائمة، فيمكن للدول تغيير مواقفها حسب مصالحها و يمكن تفسير ذلك في الموقف التونسي مثلا بالرغم من مجهودات المغرب لمساندة تونس بعد الثورة لم يكن من بين 29 دولة التي ساندت المغرب في هذا القرار. ربما بحكم علاقاتها الاقتصادية مع الجزائر فضلت التأني في اتخاد القرار الى حين طلب التصويت اللذي لن يكون قبل سنة حسب المساطر الادارية للاتحاد الافريقي. لهذا يجب أن تكون هناك يقظة مستمرة و تنسيق للجهود بين الدبلوماسية الرسمية و الفاعلين غير الحكوميين بهدف تغيير الصورة النمطية عن المغرب لدى الرأي العام الافريقي و تغيير مواقفه ازاء القضية الوطنية. نحن من خلال عملنا الدبلوماسي غير رسمي و علاقاتنا مع جمعيات افريقية، استطعنا أن نغير مواقف العديد من الفاعلين حول المغرب و قضاياه خصوصا في الدول التي لها مواقف معادية أو غير صريحة ازاء المغرب. الدبلوماسية الموازية في نظري لا يجب أن تغفل الدول الصديقة لأن التحولات الراهنة يمكنها التأثير على التوجهات و المواقف لهذه الدول بحكم المصالح، لكن يجب أن تركز على الدول التي لها مواقف غير ثابتة أو معادية للوحدة الترابيةّ. هذا يظهر جليا في الجهود المبدولة من قبل دبلوماسيتنا في اقناع العديد من الدول لسحب اعترافها بجبهة البوليساريو. اذن هناك جهود يجب تثمينها و مازالت هناك بعض الهفوات يجب تجاوزها خصوصا المتعلقة بتعبئة و تأطير الفاعلين غير الرسميين للدفاع عن القضية.
كنتم المغربية الوحيدة المشاركة في نموذج الأممالمتحدة لمدن البلقان كرئيسة للجنة الأمن الدولي ومحاربة التسلح . كيف تقيمين التجرية ؟ كانت من أهم التجارب في مجال الدبلوماسية غير الحكومية التي شاركت فيها و خصوصا أني كنت المغربية الوحيدة المشاركة كضيفة شرف في افتتاح الملتقى و كذلك كرئيسة للجنة الأمن الدولي و محاربة التسلح لنموذج الأممالمتحدة. تمكنت من خلالها التعرف عن قرب على دول البلقان المتواجدة في الجزء الجنوبي الشرقي للقارة الأوروبية، شرق شبه الجزيرة الإيطالية، وشمال غرب الأناضول و التي كانت قبل الحرب العالمية الأولى تخضع لحكم الدولة العثمانية. وقد كان لدي في اللجنة مشاركين يمثلون كل هذه الدول و تباحثنا في اللجنة قضيتين رئيسيتين و هما التسلح الدولي و الجماعات الارهابية و الثاني عن الجريمة الالكترونية. و قد اشتغلنا على مواقف مجموعة من الدول حول تلك القضايا. و من خلال اللجنة اشتغلنا على كيفية صناعة القرارات الأممية المتعلقة بتلك المواضيع و مدى تفعيلها من طرف الدول الأعضاء. الشطر الثاني من البرنامج كان التعرف على الرهانات التي تواجهها هذه المنطقة من صراعات عرقية و اشكالية اللاجئين اللذين يعبرون الى أوروبا عبر هذه الدول، هذا بالإضافة الى مشكل الجماعات المتطرفة التي أصبحت تقوم بأعمال ارهابية باسم الإسلام و كل الاشكاليات التي تتعلق بصعود اليمين المتطرف بأوروبا و الذي يؤثر على تعايش مسلمي البلقان مع العلم أن العديد منها التحقت الآن بالاتحاد الأوروبي. و يجدر الاشارة الى أن مسلمو ألبانيا وكوسوفو يشكلون أغلبية مطلقة في بلديهما غالبيتهم من السنة، في حين تبلغ نسبة مسلمي الدول الأخرى أغلبية نسبية أو أقلية.
