حصة تدريبية خفيفة تزيل عياء "الأسود"    الرايحي يقنع موكوينا قبل مواجهة الرجاء في "الديربي"    حجز 155 ألف قرص مهلوس بميناء طنجة    أسباب اندلاع أحداث شغب في القليعة    الشركة الجهوية متعددة الخدمات الشرق للتوزيع تعلن انقطاع الكهرباء عن أحياء بمدينة الدريوش    انعقاد الاجتماع الإقليمي للمدن المبدعة لليونيسكو بتطوان من 19 إلى 22 نونبر الجاري    المغرب يعزز جهوده لإغاثة فالينسيا عبر إرسال دفعة جديدة من الشاحنات ومعدات الشفط    حريق ياتي على العديد من المحلات التجارية في سوق الجوطية بالناظور    تراجع طفيف في ثمن البنزين في محطات الوقود    بوغطاط المغربي | تصريحات خطيرة لحميد المهداوي تضعه في صدام مباشر مع الشعب المغربي والملك والدين.. في إساءة وتطاول غير مسبوقين !!!    منظمات مغربية تدين تحيّز الإعلام الهولندي للاسرائيليين في أحداث أمستردام    عمر حجيرة: لا ترضيات في التعديل الحكومي    تعهدات في مؤتمر وزاري في جدة بمقاومة مضادات الميكروبات بحلول عام 2030 (فيديو)    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الأحد    من أصول مغربية.. وزيرة هولندية تهدد بالاستقالة بعد أحداث أمستردام    إقصائيات كأس أمم إفريقيا 2025.. المنتخب الوطني قدم عرضا جيدا وهناك مجال للتطور أكثر (وليد الركراكي)    المحامون يتوصلون إلى توافقات مع وزارة العدل    زوجة المعارض المصري عبد الباسط الإمام تناشد السلطات المغربية إطلاق سراحه وعدم تسليمه إلى نظام السيسي    جائزة المغرب للشباب تحتفي بالتميز    إنعقاد المؤتمر الدولي بالداخلة حول "المبادرة المغربية للحكم الذاتي:نموذج للحكامة الترابية بإفريقيا الأطلسية".    رؤية الرئيس الصيني.. التعاون الدولي لتحقيق مستقبل مشترك    دعوة في طنجة لتبني إعلام جهوي يواكب التحولات المجتمعية والتكنولوجية    السكوري يكشف تشكيل لجنة حكومية تدرس منح دعم للكسابة في العالم القروي لمواجهة فقدان الشغل    نقابي يكشف أسعار الغازوال والبنزين المٌفترضة بالمغرب خلال النصف الثاني من شهر نونبر    أكبر منتج لزيت الزيتون يتوقع انخفاض الأسعار إلى النصف مع تحسن الإنتاج        المرتجي: التراث اللامادي بين المغرب وهولندا أفق جديد للتعاون الثقافي    ‪أمن دبي يقبض على محتال برازيلي    الفلبين تأمر بإجلاء 250 ألف شخص    حشرات في غيبوبة .. "فطر شرير" يسيطر على الذباب    وزارة الداخلية تكشف عن إجراءات حاسمة لإنهاء الفوضى بقطاع "التاكسيات"    أنفوغرافيك | أرقام مخيفة.. 69% من المغاربة يفكرون في تغيير وظائفهم    منع جمع وتسويق "المحارة الصغيرة" بالناظور بسبب سموم بحرية    صانع المحتوى "بول جايك" يهزم أسطورة الملاكمة "مايك تايسون" في نزال أسطوري    اتهام فنزويلا بارتكاب "أفعال دنيئة" أمام البرازيل    ارتطام وأغدية متطايرة.. حالة من الرعب عاشها ركاب طائرة    فريق الجيش الملكي يبلغ المربع الذهبي لعصبة الأبطال الإفريقية للسيدات    السوق البريطاني يعزز الموسم السياحي