دخل المركب الجراحي بالمستشفى الجامعي محمد السادس بمراكش مرحلة سبات طويل، وتوقفت مختلف العمليات الجراحية منذ الخميس المنصرم، دون أن تظهر في الأفق أي بارقة أمل تؤذن بقرب الفرج وبعودة الروح لقاعات الجراحة واستقبال وفود المرضى. الأساتذة الأطباء قرروا اعتماد منطق «وقوع البلاء، خير من انتظاره»، فعمدوا إلى حقن المركب الجراحي بحقنة شلل، بغية تنبيه الغافلين من أهل الحل والعقد ودفعهم لإيجاد حلول مقبولة ومعقولة لكتلة المشاكل التي ما انفكوا يتخبطون فيها، وتؤثر سلبا على عطاءاتهم ومردوديتهم، وبالتالي دق ناقوس الخطر. تفاقمت المشاكل وتكاثرت بشكل أصبح يؤثر سلبا على الممارسة المهنية بالنسبة للأطر الطبية العاملة بالمستشفى، ما جعل الأساتذة الأطباء المنضوين تحت لواء النقابة الوطنية للتعليم العالي (المكتب المحلي لكلية الطب والصيدلة بمراكش)، ينتظمون في جمع عام استثنائي زوال الثلاثاء المنصرم لتدارس «المشاكل التي يعاني منها مستشفى الرازي للاختصاصات خاصة المركب الجراحي». انصبت النقاشات على أهم الإكراهات والمشاكل من قبيل «توقف العمليات الجراحية عند الساعة الواحدة، تقليص عدد الغرف الجراحية المخصصة لجراحة القلب والشرايين وجراحة الصدر، عدم تشغيل جميع الغرف الجراحية بدعوى عدم وجود العدد الكافي من أطباء التخدير وانعدام المستلزمات الجراحية الأساسية». وأجمعت التدخلات على أن الأسرة الطبية بالمستشفى قد طفح بها الكيل ولم يعد في القلوب متسع للتحمل والاحتمال خصوصا في ظل إصرار الجهات المسؤولة على مواجهة كل هذه المشاكل بسياسة «أذن كيال» وإعمال مبدأ «كم حاجة قضيناها بتركها»، ما أدى حسب المجتمعين، إلى عدم انعقاد أي اجتماع للجنة الطبية الاستشارية منذ افتتاح مستشفى الرازي، وكذا عدم افتتاح مركز التشخيص بالرغم من اكتمال أشغال بنائه وتجهيزه. بعد تسجيل كل هذه الاختلالات وعدم وجود رغبة أو إرادة لدى القيمين على تسيير وتدبير شؤون المستشفى لتحسين الوضع، وإخراج المركب الجراحي من عنق زجاجة المشاكل وتردي الأوضاع، جاء القرار بتعليق جميع العمليات الجراحية باستثناء الحالات المستعجلة ابتداء من الخميس المنصرم، لحين تحمل الإدارة لمسؤوليتها والعمل على إيجاد حلول لمجمل المشاكل المطروحة. قرار أدخل المركب الجراحي بالمركز الاستشفائي الجامعي دائرة الشلل، وجعل العديد من المرضى خارج تغطية العمليات الجراحية، علما بأن المركب يتوفر على 12 قاعة جراحة تحتضن كل منها يوميا عمليتين جراحيتين أي بمعدل 24 عملية في مختلف الأمراض كجراحة الجهاز الهضمي، المسالك البولية، القلب والشرايين، جراحة الدماغ والعيون والأنف والحنجرة، إلى جانب الجراحة التجميلية الحروق وجراحة الصدر والعظام. خطوة تعليق العمليات الجراحية اعتبرها الأساتذة الأطباء بأنها بمثابة «آخر دواء»، على أساس أن «المضطر يركب الصعاب»، بعد أن ظلوا منذ افتتاح المستشفى يرفعون الصوت عاليا للتنبيه لخطورة الوضع واستحالة العمل داخل هذه الأجواء المترعة بروائح «المشاكل والإكراهات» دون أن تجد دعواتهم آذانا صاغية، وبالتالي اضطرارهم لاتخاذ هذا الموقف الصعب قصد إسقاط القناع عن الوجه الحقيقي لظروف العمل والاشتغال داخل المستشفى، وإسقاط ورقة التوت عن عورة المركب الجراحي لوضع الجميع في صورة ما يجري ويدور برحابه هذا المرفق الصحي وإظهاره الحقيقة عارية بعيدا عن المساحيق التجميلية التي جعلت المستشفى يعيش وضعية «المزوق من برا، آش اخبارك من الداخل». وكشفت الأسرة الصحية عن وضعية الهشاشة التي يعانيها المركب الجراحي بالمستشفى، إن على مستوى ندرة أطباء التخدير الذين يبقون العمود الفقري في جميع العمليات الجراحية، وغياب الإرادة في تجاوز الخصاص، حيث تم إجراء مباراة لانتقاء أربعة أطباء من القطاع العمومي وشرع في إعداد العدة وتهييء الملفات لإلحاقهم بالمستشفى الجامعي قبل أن يفاجأ الجميع بتعنت وزارة الصحة العمومية ورفضها غير المبرر السماح لهم بالالتحاق بمستشفى الرازي، ما خلف الانطباع لدى الجميع بوجود نيات مسبقة لإبقاء الوضع على ما هو عليه. وحتى تمتد مساحة اللامبالاة فقد أكد الأساتذة الأطباء، على أن الخصاص في أطباء التخدير بالمركب الجراحي لمستشفى الرازي قد امتد ليشمل الأطر الشبه الطبية، بالرغم من توفر المركز الاستشفائي الجامعي على أعداد كبيرة، غير أن إلحاقهم بمصالح أخرى جعل المركب الجراحي يئن تحت وطأة الخصاص لتكون النتيجة «غزارة في الوفرة، وسوء في التوزيع»، الأمر الذي يؤشر على أن كل المشاكل المطروحة تدخل في عداد المفتعل. إسماعيل احريملة