ما أهمية دور الشباب في الدبلوماسية الشعبية و الموازية و هل يمكننا الحديث عن تأثير للجمعيات المغربية في القرار الدولي ؟ في ما يخص دور الشباب، فلهذا الأخير دور مهم في صناعة القرار الدولي و في التنمية الدولية و غيرها من القضايا المهمة التي شكلت موضوع سياسات الشباب عبر العالم. و خير دليل على ذلك هو قرار مجلس الأمن الدولي 2250 حول "الشباب والسلم والأمن"، الذي تم اصداره في شتنبر 2015 والذي يعد الأول من نوعه في إشراك الشباب في تعزيز السلم والأمن و محاربة التطرف و الارهاب. هذا القرار يدعو إلى إعطاء الشباب فرصة للمشاركة في عمليات بناء السلام وبالتحديد قضايا مفاوضات السلام الرسمية، فقد دعت الأممالمتحدة الدول الأعضاء الى اشراك الشباب وإعطائه فرصة للجلوس على طاولة المفاوضات كممثل، وخاصة أن معظم المناطق التي تمر بنزاعات اليوم جلها من الشباب. هو اعتراف بضرورة أن يعطى الشباب مقعدا على طاولة المفاوضات وأن يتم تمثيله. اذن هناك توجه أممي لإشراك الشباب في صناعة القرار الدولي. والمغرب يزخر بطاقات شابة واعدة لها المام بالعمل الدبلوماسي الموازي يجب الاستثمار فيها كشريك استراتيجي في الدفاع عن القضايا المصيرية. يجب أيضا العمل على برامج تكوين عملية في مجال الدبلوماسية الموازية و الشعبية و تشجيع منظمات المجتمع المدني للحصول على هيئة استشارية لدى الأممالمتحدة و غيرها من المنظمات و دعم مشاركة الفاعلين غير الحكوميين في المحافل الدولية. يجب أيضا العمل على برامج ذات أبعاد استراتيجية و ليست موسمية تشتغل بطريقة مستمرة مع فعاليات غير رسمية بدول أخرى خصوصا الدول التي تساند الأطروحات الانفصالية. و بهذا سنتمكن من التأثير على مواقف تلك الدول عبر مجتمعاتها المدنية و التي تؤثر بدورها على صناع القرار بتلك الدول. يجب أن تكون لدينا دبلوماسية استباقية و أن نقطع نهائيا مع سياسة الكرسي الفارغ، حتى و ان لم تكن للمغرب علاقة دبلوماسية مع بعض الدول، يجب أن تستمر العلاقة بين الفاعلين غير الرسميين لأن الكرسي الفارغ يشكل أرضا خصبة للخصوم لترويج أطروحاتهم ضد المغرب. يصعب الحديث عن الثأثير الفعلي للجمعيات المغربية في القرار الدولي، خصوصا المتعلقة بالمفاوضات أو بعض القضايا الكونية التي تطلب الأممالمتحدة رأي المجتمع المدني فيها. يجب أن نعترف أن نسبة الجمعيات التي لها صفة استشارية لدى الأممالمتحدة جد ضعيفة مقارنة مع هيئات مدنية لدول أخرى. و غالبا فالجمعيات الحقوقية و المهتمة بقضايا المرأة هي التي تشارك بتقارير موازية. كما أن الحصول على هيئة استشارية ينضبط الى مساطير معقدة و يلزم الجمعيات بالمشاركة و اعداد تقارير دورية بشكل مستمر، و في حالة لم تحترم هذه المساطير تعلق أو تسحب العضويةّ. هناك فرصة اخرى لمشاركة و ترافع الجمعيات المدنية مع هيئات دولية أخرى كبعض هيئات الاتحاد الأوروبي. و يمكن التنسيق في هذا الاطار مع جمعيات مغاربة العالم للانخراط في هذه الهيئات و الترافع بشكل مستمر مع البرلمان الأوروبي. هذا الأخير يستقبل بشكل مستمر وفود هيئات مدنية لها مواقف مختلفة عن المغرب. هناك أيضا حلف الشمال الأطلسي الناطو الذي انفتح في استراتيجيته الأخيرة على المجتمع المدني للمساهمة باقتراحات حول الأمن و حفظ السلام و لديه هيئات تظم الجمعيات و أيضا الشباب يمكن للمغرب أن ينخرط فيها باقتراح جمعيات بصفته حليف غير عضو بالناتو و شريك بالحوار المتوسطي. اذن يجب تقييم هذه التجارب وإعادة النظر في طريقة الاشتغال، اذ لا يمكن أن ننتظر دائما أن تحصل الأشياء بدون أن تكون لدينا سياسة استباقية و استراتيجيات تدبير الأزمة . من خصوصيات جمعيتكم أنها تعمل على تكوين شباب، طلبة في الغالب، في مجال الديبلوماسية من خلال ‘‘ نموذج الأممالمتحدة‘‘ هل لكم أن تقربوننا من هذا التكوين ؟ أقمنا العديد من التكوينات لفائدة الطلبة في مجال الدبلوماسية من خلال نماذج الأممالمتحدة و تطرقنا لمواضيع مختلفة منها قضية الصحراء المغربية، قضايا الإرهاب، قضايا التنمية و البيئة، القضايا المتعلقة بالصحة كالايبولا و الأمن الغدائي، قضايا الهجرة و اللاجئين، الصراعات الاقليمية و غيرها. مثل هذه التداريب تقرب الشباب و الطلبة الى الممارسة الدبلوماسية و تعطيهم فكرة عامة عن كيف يتحرك المجتمع الدولي إزاء الموضوعات التي تثير قلقه. والنموذج يعطي فرصة للطلبة للنظر عن قرب إلى احتياجات الدول التي يمثلونها في الحدث، وأهدافها، وسياستها الخارجية. إن الرؤى التي يجنونها من خلال استكشافهم للتاريخ والجغرافيا والثقافة والاقتصاد والعلوم تسهم في صحة المحاكاة عندما تبدأ عملية لعب الأدوار. وهذه التجربة التفاعلية لا تقتصر فقط على طلبة العلاقات الدولية، وإنما تشمل طلبة يدرسون العديد من المجالات. ومثل هذه التكوينات من شأنها أن تعزز قدرات الشباب التواصلية ، ودعم مهاراتهم في ما يتعلق بالبحث العلمي وتقصي الحقائق، ووسائل الإقناع والحوار والتناظر، بالإضافة إلى مهارات التفاوض والترافع والدفاع عن قضايا بلد معين داخل المنتظم الدولي بهدف التأثير على القرارات الأممية. يتعلم الطالب أيضا الحديث بلغة دبلوماسية خاصة بالأممالمتحدة، كما يتعلم أيضا جل قواعد النقاش باللجان الأممية. هذا من شأنه أيضا، إذا شمل منظمات المجتمع المدني، أن يعزز حضورها كهيئة استشارية لدى المجلس الاقتصادي والاجتماعي للأمم المتحدة. زرتي تركيا أكثر من 20 مرة في مهمات رسمية وخاصة، ما هو تقييمك للأوضاع الحالية بعد محاولة الانقلاب الفاشل بتركيا ؟ لقد زرت تركيا في عدد من المناسبات منها سياحية و أخرى دبلوماسية أو جمعوية، و لي احتكاك مع الشعب التركي و مع جمعيات تركية نتعامل معها في برامج شباب مع مركزنا. يمكنني القول أن الأوضاع أكثر تعقيدا مما نتصوره و أن العديد من التحليلات السياسية والاستراتيجية حول القضية التركية اتسمت باللاموضوعية في كيفية التعاطي مع محاولة الانقلاب الفاشلة و التي عرفت تسرعا في تحديد المواقف وعدم معرفة المحللين بالمعطيات الدقيقة عن الحدث. و بغض النظر عن العديد من نظريات المؤامرة التي تفيد أن الرئيس التركي أردوغان هو من افتعل الانقلاب لمزيد من التحكم و أسلمة الدولة التي لم تعد علمانية أتاتورك سمتها الوطنية في عهد حكم أردوغان، غفل العديد من المحللين، اللذين ركزوا بالأساس على أردوغان، عن دور الشعب التركي في مواجهة الانقلاب و الأسباب النفسية و السياسية التي جعلت الشعب مع اختلافه السياسي و الاديولوجي مع رئيسه يخرج للشارع لصد الانقلاب. ذلك الشعب الذي خرج للتظاهر ضد أردوغان في 2014 في أحداث جيزي بارك، هو اليوم بناءا على وعيه السياسي المتقدم يرفض ثقافة الانقلاب و يساند الشرعية حفاظا على أمن و استقرار تركيا. لكن أمر الاعتقالات الاعتباطية في اطار الاعلان على حالة الطوارئ و الغير مبنية على حقوق الانسان جد مقلقة. اذ لا يجب أن يكون الدفاع عن الشرعية سببا للانقلاب على الديمواقراطية.