لاكادير في عام 2024    "طاشرون" أوصى به قائد يفر بأموال المتضررين من زلزال الحوز    كيوسك السبت | 800 مليار سنتيم سنويا خسائر الكوارث الطبيعية بالمغرب        دراسة تكشف العلاقة بين الحر وأمراض القلب    الأمم المتحدة.. تعيين عمر هلال رئيسا مشاركا لمنتدى المجلس الاقتصادي والاجتماعي حول العلوم والتكنولوجيا والابتكار    مغاربة يتضامنون مع فلسطين ويطالبون ترامب بوقف الغطرسة الإسرائيلية    "باحة الاستراحة".. برنامج كوميدي يجمع بين الضحك والتوعية    حملات تستهدف ظواهر سلبية بسطات    "طاقة المغرب" تحقق نتيجة صافية لحصة المجموعة ب 756 مليون درهم متم شتنبر    مقابلة مثالية للنجم ابراهيم دياز …    في تنظيم العلاقة بين الأغنياء والفقراء    خناتة بنونة.. ليست مجرد صورة على ملصق !    المهرجان الدولي للفيلم بمراكش يكشف عن قائمة الأسماء المشاركة في برنامج 'حوارات'    "السودان يا غالي" يفتتح مهرجان الدوحة    وكالة الأدوية الأوروبية توافق على علاج ضد ألزهايمر بعد أشهر من منعه    مدينة بنسليمان تحتضن الدورة 12 للمهرجان الوطني الوتار    ارتفاع كبير في الإصابات بالحصبة حول العالم في 2023    غياب علماء الدين عن النقاش العمومي.. سكنفل: علماء الأمة ليسوا مثيرين للفتنة ولا ساكتين عن الحق    سطات تفقد العلامة أحمد كثير أحد مراجعها في العلوم القانونية    كيفية صلاة الشفع والوتر .. حكمها وفضلها وعدد ركعاتها    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



رمضان: تحريض على التفكير العلني

متابعةً لموضوع الأسبوع المنصرم، لنطرح مجددا سؤال الحق في الإفطار العلني في رمضان. بكل الهدوء الممكن، دعونا نناقش الموضوع بزرانة وعقل، وبقليل من الحكمة.
أولا، القرآن لم يحدد أي عقاب دنيوي لغير الصائم، يجري عليه من طرف المجتمع أو السلطة. ليس هناك في القرآن ولا حتى في السنة ما يفيد معاقبة المفطر بالسجن أو بغيره. القرآن يتحدث عن كفارةٍ (الصوم أو إطعام المساكين أو فك رقبة وقت كان ذلك متاحا) يقررها المسلم مع نفسه في علاقته بربه. ومن لا يرغب في أداء الكفارة نفسها، فهو مسؤول عن ذلك أمام خالقه. لماذا إذن نقرر أن نأخذ مكان الله ونعاقب غير الصامين؟ أليس كل عمل ابن آدم له، إلا الصوم فهو لله وهو يجزي به؟
ثانيا، كيف يعقل أن الملايين لا ينزعجون ممن لا يطبق الركن الثاني في الإسلام (الصلاة) وقد يكونون ضمنهم، لكنهم ينتفضون ضد من لا يؤدي الركن الرابع؟ لماذا لا ينزعج أحد حين يخبره زميله أو قريبه أو صديقه بأنه لا يصلي؟ في أحسن الأحوال سيرد المصلي: "الله يهديك" وسيدعوه للشروع في أداء الصلاة. لماذا، حين ينطلق الآذان، لا ينرعج المصلون من آلاف الناس في مكاتبهم أو في الشارع أو على المقاهي؟ لا يعقل أن يكون لكل هؤلاء عذر شرعي. لماذا مثلا لا ننزعج بنفس الحدة ممن لا يؤدي الزكاة؟ أليس حريا بكل هذا أن يدعونا للسؤال والتساؤل حول الأسباب الحقيقية لانزعاجنا من مفطري رمضان؟ هل هو فعلا انزعاج مرتبط بالمشاعر الدينية وبضرورة احترام أركان الإسلام، أم أنه بالأساس تعبير عن رفض حق الآخر في أن يكون مختلفا خارجا عن الإجماع، في طقس ديني دون غيره؟
