لايبدو أن حروب شبكات الكورتية ومن يحركها في محطة ولاد زيان الطرقية وشيكة على الانتهاء. في حلقة جديدة من مسلسل متواصل منذ سنوات بين المتنافسين، شرعيين وغي شرعيين، على زبناء السفر، حضر الضرب من جديد والأسلحة البيضاء والضرب والجرح ومحاولات الإجهاز على الحياة. صبيحة الاثنين احتضنت المشهد من جديد أمام المحطة الطرقية لولاد زيان، في منظر متجدد يكشف أن جشع المتنافسين داخل المحطة قد يتجاوز القانون إلى لغة العضلات، ويتغاضى عن مواثيق العمل ليشجع الإرهاب والاعتداء. في التاسعة صباحا أول أمس، حضرت عصابة مكونة من أربعة أشخاص إلى المحطة مدججة بالاسلحة البيضاء والهراوات. بعد انتظار قصير، دخلت في شجار دامي مع كورتية محسوبين على شركة معروفة في المحطة لنقل المسافرين، كاد أن يذبح فيها أحدهم على مرأى ومسمع من الجميع، لولا تدخل أحد عناصر الأمن التي حضرت بسرعة إلى عين المكان. تم اعتقال الجميع في ظرف وجيز واقتيادهم نحو الدائرة الأمنية الثامنة، ليعرض أمس الثلاثاء على أنظار وكيل الملك لدى المحكمة الابتدائية بالدارالبيضاء أفراد العصابة الأربعة ومعهم عنصرين من الكورتية، رفقة سيوفهم الثلاثة وهرواتين مع ما رافق ذلك من تصاريح متضاربة من الشهادات الطبية بأيام طويلة من العجز كما يحدث عادة بعد هذا النوع من المواجهات. يبدو المشهد سرياليا عند عرضه بهذا الشكل الهمجي للاعتداء. لكن لفهم كواليس الهجوم يجب العودة إلى صبيحة السبت الماضي، حيث شكل اعتداء آخر الإرهاصة الأولى للصراع. فكما أصبح عادة في المحطة الطرقية لولاد زيان، تم توقيف «كورتي» وهو بالمناسبة صاحب حافلات مسافرين سابق تعرض للإفلاس، من طرف عناصر منافسة من شركة نقل معروفة أخرى، وأوسعته ضربا مبرحا، بحجة أنه قام بتحويل وجهة مسافرين كانوا قادمين لحجز تذاكر في شبابيكها إلى شركة أخرى لا يحق لها ذلك حسب زعمهم. ولأن الكورتي يعتبر نفسه حق فقد قرر الانتقام ممن «سلخوه» بتلك الطريقة المهينة، ولم يتأت الانتقام سوى الاثنين الماضي كما أوردنا سابقا. مشاكل الكورتية وشركات السفر في المحطة زادت عن حدها في الآونة الأخيرة دون أن يوجد حل لمشكل المنافسة غير الشرعية والتي تخدم مصالح أشخاص معينين تحولوا إلى عرابين لعصابات تفعل ماتشاء دون أن تضرب بيد من حديد. اقتسام خيرات المحطة كانت قد دفعت هؤلاء لاستباحة الأحياء والشوارع المجاورة دون قانون. وهو ما دفع سكان حي التيسير المجاور إلى الدخول في سلسلة طويلة من أشكال الاحتجاج لإيجاد حل يبعد عنهم فوضى الحافلات، التي تترك محطتها الأساسية لتقف عشوائيا واعتباطيا أمام بيوتهم في خرق سافر للقانون، دون جدوى ودون أن تتمكن جهة أو سلطة أو مسؤول من وضع حد للفوضى المستمرة ولمعاناة الناس في حي التيسير اليومية.