قمت في الأسابيع الماضية بزيارة لفلسطين في أي اطار تأتي هذه الزيارة و ما هي أهم الذكريات التي تحتفظين بها من هذه الرحلة ؟ أتت هذه الزيارة في اطار برنامج التبادل الثقافي للمركز الدولي للدبلوماسية YouLead Exchangeالذي يرتكز بالأساس على تشجيع التبادل بين الشباب المغربي و نظرائه بالعالم و قد تم التنسيق في هذا الاطار مع السفارة الفلسطينية بالرباط و وزارة الخارجية و التعاون المغربية اللذين دعموا فكرة زيارة لوفد شبابي مغربي الى فلسطين الشقيقة و تمت مساعدتنا في جل مراحل هذه الزيارة بالتنسيق مع مكتب رئاسة السلطة الفلسطينيةبرام الله، السفارة الفلسطينية بالأردن و السفارة المغربية بفلسطين من أجل تصاريح الدخول الى فلسطين و تنظيم لقاءات رسمية مع شخصيات مدنية و سياسية و دبلوماسية. التقينا أنا و زميلي سعيد أقداد نائب رئيس المركز، بالعديد من الشخصيات بمكتب رئاسة السلطة الفلسطينية و وزارة الخارجية و محافظاترام الله و نابلس و القدس و بيت لحم، هذا بالإضافة الى قيادات سياسية و مدنية و أكاديمية عبرت جلها على ضرورة مواصلة التعاون بين الشعبين الفلسطيني و المغربي لنصرة القضية الفلسطينية. من أهم الذكريات التي أحتفظ بها بالإضافة الى كل الفعاليات التي التقيناها في رام الله و نابلس و تشمل مستشار الرئيس محمود عباس في الشؤون الاستراتيجية حسام زملط و وكيل وزارة الخارجية الفلسطينية السفير تيسير جرادات و محافظ رام الله والبيرة د.ليلى غنام و عضو اللجنة المركزية لحركة فتح، المفوض العام للعلاقات العربية والصين الشعبية، الدكتور عباس زكي و غيرها من الشخصيات السياسية، هي زيارة بيت لحم، مهد الحضارة و التنوع و التعايش الديني بين المسيحيين و المسلمين و زيارة مدينة القدس في جولة حول المقدسات الإسلامية و التي التقينا من خلالها بوزير شؤون القدس السيد عدنان الحسيني و مدير المسجد الاقصى المبارك الشيخ عمر الكسواني. كما تم استقبالنا بحرارة من طرف السيد سفير المملكة المغربية بفلسطين السيد محمد الحمزاوي الذي أطلعنا على الأوضاع بفلسطين و عن العلاقات المغربية الفلسطينية، اضافة الى المجهودات التي يقوم بها المغرب بالقدس الشريف لدعم القضية الفلسطينية في اطار رئاسته للجنة مال القدس. من أهم الذكريات أيضا هي تجربة المعبر فالاجراءات الأمنية مشددة كثيرا من طرف الجنود الاسرائيلية. فكل مترين تقريبا تفتيش أو مراجعة بيانات الجواز، عملية مرهقة نفسيا، فبين الجسرين – الاردن و أريحا – مررنا بعشر نقاط تفتيش تقريبا. هذا يجعلك تعزف عن الدخول أصلا. و يمكنني أن أضع نفسي مكان المواطنين الفلسطينيين الذين يعبرون يوميا هذا المعبر ناهيك عن ضريبة الخروج التي تفرض عليهم. كل هذا يقيد حركية المواطنين. اضافة الى ذلك في كل مدينة هناك معبر أو نقطة تفتيش و جدار حاجز طوله أكتر من 800 كلم يعرقل تنقل وزيارات الفلسطينيين لأهاليهم. و قد استنتجنا من خلال هذه الزيارة أن هناك محاولات لإفراغ القضية الفلسطينية من محتواها و شرعية مقاومتها و ابعادها عن أولويات الأجندة السياسية الدولية في اطار سياق دولي و اقليمي متشنج بما يقع من صراعات و هجمات ارهابية... لكن لا يجب أن ننسى مسؤوليتنا اتجاه الدفاع عن القضية. أيضا حسب محادثاتنا مع المسئولين بفلسطين، هم واعون بأن الخلاف القائم بين فتح و حماس يضعف كل الجهود الرامية الى الدفاع عن القضية في المحافل الدولية. و هذا الصراع يستغل من أطراف خارجية في محاولة لتجميد المفاوضات و أية محاولة لتسوية الأوضاع لصالح القضية. ماهي مشاريعكم المستقبلية ؟ في اطار المركز، نعمل على تطوير استراتيجية عمل للمركز في الثلاث سنوات المقبلة. كما نشتغل على مشاريع لتفعيل مذكرات تفاهم مع مركز للتخطيط الاستراتيجي و جامعتين بفلسطين، هذا بالاضافة الى أفاق تعاون مع مركز ديبلوماسي و بعض الجمعيات الافريقية التي تشتغل في نفس المجال، و تطوير مشروعنا التكويني في مجال الدبلوماسية الشعبية و غيرها من برامج التبادل الثقافي مع دول أخرى. أما في ما يخص الشبكة الافريقية لخبراء سياسات الشباب التي ساهمت في تأسيسها بالمؤتمر الأول للأمم المتحدة لسياسات الشباب المنعقد سنة 2014 بأزربيجان، أشتغل على مشروع دراسة بحثية حول سياسات الشباب بالقارة الافريقية هذا بالإضافة الى تنسيق انشاء لجان تمثل الشبكة بشمال افريقيا بهدف المساهمة في برامج الشبكة و الترافع حول التنزيل الفعلي لسياسات الشبابية بالدول الافريقية.