ثالثا، كل هؤلاء الذين يتحدثون عن احترام مشاعر الصائمين بعدم الأكل، لنسألهم بهدوء: لماذا يستفزنا المغربي الذي نفترض ضمنيا أنه مسلم حين يأكل علنا خلال رمضان، ولا يستفز مشاعرنا الأجنبي؟ لأننا نعرف أنه ليس مسلما؟ المسألة لا تتعلق إذن بمشاعر الصائم، مادامت انتقائية؟ هناك أيضا العديد من الأشخاص الذين يصومون خارج رمضان، من أجل الثواب والأجر أو لسداد دين إفطار خلال رمضان. لماذا لا ينزعج هؤلاء من مشاهد المفطرين يشربون ويتناولون وجباتهم خارج رمضان؟ ألا تهتز مشاعرهم وهم صائمون، إلا حين يصومون في رمضان؟ لعل الأمر بالتالي مجتمعي أكثر منه ديني: حين أعرف أنك مغربي، وبالتالي مسلم سني أشعري، لا أقبل عدم صيامك في رمضان. الأجنبي لا يستفز مشاعري حين يأكل لأني أعرف أنه لا يخالف دينا مشتركا بيننا. لكني أعرف أنك مغربي وبالتالي لا أقبل خروجك عن ممارسة مجتمعية عامة. كذلك خارج رمضان، أنا أعرف أنك لست مجبرا على الصيام، لذلك لا تهتز مشاعري وأنت تمارس حياتك العادية بحضوري. في مثال ثالث، فأنا حين أكون مسلما في بلد ذي أغلبية مسلمة، تهتز مشاعري كصائم أمام مفطر من جنسيتي؛ لكني حين أكون مسلما في بلد مسلموها أقلية، لا أنزعج ممن يأكلون بحضوري (اللهم حين أعرف أنهم مسلمون، وهنا أنزعج). أليست كل هذه الأمثلة بدورها تدعونا للتفكير بعمق في الأسباب الحقيقية لانزعاجنا؟
بالنسبة لسؤال الفضاء العام، فلا يعقل أن يستمر الكثيرون في اعتبار أن المفطر عليه أن يكتفي بحقه في تناول وجباته في بيته. على أي أساس يتم احتكار الفضاء العام من طرف الصائمين فقط؟ لماذا لا يكون للمفطر أيضا حق استعمال فضائه العام بحرية، ما دام لا يجبر الآخرين على عدم الصيام؟ أليس الفضاء العام يقتسم على أسس المواطنة لا غير؟
من ناحية أخرى وأخيرة، لماذا لا ننزعج كثيرا ضد "المترمضنين"؟ مظاهر العنف الشديد التي نعيشها في شوارعنا خلال رمضان تحت اسم "الترمضينة"، قد نتأفف منها، لكننا بالتأكيد ننزعج ونشتكي منها بقدر أقل بكثير من انزعاجنا من مفطري رمضان.
باختصار… هي ليست دعوة للإفطار العلني ولا تحريضا عليه. هي دعوة للتساؤل والتفكير بعمق وهدوء في علاقتنا بهذا الموضوع بالتحديد: في القرآن آية تقول: "لا تزر وازرة وزر أخرى" (سورة الزمر، 7). مفطر رمضان له علاقة بربه يحاسبه عليها. ليس للقانون الجنائي ومنفذيه ولا للمواطنين أن يأخدوا هنا مكان الله. حين تكون ممارساتنا الدينية "على سبة"، يستفزها مفطر، فالمشكلة في قناعاتنا وليس في المفطر. حين يستفزنا المفطر ولا يستفزنا "المرمضن"، فلدينا علاقة غير سوية بالمواطنة والحياة المشتركة. وختاما، أتذكر عبارة رائعة قرأتها سابقا: "نحن مجتمع يبحث عن المفطر في رمضان ليعاقبه ولا يبحث عن الجائع طوال السنه ليطعمه".
سناء العاجي


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.