من غرائب هذه الحكومة، و عجائبها التي لا تنتهي، هي أن يقوم وزير "قلة صحتها"، في مبادرة اعتبرت حملة انتخابية و "ماركوتينغ سياسي"، بنقل مريضة بسرطان الرحم، من مستشفى عمومي، الى مصحة خاصة، لكي تتلقى علاجا أفضل!!. المريضة شافاها الله، ليست هي المسؤولة منذ خمس سنوات على تردي الخدمة العمومية في مستشفيات المغرب، فلا لوم عليها اذن، بل كل الدعاء بالشفاء. الوزير الوردي هو المسؤول عن وضع كارثي لمستشفيات لا يجد المواطن المغربي فيها علاجا، بل لا يجد فيها موعدا قبل أن ينخره المرض و تصبح حالته ميؤوسا منها، الوزير الوردي يقر بأنه بعد خمس سنوات من "عمله"، لا يوجد مستشفى عمومي في كل المغرب يستطيع التكفل بمريضة أصابها السرطان، و قبله الحاجة و العوز و الفقر و قلة الحيلة. "الحيلة" اذن، و الزمن الرديئ، زمن انتخابات، أن يتكفل وزير الصحة بنقلها الى مصحة خاصة، كاعتراف بفشله الذريع في اصلاح المستشفيات العمومية المغربية، و النكتة، أن يتم تقديم الأمر ك"منجز" للوزير، في الوقت الذي كان مطلوبا منه أن "ينجز" لنا مستشفى عمومي يستقبل فقراء هذا الوطن دون تدخل منه و "لا جميل"، دون استقدام الصحافيين لحضور "حفل" نقل مريضة من مستشفى عمومي المفروض فيه أن يتوفر على جميع التجهيزات، و على جميع الأدوية، و ألا تكون قلة ذات اليد مبررا للاهمال فيه و عدم الاكتراث. يقول لنا الوزير أنه و منذ خمس سنوات، أصبحت المستشفيات العمومية مؤسسات تليق بالبشر و باستقبالهم و علاجهم، و بأن اصلاحات مهمة و استثمارات أهم طالت القطاع.. لكن النتيجة على أرض الواقع، هو أن الوزير يكذب "انجازاته" ب"تهريبه" لفتاة الى مصحة من مصحات القطاع الخاص، كمن ينقذها من خطر محذق، و نار تحرق، و هذا "الخطر"، ليس في الحقيقة سوى مستشفى عمومي، هو مجرد مثال لمستشفيات عمومية كثيرة في ربوع الوطن لم يختلف حالها كثيرا منذ مجيئه على رأس وزارة الصحة. "تهريب" الوزير الوردي للفتاة المصابة بداء السرطان الى القطاع الخاص، هو ادانة صريحة لسياسته الصحية طيلة هذه الولاية الحكومية، و اعتراف بفشل، و اهانة لكل المستشفيات العمومية التي تشتغل في ميدان علاج السرطان بمساهمة جمعية لالة سلمى. ليس مطلوبا من جمعية كجمعية لالة سلمى للوقاية و علاج السرطان أن تعوض مهام وزارة الصحة، و مع ذلك ما تقوم به يشكر، لكن الوزير لا يعترف أصلا بوجود شركاء للقطاع العمومي في علاج السرطان يمكن أن يتوجه لهم، فما نعرفه هو أنه بفضل جمعية لالة سلمى للوقاية و علاج السرطان، تم إحداث مراكز جهوية متخصصة لعلاج السرطان تعد الأولى من نوعها بإفريقيا، فلماذا اختار وزير الصحة القطاع الخاص، و ماهي الرسالة التي يريد ايصالها؟ و هل سيتولى أمر "تهريب" جميع المرضى الفقراء الذين ينتظرون "موعدا" في مستشفياته العمومية لمصحات القطاع الخاص فيما تبقى من هذه الولاية الحكومية، ك"حل جذري"، لمشكل الصحة العمومية في هذه البلاد؟ الأكيد أنه لو طبق هذا الاختيار الأخير (كحملة انتخابية)، ورجع له أمر تدمير، أقصد تدبير المستشفيات العمومية لخمس سنوات أخرى، فاننا سنكون أمام كارثة صحية و جريمة أخلاقية حقيقية بكل المقاييس.