غزة (الاراضي الفلسطينية) (أ ف ب) – يبدي الطفل محمد الشيخ موهبة استثنائية في الليونة الجسدية واداء حركات رياضية تجذب الانظار في قطاع غزة المحاصر، وتؤهله للشهرة العالمية ولدخول موسوعة غينيس للارقام القياسية. بدأ هذا الطفل ذو الاثني عشر عاما مشواره في رياضة الحركات البهلوانية قبل عامين حين اكتشف قدرته مدربه محمد لبد (26 عاما)، وهو بطوله البالغ 137 سنتيمترا ووزنه البالغ 29 كيلوغراما فقط، قادر على طي جسمه بطرق عجيبة جعلته يستحق لقب "العنكبوت الخارق".
ومن بين هذه الحركات، لف جسمه حول نفسه اكثر من ثلاثين مرة خلال دقيقة واحدة مع ابقاء صدره ثابتا على الارض. ويقول المدرب محمد لبد "اخيرا نجح محمد بتحقيق الرقم القياسي لاربع حركات لم يسجلها احد قبله.. وقد ارسلنا مقاطع مصورة له وفق مواصفات دولية، ورد المسؤولون في غينيس بالايجاب، وبدأ اجراءات التسجيل الرسمي". – تشجيع من الام – كاد قلب حنان (48 عاما) يتوقف عندما قفز ابنها محمد في الهواء لاكثر من مترين قبل ان يهبط الى الارض مطويا كالعنكبوت، وهو يضحك بصوت مرتفع. وتفخر السيدة بابنها الذي تراه "بطلا عالميا"، وتأمل ان "يتمكن من اثبات موهبته النادرة جدا وقدرته الخارقة في منافسات عالمية". يواظب محمد على التمارين، سواء التي يقوم بها مع مدربه، او تلك التي يواصلها في البيت لوحده. ووسط صالة المنزل، يقفز الفتى من على أريكة ويطوي جسمه واضعا قدميه حول رأسه، ويمسك باصابع رجليه جهاز "آي باد" بعد شرب كأس ماء موضوع على الطاولة. يتوقع المدرب ان "يتوج محمد بطلا للعالم" في اي منافسة يشارك فيها. ويقول الفتى الذي تنحدر عائلته من مدينة يافا "انا سعيد جدا لنجاحي بتسجيل ارقام في غينيس". لكن الحصار المفروض على قطاع غزة منذ سنوات يصعب الامور وخصوصا السفر. ويضيف محمد الشيخ "كثير من العرب والاجانب يشجعونني بوضع لايك (اعجاب) على صوري على فيسبوك،انا حزين لانني لا استطيع اللقاء بهم والتواصل مع العالم" بسبب اغلاق المعابر. وتفرض اسرائيل حصارا مشددا على قطاع غزة منذ عشر سنوات، ولكنها تفتح معبر بيت حانون (ايريز) امام الحالات الانسانية، وتغلق مصر معبر رفح الحدودي بشكل شبه دائم منذ ثلاث سنوات. ويهتف محمد الشيخ الذي كان يرتدي بدلة رياضة مزركشة "اريد ان ارفع اسم بلدي في السماء، ساكون بطل العالم". يشكو المدرب محمد لبد من نقص الادوات اللازمة لهذه الرياضة في غزة والضرورية لجعل تلميذه يتقدم في مجال الحركات البهلوانية. ويقول "نشاهد حركات رياضية تؤديها بطلة تركيا او بطل روسيا عبر قناة يوتيوب ويقلدها محمد بنجاح، بل يؤدي حركات جديدة فريدة من نوعها". انشأ محمد لبد ناديا للرياضات النادرة ورياضة "باركور" هو الاول من نوعه في غزة، واشرف على تدريب مئة طفل وفتى، لكن النادي لم يصمد اكثر من عام بسبب نقص التمويل. ويقول المدرب "بقاء محمد في غزة من دون سفر للخارج يعني دفن موهبته التي لا مثيل لها بين اقرانه في العالم، عشاق هذه الرياضة سيتمتعون باداء محمد، انه يحتاج فرصة للسفر والاحتضان في ناد اوروبي". شارك محمد الشيخ في برنامج المواهب "ارابز غوت تالنت" الذي تبثه قناة "ام بي سي"، وحصل على 14 مليون صوت، لكن اسرته رفضت ابرام عقد حصري مع شركة متخصصة يستوجب ان يقيم ابنها عشر سنوات في الخارج ليحظى بمدربين محترفين وناد يؤهله تقديم عروض في مهرجانات ومنافسات عربية وعالمية. وتقول حنان "نريد ان يوقع عقدا لترى موهبته النور والعالمية، لكننا نخاف عليه، كيف يمكن ان يعيش محمد في الخارج وحده وهو طفل". ومع ان محمد لا يتوقف عن ممارسة رياضته في الشارع او المدرسة، الا ان تحصيله التعليمي لم يتأثر سلبا، ويحظى الطفل بشعبية كبيرة بين زملائه، ويقلده الكثير من اقرانه. يحب محمد التدريب على شاطئ البحر الذي يبعد مئات الامتار عن منزله في منطقة تل الهوى غرب مدينة غزة، ويقفز بطريقة مدهشة من فوق الحصان وهو يجري بسرعة، كما يؤدي حركات بهلوانية وهو يركب على ظهر الجمل وسط تصفيق من المارة الذين يتفرجون باعجاب. – ابداع في ظروف صعبة – اضافة الى الحصار المفروض على غزة، يعاني محمد الشيخ ورياضته، وغيرها من الرياضات والفنون، من "الايام السوداء" التي تمر على القطاع. ففي حرب صيف العام 2014 فشل في اجراء تدريباته قبل السفر الى لبنان للمشاركة في برنامج المواهب. ويقول "كان الخطر كبيرا بسبب القصف الاسرائيلي في الحرب، ولم استطع التدريب الا اوقات الهدنة للاستعداد لعروض البرنامج". وتوضح والدته ان اتصالات مكثفة اجريت مع مكتب الرئيس الفلسطيني محمود عباس ورئيس اللجنة الاولمبية "لاستصدار تصريح اسرائيلي لسفري انا ومحمد". وتقول "نأمل ان يتبنى الرئيس ابني محمد لتنمية موهبته وتمكينه السفر للعروض والمسابقات في الخارج". اما محمد، فهو يجد الحرية والسلام في رياضته، ويقول "اطير في الهواء بلا حواجز ولا معابر ولا اغلاق".